الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يتعامل بالربا، فكيف أقنعه بحرمته؟ وهل نأكل من ماله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على ما تقدمونه من نفع للإسلام والمسلمين.

مشكلتي هي: أن والدي يتعامل بالربا منذ فترة قصيرة، وهو لا يعلم أنه يتعامل بالربا، وهو ربا النسيئة، فذات يوم أخبرته بأن عمله هذا فيه ربًا، ويجب عليه أن يترك هذا العمل، أو أن يتقابض، ويتخلص من الفوائد الربوية؛ لكنه رفض لكونه رَبِحَ كثيرًا؛ فحاولت معه أكثر من مرة، ولكن دون جدوى، فأخبرت إخوتي بأن يتحدثوا إليه، ولكن للأسف كل واحدٍ منهم يقول: لا شأن لي به، فما الحل؟ علمًا بأنه هو من يعول الأسرة.

وهل تقع عقوبة الربا على الأسرة جميعًا؟ فأنا أشعر بأني مشاركة معه في ذلك، رغم أني لا أريد ذلك، ودائمًا ما يضع أمواله عندي، ويطلب مني بأن أعمل له بعض الحسابات، ويشهد الله أني غير راضية، وأتألم من هذا الشيء، فأرجوكم ساعدوني.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة: فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يكثر من أمثالك، وأن يعيننا وإياك على طاعته، وأن يقر صلاحك بالوالد بعودته إلى الصواب، ورغم أنه لم تتضح لنا الصورة الكاملة للمعاملة، إلا أنه من الكلام أنك تعرفين ما هو ربا النسيئة، فإذا كان الحال كما ذكرت فإن الأمر خطير.

والربا هو الكبيرة التي قال الله فيها: { فأذنوا بحرب من الله ورسوله}, وما لأحد بحرب الله من طاقة، ونتمنى أن تواصلي النصح للوالد، وأن تجتهدي بالمجيء بفتاوى العلماء، أو بسؤال الدعاة الذين يقدرهم ويستمع إلى كلامهم، فإن بعض الآباء قد لا يسمع كلام بنته الصغرى، وقد لا يستمع كلام أبنائه أيضًا لكنه سوف يستمع باهتمام لفتاوى العلماء الكبار، والكرام، ولذلك ينبغي أن ننتبه لهذا الجانب.

كما أرجو أن تحاولي أن تقتربي من الوالد، وتجتهدي في بره والإحسان إليه، فإننا عندما ننصح الوالد، وننصح الوالدة، فإن هناك أسلوبًا لا بد أن نتبعه حتى ولو شدد علينا الوالد بعد النصح؛ فإنه ينبغي أن نلاطفه، وننسحب، ثم نقدم النصيحة بطريقة أخرى كما فعل خليل الله عليه صلوات ربنا الجليل عندما قال له أبوه: { لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا* قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}.

وأيضًا اللطف كان واضحًا في دعوته لأبيه: يا أبت يا أبت ... وهكذا ينبغي أن نكون في نصحنا لآبائنا وأمهاتنا، وأرجو أن تكوني مطواعة للوالد، وحريصة على كل أمر يرضيه، فإننا مطالبون بأن نحسن للآباء، ونحسن صحبتهم؛ لأن الله قال في من والده مشرك: { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما }، فلا نطيعهم إذا أمرونا بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن قال بعد ذلك: {وصاحبها في الدنيا معروفا}، فالمعاملة الحسنة، والصحبة الجيدة، والاهتمام بهم، والبر لهم، والإحسان إليهم، والشفقة عليهم، تستمر في كل الأحوال.

وإذا اتضحت هذه المسألة، وكان الوالد له مصادر أخرى للرزق؛ فخير لكم أن تأكلوا من المصادر الأخرى، ولكن إذا لم يكن له إلا هذا المصدر، فعند ذلك يأكل الإنسان بقدر ما يسد رمقه، وبقدر ما يحتاج إليه.

فأرجو أن تعطينا مزيدًا من التفاصيل حول هذه الحالة، وحول طريقة الربا التي يقع فيها، وحول هذه المسائل؛ حتى تكون الإجابة -إن شاء الله - واضحة وشاملة، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً