الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التزمت مؤخرًا فكيف أثبت على الالتزام، وما الأدعية التي يمكن أن أدعو بها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم جهدكم في هذا الموقع الذي أعانني - بعد الله - على الالتزام، وأسأل الله أن يثبتني وإياكم على دينه.

التزمت مؤخراً، وصاحب هذا الالتزام الاكتئاب المعهود، فلقد قرأت الكثير من الاستشارات الأخرى، ووجدت أنها حالة شائعة بين الملتزمين حديثاً - والحمد لله - استفدت من معظم الردود.

أما عن حالتي: فالمحيط الأسري لا يساعد لقلة التدين، وأنا أريد أن أثبت على الالتزام، ولكني لا أدري كيف!؟ هل أتجنب أسرتي أم ماذا أفعل؟ أصلي الصلاة، وأقرأ القرآن، وفي وقت النوم أشعر بحالة خمول دائمة، كرهت الدراسة، مع أن امتحاني بعد أقل من شهر.

الآن خفت هذه الحالة، وأصبحت أبكي أقل بكثير عن ذي قبل، ولكن حالة الخمول وعدم الطموح لعمل أي شيء لم تزل، فهل من نصائح في هذا الأمر؟

وأيضًا: أحاول أن أدعو ببعض الأدعية، ولكن لا أدري كيف، أو ماذا أقول؟! أي: هل يمكن أن أدعو في نفسي دون أن أتكلم أم علي التكلم؟ وهل يجب أن أكون جالسة أو يمكن أن أدعو راقدة؟

كلي يقين بالله، وأعلم فضل الدعاء، ولكن دائماً أتلعثم عندما أشرع به، أشيروا عليَّ أثابكم الله.

وأعتذر عن كثرة الأسئلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

نحن نهنئك أولاً بالتزامك، ونبشرك بأن هذا الالتزام سيكون سببًا جالبًا لكل خير - بإذن الله تعالى – وسببًا لسعادتك، فإن الحياة الطيبة وعد الله - تعالى - بها أهل الصلاح والإيمان، كما قال سبحانه وتعالى : {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} فالتدين - أيتها البنت الكريمة – سببٌ للسعادة لا العكس، وسبب لاطمئنان النفس وانشراح الصدر، وسبب للبهجة والفرح والسرور، مُوصل لك إلى كل خير في دنياك وفي آخرتك.

وهذا الشعور الذي تجدينه، إنما هو محاولة من الشيطان يحاول بها أن يصدك عن طريق الله – تعالى - ويُرجعك إلى ما كنت عليه قبل هذا الالتزام، فإنه لا يرضى أبدًا أن يراك قريبة من ربك.

فلا تنزعجي أبدًا لهذه الحالة التي أنت فيها الآن، وخذي بالأسباب التي تساعدك على الثبات والاستقامة.

ومن أهم هذه الأسباب: الصحبة الصالحة، حاولي أن تتعرفي على الفتيات الصالحات والنساء الطيبات في مجتمعك، وتجالسيهنَّ، حاولي أن تقضي أوقاتك في سماع شيء مما ينفعك من المواعظ والدروس ونحو ذلك، فإن النفس إذا شُغلت بالحق اشتغلت به وأراحتك من أمور كثيرة.

احذري – أيتها البنت الكريمة – من الكسل والخمول، فإنه سبب قاطع عن كل خير، واعلمي أن اجتهادك في دراستك سينفعك في مستقبلك، وإذا تذكرت هذا فإن هذا سيدعوك إلى المزيد من الجد والاجتهاد، والتدين لا يمنع أن يكون الإنسان ناجحًا مبرّزًا فيما هو فيه، بل ديننا يدعو إلى ذلك، فإن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها، فأصحاب الهمة العالية محبوبون عند الله - سبحانه وتعالى - فحاولي أن تنفعي نفسك بكل شيء مما فيه خير في دينك أو دنياك، فقد قال لنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

فاستعيني بالله، أي: أكثري من دعائه - سبحانه وتعالى - لك بالعون والتوفيق والسداد، وسليه - سبحانه وتعالى - سؤال اضطرار وصدق، ولن يردك - سبحانه وتعالى - خائبة.

أما الدعاء، فإنه العبادة كما قال عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو عبادة كثيرة الأجر مع سهولتها ويُسرها، فإنه لا يكلفك شيئًا غير أن ترفعي يديك إلى الله - سبحانه وتعالى - الكريم المنان، وتسأليه بلسانك ما تتمنين، وسيُقدر الله - تعالى - لك الخير بهذا الدعاء، فهو إما أن يُعطيك ما سألتِ، وإما أن يدّخر لك هذه الدعوات إلى يوم القيامة، فتغتبطين بها وتفرحين حين ترين ثوابها، وإما أن يدفع عنك من السوء والمكروه بقدر تلك الدعوات التي دعوت بها، فلن تعدمي خيرًا أبدًا من دعواتك، فاحرصي عليه وأكثري منه، وتحري أوقات الإجابة – أي الأوقات التي يَعظم فيها رجاء الإجابة – كالدعاء حال السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، والدعاء حال الصوم، ونحو ذلك من الأحوال والأوقات الفاضلة التي يعظم فيها رجاء إجابة الله - سبحانه وتعالى - دعاء عباده، وإن كان الله - عز وجل - يُجيب دعوة من دعاه في سائر الأوقات، فقد قال سبحانه وتعالى:{وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.

والدعاء يصلح على أي حال كان الداعي، سواء كان جالسًا مستقبل القبلة، أو كان على غير ذلك، وسواء كان متوضئًا أو غير ذلك، ولكن الأفضل له أن يكون متوضئًا مستقبلاً القبلة رافعًا يديه، ولا بد أن يلفظ بلسانه، فإن حديث النفس لا يؤاخذ الله تعالى به، ومن ثم لا يُعد كلامًا.

والدعاء - أيتها البنت الكريمة – كثير، ولكن هناك دعوات جامعة علّمنا إياها النبي - صلى الله عليه وسلم – تجمع خيري الدنيا والآخرة، ينبغي أن تُكثري الدعاء بها، وأفضلها {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ومنها ما علمنا النبي – عليه الصلاة والسلام – لعائشة حين قال لها: (ألا أدلك على جوامع الدعاء؟ قولي: اللهم إني أسألك الخير كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بكل من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليّها من قولٍ وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك محمد صلى اللهُ عليه وسلم، وأستعيذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته رشدًا) وعلّم فاطمة فقال: (اللهم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).

فهذه دعوات جامعة، وأدعية النبي – صلى الله عليه وسلم – كثيرة، واسألي الله - سبحانه وتعالى - ما في نفسك من الخير، فإنه - سبحانه وتعالى - سيُجيبك دعائك.

نسأل الله - سبحانه وتعالى - لك التوفيق والسداد، ومزيدًا من الصلاح، ونؤكد لك وصيتنا لك بالبحث عن النساء والفتيات الصالحات، فهنَّ خير من يعينك على الثبات والاستقامة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً