الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل مرض الفصام يصيب الأطفال؟ هل أعاني من انفصام الحاد؟

السؤال

السلام عليكم

بارك الله فيكِ، وجزاكِ الله خيرًا، ونشكركِ تواصلك مع إسلام ويب.

أعاني من مرض انفصام منذ طفولتي، منذ سنة تقريباً قرأت عن مرض الفصام وكل أعراضه أصبحت عندي، كانت حالاتي خفيفة في الطفولة، كان عمري ست سنوات عندما هجمت على المعلمة وقمت بضربها دون سبب لرغبتي فقط في ذلك، لكن الآن حالتي تزداد سوءا، أصبحت عندما أهجم على الناس يجب علي أن أصرخ صرخة قوية جداً وبعدها أبكي، ويظل هذا البكاء ليومين، أصبحت لا أرى الواقع كلياً، إذا ذهبت للمدرسة أضطر أن لا أفعل هذه الحركات مثل التوهم وغيرها من الهلاوس لكي لا يقولوا بي مس أو شيء آخر، لهذا أمسك نفسي لكن إن أمسكتها أحس بضيق فيجب أن أفعل هذه الأعمال لكن لا أفعلها.

لا أتحمل الناس مطلقاً ولا أستطيع الجلوس معهم لأني أحس بالملل، لا أستطيع القيام بواجباتي اليومية وهذا منذ كنت طفلة، عندما يجبرني أحد على فعل شيء مثل غسيل الأواني وغيرها أفعل لكن بعد أربعه أيام مثلاً، والصلاة وتنظيف غرفتي وغيرها لا أستطيع القيام بها، أرفض العلاج أحياناً وأحياناً أريده رغم أن أهلي يرفضون ذهابي إلى المستشفى، هل مرض الانفصام يصيب الأطفال؟ وهل ما لدي انفصام حاد؟ أحياناً أشك بنفسي وأقول هذا سحر، إذا استمريت دون علاج، ماذا سيحل بي؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حقيقة أشك كثيرًا أن الذي تعانين منه هو مرض الفصام، مرض الفصام له علامات ومؤشرات وأعراض، وهنالك طرق لتشخيصه، أرجو أن يُعاد النظر في هذا التشخيص، فأنا لا أرى مؤشرات قوية تدل على أنك تعانين من مرض الفصام، نعم لديك بعض المشاكل النفسية التي أرى أنها عصبية ووسواسية، وربما يكون هنالك نوع من الانفعال الهستيري – كما يسمونه – لكن لا أرى أنك تعانين من مرض الفصام، كما أن مرض الفصام لا يُصيب الأطفال، مرض الفصام غالبًا لا يُشخص أبدًا قبل عمر العشر سنوات، هذا نادر تمامًا.

أريدك أن تتنبهي لهذا الأمر، بل هذا خبر يجب أن يكون مفرحًا لك، وهذا التشخيص ليس تشخيصًا سهلاً، ولا نريد الناس –خاصة صغار السن– أن يلصقوا بأنفسهم تشخيصات تلازمهم طول حياتهم وتسبب لهم وصمة وعُقد نفسية كثيرة.

أنا لا أعرف هل هنالك طبيب مختص في الطب النفسي هو الذي قال لك أنك تعانين من مرض الفصام، بالطبع إذا كان التشخيص قد تم بواسطة طبيب نفسي مؤهل هذا شيء آخر، لأن الطبيب يكون قد فحصك ووضع أمور معينة أمام ناظريه وطبق المعايير التي تُطلب لتشخيص هذا المرض، وربما يكون هنالك أشياء لاحظها لم تذكريها أنت في رسالتك، لكن من خلال المعلومات المتاحة أقول لك أنك غالبًا تعانين من قلق نفسي عُصابي، مع وجود وساوس، وبعض الانفعالات الزائدة، وهذا يعالج من خلال المزيد من الاستبصار، وأن تعرفي أن هذه التصرفات ليست صحيحة، خاصة أنك -والحمد لله تعالى- مدركة لذلك، ويمكنك التحكم فيها، ومريض الفصام لا يستطيع أن يتحكم في معظم تصرفاته.

حقري هذا المسلك، واعرفي أنه ليس بمقبول اجتماعيًا، وفي ذات الوقت لا تكتمي أشياء في داخل نفسك، حاولي أن تعبري عمّا بذاتك، التعبير مهم جدًّا، لأن التعبير عن النفس وما فيها يسهل على الإنسان كثيرًا ويمنع الانفعالات، الأمر الآخر اجتهدي في دراستك، رتبي وقتك ترتيبًا صحيحًا، شاركي أسرتك في كل ما هو نافع وجيد، وعليك أن تبادري بأن تكون لك صداقات مع الصالحات من البنات، واذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، هنالك أشياء كثيرة جدًّا طيبة يمكن للإنسان أن يمارسها خاصة في مثل عمرك.

أريدك أيضًا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، هنالك تمارين التنفس المتدرج المصحوبة بتمارين قبض العضلات ثم إطلاقها، وموقعنا أعد استشارة مفصلة توضح كيف يمكن للإنسان أن يمارس هذه التمارين لوحده دون أن يذهب إلى مختص، ورقم هذه الاستشارة هي (2136015)، أرجو أن تنتفعي بها.

موضوع السحر نحن نؤمن به، لكن نؤمن أن الله خير حافظا، وإذا وجد السحر فإن الله سيُبطله، احرصي على صلاتك وعلى أذكارك وتلاوة القرآن، وكما ذكرت لك اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، وبعد ذلك لا تتركي أمر السحر في بالك أبدًا، أمره انتهى تمامًا، لا تشغلي نفسك بالأشياء التي تسبب لك انفعالات، كوني صبورة، وأعتقد أن مراجعتك للطبيب النفسي أيضًا سوف تكون مفيدة لك، وإذا كان الطبيب قد أكد لك أنك تعانين من مرض الفصام فكما ذكرت لك سلفًا هذا موضوع آخر، ويجب أن تتبعي التعليمات وتتناولي العلاج المطلوب، لكن من وجهة نظري والمعلومات المتاحة لا أعتقد أنك تعانين من هذا المرض.

بالنسبة لتأثير الفصام على الأطفال: هذا سوف أجيب عليه من ناحية عامة، وهو أن مرض الفصام تلعب الوراثة فيه دورًا، لكنه دور بسيطً، يعني أن الوراثة لا تؤثر تأثيرًا كبيرًا، وإذا كان الأبوان يعانيان من مرض الفصام –وهذا نادر بالطبع– فهنا يكون التأثير ظاهرا جدًّا على الذرية، وليس كل الأطفال بالطبع لكن بعضهم، أما إذا كان أحد الأبوين مصابا بمرض الفصام فهذا قد يؤثر لكن بنسبة صغيرة جدًّا.

ومريض الفصام إذا تزوج هذا يعني أن مرضه خفيف، لأن الفصام إذا كان شديدًا ومطبقًا يمنع الزواج، فما دام المريض قد تزوج فهذا يعني أن مرضه من النوع البسيط والخفيف، وهذا يكون أثره بسيطا أو معدوما تمامًا على الأطفال، والمهم بعد ذلك هو أن تكون العمليات التربوية وعمليات التنشئة صحيحة ومنضبطة، هذا يحمي الطفل -إن شاء الله تعالى– من هذا المرض ومن كل مكروه.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً