الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هلع من الموت وفقدان شهية حاد وغثيان وضربات قلب متسارعة

السؤال

أنا خائفة جدًّا من حالتي، فأنا أكتب لك الآن وقد مرت عليّ نوبة من قلق الموت، وبدأت بالتشهد, وكان الموت بين عيني، ثم انتهى.

منذ وفاة جدتي المفاجئة وأنا أعاني، فتقبلت وفاتها, وبينما أنا نائمة بالليل في اليوم الثالث استيقظت من التعب قرب صلاة الفجر على ضربات قلبي المتسارعة جدًّا؛ حتى أني خفت وكأني سأموت، وشعرت بالبرد, وكانت الضربات لا تتناقص، وأخذت أقرأ القرآن وأصلي وأنا خائفة من الموت إلى أن شعرت بالنعاس, فنمت بجانب أختي، وشعرت بالبرد, وبعدها ضمتني إليها, وإذا بي أتعرق بعد أن شعرت بالدفء، وفي الصباح ذهبت للطبيب فقال: قلبك لا بأس به، فهذا مجرد قلق.

بقيت على هذه الحالة التي تطورت إلى فقدان الشهية والوزن خلال خمسة أيام، ولم آكل إلا السوائل فقط, وكأن شيئًا ما يخنقني عندما آكل، مع الإسهال والقيء كل صباح, وكلما أكلت، مع برودة في جسمي, وسرعة ضربات القلب، واستمرت الحالة مدة 15يومًا إلى أن أصبحت نحيفة، وقاومت هذه الحالة, وعدت إلى العمل وانسجمت مع زميلاتي، وبعد ذلك قلّت هذه الأعراض تدريجيًا لكن بقيت عندي حالة فقدان الشهية وبرودة الأطراف، وأحيانًا أصاب بنوبة ذعر مفاجئة، وتبدأ ببرودة في أطرافي, وفجأة تصعد من رجليّ حرارة كبيرة؛ حتى أتعرق كثيرًا، فذهبت لراقٍ وارتحت قليلًا.

أصبحت ترافقني الآن رعشة في أطرافي السفلية, وكأن النمل يمشي في دمي وأطرافي، وأحس بنبض في قلبي وفي جميع أطرافي حتى بطني، فكل شيء يدق، وعندما أشعر بالقلق, أو أتشاجر مع خطيبي أحس بالغثيان والاختناق، ورعدة كبيرة في أطرافي, وجسمي كله كأني في وسط الثلج دون تدفئة.

أعاني كثيرًا ولا أنام جيدًا، وأستيقظ في منتصف الليل عدة مرات, ولا آكل جيدًا، سئمت هذه الحالة, وأريد أن أعود كما كنت، فقد أصبح قلبي قليل الاحتمال، وصرت أحس بالضيق والقلق، وأريد أن أعالج نفسي، وأريد أن أقاوم ما بي، وأن أرتاح، ذكرت ما بي لكني لم أذكر الكثير؛ لأني أشعر بالضيق، وأصابتني اليوم ضربات قلب متسارعة ثم خفّت كثيرًا، فما تشخيص حالتي؟ وما الذي أصابني؟ وهل من الممكن علاج حالتي بدون أدوية من فضلكم؟

عادت لي الحالة بعد أن غابت مدة، وأنا الآن لا أستطع الأكل, وأحس بالغثيان، والخوف من الموت والتبرز.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صبرينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

تعانين من قلق المخاوف، والذي بدأ معك بنوبة هرع أو هلع، ولا شك أن وفاة جدتك – عليها رحمة الله – كانت هي نقطة البداية التي ولّدت لديك هذه المخاوف، وأنت في الأصل لديك استعداد لقلق المخاوف هذا، وهذه الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها بإسهاب هي جزء أصيل من نوبة الخوف والقلق التي تعانين منها، والعلاج يتمثل في:

أولًا: يجب أن تكون لك قناعة قوية أنك بالفعل سليمة النفس والعقل والجسد، وهذا قد أكَّده لك الطبيب حين قمت بفحص قلبك وبقية أجزاء الجسم، ومن ناحيتي أقول لك - فيما يتعلق بسلامة النفس والعقل – : إن القلق في الأصل هو طاقة نفسية إيجابية؛ لأنها تدفع الإنسان نحو النجاح, ونحو الفعالية، ونحو أن يُدرك نفسه بصورة صحيحة، ويستفيد من طاقاته، لكن إذا زاد هذا القلق عمّا هو ضروري فإنه يتحول إلى قلق سلبي يؤدي إلى انفعالات سلبية وتوترات ومخاوف مثل الذي أصابك.

من أساليب العلاج المهمة جدًّا هي: صرف الانتباه، وصرف الانتباه يكون من خلال: تنظيم الوقت وإدارته بصورة صحيحة، وألا تتركي للمخاوف والقلق مجالًا، وأن تحقري فكرة الخوف دائمًا.

من الخطوات العلاجية المهمة أيضًا: تطبيق تمارين الاسترخاء والمحافظة عليها، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015) بها كيفية تطبيق هذه التمارين، فأرجو أن تداومي عليها وستفيدك كثيرًا - إن شاء الله تعالى-.

صحة نومك يمكن تحسينها كثيرًا من خلال: تجنب النوم النهاري، وألا تتناولي الشاي والقهوة في فترة المساء، وأن تثبتي وقت النوم، وأن تكوني حريصة على أذكار النوم، وقد ذكرنا لك أهمية تمارين الاسترخاء، ونود أن نضيف أيضًا أهمية ممارسة الرياضة، فاسعي في ممارسة أي نوع من الرياضة تناسب المرأة المسلمة، وهذا - إن شاء الله تعالى – سوف يكون فيه خير كثير لك.

كنت أود أن تستعملي أحد الأدوية البسيطة، فهنالك عقار يسمى (mianserien)، وهو متوفر في الجزائر, وجرعة هذا الدواء هي ثلاثون مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً، لكن يفضل أن تبدئي بخمسة عشر مليجرامًا – أي نصف حبة – تناوليها ليلًا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها ثلاثين مليجرامًا ليلًا لمدة شهرين، ثم خمسة عشر مليجرامًا ليلًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء, وذكرت لك العلاج بالرغم من تحفظك حوله، لكن أؤكد لك أن هذا الدواء سليم، ومن وجهة نظري فالجانب البيولوجي هو جانب أساسي جدًّا في حالات القلق والخوف، ولا يمكن احتواء هذا الجانب البيولوجي دون استعمال الدواء، وأعتقد أنك لو ذهبت وقابلت طبيبًا نفسيًا فهذا أيضًا سوف يزيد من قناعاتك بضرورة استعمال الدواء لفترة محدودة، مع الأخذ ببقية الأساليب العلاجية التي تحدثنا عنها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا جود

    نفس حالتي تعبت كثيراً ، جائتني هذه الحاله بعد وفاة طفل في العائله فجأه، في كل دقيقه أرى الموت

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً