الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شاب يريد خطبتي وأبي يرفض بسبب صغر سني!

السؤال

أشكركم على هذا الموقع الجميل بارك الله لكم فيه، وجعله في ميزان حسناتكم.

هذه قصتي مع هذا الشاب، أخو صديقتي يملك مكتبة وكثيرا ما أتردد عليها لقضاء ما أحتاج من لوازم مدرسية، الصديق الذي يعمل معه سنة ثانية دكتوراه ميكروإلكترونيك، وأستاذ جامعي في نفس الوقت، في يوم من الأيام واجهت مشكلة في حل أحد الواجبات ولم أجد من يساعدني في ذلك؛ فأخبرتني صديقتي أن الصديق الذي يعمل مع أخيها سنة ثانية دكتوراه ميكروإلكترونيك وأستاذ جامعي في نفس الوقت، فذهبت إليه وسألته وأجابني -والحمد لله- ثم أعطاني دروسا أخرى تعينني، وأعطاني دروسا دينية جدا رائعة، كما أنه ترك لي موقعه على الفيس بوك كي لا أضطر للتكلم معه لفترة طويلة وجها لوجه، وأن سؤالي له على الفيس بوك سيكون أحسن.

لكن حدث ما لم أكن أتوقعه، ففي يوم من الأيام بعث لي برسالة أخبرني فيها أنه يريد التقدم لخطبتي لالتزامي بحجابي ولما رآه مني من حسن خلق ودين، ولكنني أخبرته أني لا زلت أدرس، فقال: إن وافقت سأبعث أمي لتطلبك بصفة شرعية، ثم سأنتظرك أربع سنوات، وهو الوقت الكافي لكي يصل كلانا لما يطمح إليه من شهادات، بعد ذلك أخبرته أن الأمر ليس بيدي بل بيد والدي؛ فإن وافق فأنا أيضا موافقة.

أخبرت أمي بالأمر سرت كثيرا في البداية، وأخذت تقنعني بالشاب وبأنها فرصة لا تعوض، لكن أمي فيما بعد خشيت إخبار أبي بالأمر وقالت: إنها تعرف إجابته وهي: أني لا زلت صغيرة ولن يقبل بأحد حتى يضمن لي مستقبلي، وبعد شهرين أخبرت والدي وكانت إجابته حقا كما قالت، كما أنها هي أيضا غيرت رأيها.

بعد إخباره قالت لي: ابعثي له رسالة وأخبريه بما قاله أبوك (أبي لم يرفضه شخصيا، بل رفضه بسبب صغر سني, وعدم إكمال دراستي وطول مدة الخطوبة؛ فهو يخشى أن يغير الشاب رأيه وأبي لا يريد أن يشوه سمعتي، أستطيع أن أنقصها إلى عامين -أي الحصول على الليسانس فقط- وأكمل الماستر بعدها بإذن الله؛ فقط لكي لا أضيع هذه الفرصة، وهو يوافق على هذا وأخبرني أنه سيساعدني في ذلك).

أخبرتها بأن الرد لا يكون هكذا مباشرة؛ لأنني أخاف أن أكون آثمة لرفضه بسبب الدراسة، ورسولنا الكريم يقول: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي وغيره، وأخبرتها مع كامل احترامي لرأيها أنني سأبعث استشارة لموقعكم.

هو يبعث لي من حين لآخر رسائل يسأل فيها عني وعن أحوال دراستي وعن عائلتي، كما يرسل لي معلومات وكتبا قيمة جدا، جعل الله هذا في ميزان حسناته، وأنا أخبر أمي بكل ما يدور بيننا، كما أنه يسألني أحيانا عما إن كانت هناك مستجدات في الموضوع أم لا، فهو يريد أن يطمئن بإرسال أمه بعد أن أصبح يعمل بمركز من مراكز بحث بلدنا لكن بولاية أخرى.

عمر الشاب 29 سنة، وقد قال: إنه لن يختار غيري مهما كانت الإجابة بالرفض فسيصبر، ينتظر الوقت المناسب لإعادة المحاولة فهو أصلا لا يريد الزواج الآن بي أو بغيري، استخرت الله مرات عدة وكل أحلامي كانت مبشرة، كما أنني أحس بطمأنينة تجاه هذا الإنسان واحترمه كثيرا، وهو كذلك ولم أر منه إلا الخير.

أرجوكم أخبروني ماذا أفعل أخشى إن أضعت هذا الشاب ألا أجد مثله بعد إكمال دراستي، ومع ذلك أضع كل أموري بيد الله سبحانه يقدر كما يشاء.

أخيرا بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا، ودمتم في رعاية الله وحفظه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ LYNA حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تطبيق ما تستمعين إليه من توجيهات هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

ونتمنى من الشاب أن يكرر المحاولات، وأن يتوجه إلى رب الأرض والسموات، وأن يُدخل وساطات حتى يحول هذه العلاقة إلى علاقة رسمية وشرعية، وإذا كان هذا الشاب حريصًا على أن يكون معك وحريصًا على أن تكوني معه، فإنا نقترح عليكم قطع هذه العلاقة، وإيقافها حتى توضع في إطارها الشرعي الصحيح.

ورغم أن العلاقة نظيفة إلا أننا لا نضمن الاستمرار على هذه النظافة، وعلى كل حال فإن الإنسان ينبغي أن يحتاط لنفسه، ونحن نخشى أيضًا أن يعرف الوالد أن بينكما مثل هذا النوع من العلاقة، فيزداد عنده العناد ويزداد عنده الرفض، ونتمنى إذا كان هناك تواصل أن يكون بينك وبين والدته حتى نضمن فقط أن تكوني له وأن يكون لك في مستقبل الأيام، وإذا كان رفض الوالد فقط لأنك صغيرة ولأنه يريد منك إكمال مشوار الدراسة، فهذا لا نؤيده؛ لأن الزواج والارتباط لا يمنع الإكمال، ولكن ربما نوافق الوالد في وجهة نظره، من أن طول فترة الخطبة ليس من مصلحة الفتاة؛ لأنها تجلب للطرفين الأتعاب، وتضيع على الفتاة كثيرا من الفرص، وتضيع عليه هو أيضًا كثيرًا من الفرص، وهي ليست في مصلحة أحد؛ لأن الإسلام يريد من الشاب إذا اقتنع بدين الفتاة ورضيتْ به ورضي دينها وخلقها، الإسلام يريد بعد ذلك أن نستكمل المراسيم وبسرعة، فهو لا يؤيد هذه الإطالة، ولا يؤيد المراسلات والمكالمات، مع إعجابنا الشديد بحرص الشاب على الخير وحرصك على الخير، وبحرصه على ألا يكون التواصل مباشرا، وبهذه المعاني كانت جميلة ورائعة، ولأجل هذا فإنا نطالبكم بمزيد من التمسك بآداب هذا الشرع الحنيف.

وطالما كان الشاب له مشروع في الحياة وهو ينوي أن ينتظرك، فإن عليك أن تكملي دراستك، وتشغلي نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، ثم عليه أن يتقدم إلى أهلك في الوقت المناسب، ونتمنى ألا يأتي وحده، إنما يأتي بأهله وبالوجهاء والفضلاء، يُدخل الوساطات كما قلنا بعد أن يتوجه إلى رب الأرض والسموات، فإن هذا يعين الأهل دائمًا على قبول الخاطب الذي يأتيهم بهذه الطريقة.

نسأل الله أن يقدر لك وله الخير حيث كان ثم يرضيكم به، وأن يجمع بينكم على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر nassima

    اتمنى لك من كل قلبي التوفيق معه و اسال الله ان يجعلك من نصيبه لانه يستحق ان تحاولي من اجله و لا تخسريه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً