الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخجل الشديد، ولا أستطيع الحديث مع أحد!

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من الخجل لدرجة أني لا أستطيع أن أسلم عند دخولي محلا، ‏أو حتى بيت‏ ‏أقاربنا،‏ أو عند التعامل مع البائع، فإن ‏أمي هي التي‏ ‏تتعامل‏ ‏مع‏ ‏البائع‏، بينما ‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أقول‏ ‏شيئا، وعند جلوسي مع صديقاًتي لا أتكلم، وإنما أكتفي فقط بالاستماع لهن، وأظل أفكر في شيء أقوله حتى ينتهي الحديث، أرجو مساعدتي.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يبدو من خلال سؤالك أن ما عندك هي حالة من الخجل أو الارتباك الاجتماعي، ولاشك أن لهذا علاقة وثيقة مع الطريقة التي عوملت بها في طفولتك من قبل أسرتك وإخوتك، ومع تجارب الحياة التي مررت بها، وليس مجرد ضعف أو خلل في الشخصية أو ما شابه ذلك، فتجارب الحياة هي التي أوصلتك لهذه الحال، حيث تشعرين بالخجل أو الانطوائية وقلة كلامك مع الناس، ولكن هل يستطيع الإنسان تجاوز تجارب الطفولة؟

الجواب نعم، ليس بالسهل أحيانا، إلا أنه ممكن، وقد يصل الخجل الاجتماعي لحد الرهاب والخوف غير الطبيعي، والتصحيح الأكثر فاعلية هو: العلاج السلوكي، والذي يقوم على إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية:

فبدل تجنب الكلام مع الناس وإلقاء السلام عليهم، أو تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإن العلاج يقوم على التعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" الشخص من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا. ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.

ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يحتاج للذهاب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، ومحاولة تغيير الأمر الذي اعتدت عليه، فمثلا أن تلقي السلام إذا دخلت على الناس، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا. وسترين وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشيه من بعض المواقف في مواجهة الناس واللسلام عليهم ليست مخيفة كما كنت تعتقدين.

وأنصحك أيضا بقراءة كتاب عن حالات الخجل والرهاب، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك، وهناك على هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بهذا الموضوع، مما يشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات، وإن كان معظم الناس يتجنبون الحديث في هذا الموضوع.

وستلاحظين وبعد تشجيع نفسك، واقتحام لقاءات الناس، والجرأة في الحديث معهم في واقع الحياة، سواء كان هذا في محل تجاري، أو جلسة أسرية، ستلاحظين أنك أقوى شخصية مما كنت تتصورين، فابدئي بهدوء وبالتدريج، فمثلا مع أول اجتماع لك بالناس حاولي إلقاء التحية عليهم، وستلاحظين أن الأمر أبسط بكثير مما تتوقعين.

الأمر الآخر: اطمئني؛ فأنت ما زلت في هذا العمر الصغير، وستكبرين وتتجاوزين هذا الأمر، وأدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس sarra

    doctora mrci

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً