الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لأتخلص من الوسواس القهري أبحث عن أي علاج!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أعرفكم عن المرض النفسي الذي أصابني مؤخرا وأوقفني عن متابعة نشاطاتي اليومية بالكيفية المعتادة، ألا وهو الوسواس القهري.

بدأت رحلتي معه قبل 6 أشهر, لا أدري هناك من يقول لي إنه مجرد اكتئاب متزامن مع الوسواس, ولازمك في سن الرشد للتطورات التي تحصل في سن كهذا, والبعض يقول من عاداتي الغذائية الخاطئة لأنني قمت قبل مرضي ب 6 أشهر كذلك بحمية غذائية حادة دامت 4 أشهر، وآخرون يقولون إنها مجرد مرحلة وستمر.

كل يردد حسب خبرته بالموضوع، وأما أنا فتائهة أمام هذه الأساطير التي لم تفدني ألبتة، وللعلم أن وساوسي تتعلق بالعنف والاعتداء بالضرب, او بالخنق لأقرب الناس، وهذه الوساوس غالبا ما تجعلني لا أطيق نفسي.

عندي رغبة في الزوال تماما من الحياة قبل أن أقترف أمرا شنيعا كذلك، ولم تعد تبدو لي الحياة جميلة ولا مهمة، شيء واحد لم يتغير في بعد المرض هو الفضول، رغبة مني في معرفة أي شيء.

لقد ذهبت قبل أشهر إلى طبيب نفسي, ولا داعي أن أخبركم عن حال معظم الأطباء النفسين الذين لا يحملون سوى لقب (طبيب نفسي) عندما تتردد عندهم يعاملونك كأنك مجنون، مريض، تجهل عن الحياة الكثير.. لا علينا، لقد شخص حالي على أساس اكتئاب, وأعطاني دواء (بروزاك)، الدواء الذي كان أملي فيه كبيرا للغاية، الدواء الذي يتحدث الجميع بفعاليته.

تناولته لمدة 6 أشهر, ولكن بشكل متقطع، يمكنني أن أسمي هذا الدواء بالمخدر، لما بدأت في تناوله لم تفارقني الرغبة في النوم والكسل والابتعاد عن أي نشاط، لن أقول إنه سيء لأنني تحسنت بعد تناوله، لكنه سرعان ما سبب لي الآلام في المرئ, والرغبة في القيء والإسهال، بالإضافة إلى الاضطرابات اللعينة في النوم.

تعبت من آثاره الجانبية وتركته، وحلفت يمينا على أن لا أعود إلى أي دواء مثله.

بعض الناس يقولون إنها وساوس شيطانية, استعيذي بالله، استعذت واستعذت لأقطع الشك باليقين أن هذا المرض ليس له علاقة مع الشيطان، فقد قدم رمضان، والأفكار تتقدم, وأنا أقاوم، تتبارى معي وأنا أكافح، تخنقني وأنا أتشهد، هنا لا داعي لقول إن هذا النوع من الوساوس من الشيطان؛ لأن الشيطان مقيد في رمضان، لا تقولوا إيمانك ضعيف، فأنا أرفض بشدة هذا الاتهام فالله أعلم بما في القلوب.

لا تقولوا داومي على القرآن والأذكار، فأنا مداومة عليها منذ نعومة أظفاري، كل ما أريده هو وميض أمل، نابع من خبرتكم الطويلة في علم النفس، فأنا شاهدت معظم الأشرطة المتعلقة بالمرض, وكذا معظم الكتب.

أرجو أن تنصحوني بأمر مفيد لعل الله أنار لي الطريق إلى الموقع لأجد ضالتي فيه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأنا أتفق معك أن الذي تعانين منه هو نوع من الوساوس القهرية، ولا شك أنها وساوس قبيحة ومزعجة لأن محتواها مخيف بعض الشيء.

الذي أود أن أؤكده لك أن وساوس التعانف لا يتبعها صاحبها، وهذا شيء جيد, هذا أولاً.

ثانيًا: الوساوس الفكرية عامة تُعالج بصورة جيدة عن طريق الأدوية مع تحقير الفكرة وصرف الانتباه عنها.

بالرغم من مشاعرك السلبية حول الأطباء النفسانيين لكن أعتقد أن حالتك أيضًا تحتاج لشيء من المتابعة مع أحد الأطباء الذين يمكن الثقة بهم، اسألي وابحثي وأنا على ثقة تامة أنك سوف تجدين الطبيب المناسب.

من ناحيتي أقول لك أن العلاجات الدوائية في حالتك مطلوبة بل هي مرغوبة، ومن قال لك أن لديك وساوس متزامنة مع اكتئاب نفسي هذا القول صحيح، لأن الوساوس القهرية ذات المحتوى العنيف نستطيع أن نقول أن سبعين بالمائة من هذه الحالات يكون مصحوبًا بدرجة من الاكتئاب الثانوي، وقطعًا موضوع العادات الغذائية الخاطئة ربما يكون عاملاً مساعدًا أو معجلاً لظهور الحالة، لكن لا نستطيع أن نقول أنه السبب.

فالذين حاولوا واجتهدوا وفسّروا حالتك أعتقد أن مساهماتهم إيجابية، والمهم في نهاية الأمر أن تعرفي أن هذه الحالات هي حالات عابرة -إن شاء الله تعالى– لكن يفضل أن تُعالج وتعالج بحزم شديد، ولذا أنا أدعوك مرة أخرى للذهاب إلى الطبيب، وتناول دواء، وأنا أعتقد أن عقار (زولفت) والذي يعرف أيضًا تجاريًا باسم (لسترال) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) سيكون هو الدواء الأنسب بالنسبة لك، نعم البروزاك دواء فعال وجميل، لكنه في بعض الأحيان يؤدي إلى نوع من الاستثارة أو التوهج العصبي الذي يجعل الإنسان قلقًا بعض الشيء وخاصة مع الأفكار الوسواسية العنيفة قد لا يكون دواءً مستحسنًا، هذا قطعًا مع احترامي الشديد للطبيب الذي وصفه لك.

عمومًا الخيارات كثيرة، كما ذكرت لك أنا أرى أن السيرترالين دواء مناسبًا ومناسبًا جدًّا، والجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً، استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلاً لمدة شهر، ثم ارفعي الجرعة حبتين ليلاً، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

في بعض الأحيان سيكون من المفيد أيضًا أن يُدعم السيرترالين بعقار (فلوناكسول) والذي يعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) والجرعة صغيرة جدًّا، هي نصف مليجراما، يتم تناولها يوميًا في الصباح لمدة شهرين فقط.

إذًا الأمور واضحة، وأريدك أن تكوني أكثر تفاؤلاً، وأنا أقول لك على عكس ما قيل لك: إيمانك -إن شاء الله تعالى– ليس ضعيفًا أبدًا، لأن الوساوس تأتي لجميع الناس، وحتى الصحابة -رضوان الله عليهم– اشتكوا من هذا الوسواس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم– فالقضية لا علاقة لها بموضوع الإيمان، هذا مرض مثل كل الأمراض يُصيب البر والفاجر، والمسلم والمؤمن قطعًا بدافعيته الإيمانية يستطيع أن يحاصر هذا المرض، بشرط أن يأخذ بالأسباب العلاجية الأخرى، ومنها تناول الدواء والمتابعة مع الطبيب، وصرف الانتباه والانتهاء تمامًا عن تلك الوساوس.

أسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً