الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغلب على صعوبات التكيف سواء دراسياً أو اجتماعياً؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخواني في الإسلام، جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع، وبارك الله فيكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عاماً، ما زلت أدرس في الجامعة، ففي كل مرة يستصعب علي تخصص أغيره، أو أقوم بالتحويل إلى جامعة أخرى، وهكذا إلى أن أدركت أن المشكلة تكمن فيّ، فأنا لا أستطيع التركيز، ولا لمدة نصف ساعة حتى لو كنت أحب المادة التي أدرسها، -والحمد لله- فأنا أصلي، وأقرأ القرآن الكريم، وأحب الدروس الإسلامية والاستماع إليها، وعلاقتي بالأهل والصديقات طيبة، ولا أجد مشاكل، مشكلتي من هذه الناحية هي دائماً أحس بالانعزال، وأنني غير متأقلمة مع الآخرين، ولا أحب الخروج من غرفتي، أو أكون في حوار أو مناقشة، أو حتى دردشة مع الآخرين.

وثانياً: منذ كنت في الإعدادية وأنا ينتابني القلق الشديد والانعزال، وأضيف إليه الآن الندم الشديد الذي يحبطني لأني غير موفقة في الدراسة، والأموال التي صرفها وما زال يصرفها أبي لكي أكمل وأتخرج، ما يمر بي من صغير أو كبير يقلقني، وفي بعض الأحيان لا أنام لبضعة أيام، وأحياناً لا أتناول طعاماً لأكثر من 24 ساعة، وذلك لتفكيري الكثير وقلقي المتواصل، بدأت بالرياضة المناسبة، وكذلك الاختلاط بالصديقات، ومحاولة تغيير المكان.

القلق والتفكير الكثير، والمزاج المعكر في كل الوقت، أصبح أكثر من اللزوم، لا أطيقه، وأصبحت لا أثق في من حولي، وخصوصًا الجنس الآخر، وذلك بعد خطوبتين فشلت وتسببت لي بجرح عميق، قضيت بسببه ثلاثة شهور في غرفتي، لا أتحدث ولا أختلط حتى مع أهلي، وكان ذلك بغير إرادتي، ولا أستطيع التذكر لماذا، أصبحت حزينة لمرور السنين من غير شهادة، ولا شريك لحياتي، مع علمي أنه كله مقدر ومكتوب، -والحمد لله- دائماً ولا اعتراض، لكن ما زال يؤثر فيّ، فقد انصدمت من تلك الخطوبتين، ولم يكترثوا حتى للاعتذار.

أصبحت أنسى كثيراً حتى أهم الأشياء، لا أركز حتى حين أؤدي أبسط الواجبات المنزلية، وفي كثير من الأحيان لا أحس بطعم الحياة، كل شيء أصبح أسود مقلقاً، وحتى لو كنت في وسط زواج وفرح أو مناسبة سعيدة، ما زال الإحساس هذا يتحكم بي، للأسف الشديد لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي لأعرف ما هي المشكلة، وذلك لظروفي المادية، فهناك غيري أيضاً في الجامعة، أرجو منكم إرشادي ونصحي، لعلي أستطيع التغير مما أنا فيه، لأنه أصبح يخنقني ويؤرقني.

جزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على شكر للموقع، وعلى التواصل معنا.

بالنسبة للدراسة، فإن مما يقال: "فساد الأمر أن تتردد"، فلا يفيد أبداً التنقل من دراسة لأخرى، أو من فرع لآخر، والأولى اعتماد دراسة وفرع معيّن، والتصميم على إكماله مهما كانت الظروف والتحديات، طالما كان هذا هو الفرع الذي ترغبين في دراسته، ومن الطبيعي بين الحين والآخر أن تواجهك بعض الصعوبات في دراستك، و"الهروب" لدراسة أخرى هو أسهل السبل، إلا أنه ليس بأفضل الحلول، فاثبتي على ما أنت عليه.

هل صعوبات التكيّف والاختلاط بالآخرين سببه أنك تعيشين في أمريكا؟ وهل هذه الصعوبة تعكس صعوبة الاندماج في المجتمع الأمريكي؟ وخاصة في الظروف الصعبة التي يعيشها بعض المسلمين في أمريكا، من خلال الموقف السلبي لبعض الأمريكان من الإسلام والمسلمين؟ فإذا كان كذلك، فربما يفيد إعادة النظر في كيفية هذا التكيّف، وخاصة عن طريق الاحتكاك بصديقاتك المسلمات، مما يخفف عنك الشعور بالعزلة، وقلة التواصل مع المجتمع من حولك، وربما المساجد والمراكز الإسلامية في مدينتك، أو الولاية التي تعيشين هي خير مكان للتخفيف من هذه العزلة الاجتماعية، ومما يعزز عندك ثقتك بنفسك، وبالتالي زيادة القدرة على الاحتكاك بالمجتمع.

وبالنسبة لبعض الأفكار والمشاعر السلبية بعد خطبتين غير ناجحتين، فمن الطبيعي أن تنشأ عندك بعض هذه الأفكار والمشاعر السلبية، ومن الطبيعي في كثير من الأحيان أن يأخذ الإنسان المعنيّ بالأمور تفسيراً شخصياً، فيشعر بالرفض وعدم القبول من قبل الآخرين، ولكن من يدري أن الله تعالى قد صرف عنك شراً ليس من مصلحتك، وأنه تعالى يخبئ لك شيئاً أفضل منه، وخاصة أنه يبدو أنك تسلمين في النهاية بقضاء الله واختياره لك، فأنت تريدين والله يريد، والله يفعل ما يريد، ومن الطبيعي أيضاً عند الكثير من الفتيات أن يشعرن بعدم الراحة، أو قلة الثقة عند التعامل مع الجنس الآخر، والشيء نفسه بالنسبة للشباب وتعاملهم من الفتيات، وهذا سيستمر حتى تتمكني من امتلاك المهارات الاجتماعية المختلفة، وحتى تزداد ثقتك بنفسك.

حاولي أن تنشطي من حياتك من خلال الأنشطة، والفعاليات المتوازنة بين العبادات من صلاة وقرآن، وبين التغذية المناسبة، وعدم تكرار مرور الأيام دون طعام، وبين ساعات النوم المناسبة، وكذلك الأنشطة الرياضية المختلفة، ومن الأمور التي ستساعدك، وهي غير متوفرة عند الكثيرين، علاقاتك الطيبة مع الله ومع أسرتك والصديقات.

وفقك الله وكتب لك النجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً