الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مبتلى بالوسوسة وكثرة الغازات.. ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اسمي عمر، طالب جامعي، عمري 18 سنة، ومشكلتي دائماً تزعجني وتؤرقني، وهي الوسوسة، (وسوسة الشيطان) في أمور كثيرة، وهي:

1- دائما الشيطان يوسوس لي ويذكرني بمعاص وكبائر ارتكبتها وأنا صغير في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وهذه تؤرقني وتحزنني مع أني تبت إلى الله الآن، وهذه هي مشكلتي الكبيرة، ودائما أحاول أن أنسى، ولكن لا أستطيع.

2- الوسوسة في الطهارة (وخصوصاً عند الوضوء والاغتسال من الجنابة، والتطهر من البول - أكرمكم الله -).

3- الوسوسة في الصلاة، ودائماً تأتيني وساوس بأني قد نسيت ركعة أو سجود، أو لم أقرأ سورة الفاتحة، وهكذا.

أرجو منكم -جزاكم الله خيراً- أن تنصحوني، فقد تعبت كثيراً، وأثر ذلك على دراستي.

أنا مبتلى بالوسوسة، وأيضاً بكثرة الغازات, وهاتان المشكلتان أعاني منهما بشدة، خصوصاً في أوقات الصلوات، فدائماً تأتيني وساوس بأني قد نقضت الوضوء، وهكذا، وأحياناً لا أعلم إذا كانت قد خرجت مني غازات أو لا, وأحياناً أعيد الوضوء والصلاة.

في بعض الأحيان أشك بأنه قد خرجت مني بعض الغازات وتبدأ الوساوس، ولا أعلم ماذا أفعل هل أعيد الوضوء أم لا؟ لأنّ الغازات عندي بصورة غير طبيعية وكثيرة.

وتقريباً في جميع الصلوات تأتيني الغازات, وأضغط على نفسي كثيراً لكي أحافظ على الوضوء.

وأحياناً تخرج مني بعض الغازات فجأة، أو عندما أتحرك في الصلاة كالسجود والركوع، أو عندما تصبح فوق طاقتي، ولا أستطيع أن أضغط على نفسي أكثر.

أرجو منكم - جزاكم الله خيراً - أن تنصحوني، وتساعدوني، فقد تعبت كثيراً من هذه المشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيهَا الولد في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُذهب عنك ما تجد من آثار الوساوس.

ونصيحتنا لك - أيها الحبيب - أن تجاهد نفسك للتغلب على هذه الوسوسة والتخلص منها، وأنفع علاج يعينك على التخلص منها أن تُعرض عنها إعراضًا كُليًّا، فلا تسترسل معها، ولا تعمل بمقتضاها، ومن رحمة الله تعالى بنا أن أقام شرعه على البناء على اليقين، وأن ما تيقناه لا يزول بمجرد الشك، وهذا من رحمة الله تعالى بنا جميعًا، كما أن من رحمته سبحانه وتعالى أن يخفف في شرعه عمن ابتلي بحرج وضيق، ومن ذلك ما قاله العلماء في شأن من ابتلي بالوساوس، فإن الله يُرخص له ما لا يُرخص لغيره.

وإذا علمت هذا فما عليك إلا أن تحمل نفسك على العمل بالهدي النبوي في هذا الباب، وهو الإعراض عن الوسوسة، وعدم الالتفات إلى ما تقتضيه وتدعوك إليه، فكلما شككت فيه فأعرض عنه، واعتبره في حكم العدم، فإذا جاءك الشيطان يوسوس إليك بأنك قد أحدثت، أو أنه قد خرج منك شيء فلا تلتفت لذلك، وإذا حاول أن يوهمك بأنك تركت شيئًا من صلاتك فلا تلتفت إلى ذلك، وقل في نفسك: إنك قد فعلت، فإذا رأى منك الإصرار على هذا والاستمرار عليه فإنه سييأس منك وسينصرف عنك - بإذن الله تعالى- عن قريب.

كل ما قرأناه - أيها الحبيب - في استشارتك نرى أنه من آثار هذه الوسوسة، وهذا هو العلاج الناجع لها - بإذن الله تعالى - وقد جربه كثير من الموفقين قبلك في قديم الزمن وفي الحديث، فانتفعوا بذلك انتفاعًا عظيمًا، ونحن على ثقة - إن شاء الله تعالى - من أنك إذا سلكت هذا الطريق ستنتفع أيضًا.

فإذا توضأت فلا تلتفت إلى ما سيوسوس به الشيطان من أنك قد أحدثت، حتى تتيقن يقينًا جازمًا كرؤيتك للشمس في وسط النهار بأنه قد خرج منك شيء، فحينها تتوضأ.

وكذلك إذا أوهمك بأنك لم تفعل شيئًا من صلاتك فلا تلتفت إليه، وامض على صلاتك، فإنك إذا فعلت ذلك أرغمته وأحزنته وأرضيتَ ربك سبحانه وتعالى، فالله عز وجل يريد منك أن تتجنب خطوات الشيطان، وألا تتابعه عليها، فهذا هو الذي يرضاه منك ويطلبه، لا أن تتابع الشيطان بدعوى الاحتياط للدين والخوف على الصلاة والطهارة ونحو ذلك مما يحاول الشيطان أن يزينه لك، فإنما يريد بذلك أن يوقعك في الحرج والعنت والمشقة، فلا تلتفت إليه.

وأما ما ذكرتَ من ذنوبك التي فعلتها حال صغرك، فإن كنت فعلتها قبل البلوغ، فإنك لا تأثم عليها، فإن القلم مرفوع عن الصبي حتى يحتلم - أي حتى يبلغ - فلا تحزن على فعلك لشيء من الذنوب والمعاصي قبل بلوغك، وكذلك لا تحزن إن كنت فعلتها بعد البلوغ، فإن الله عز وجل يمحوها عنك مهما كانت عظيمة بالتوبة، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، فليس ثم ذنب أعظم وأكبر من أن تمحوها التوبة، فالتوبة يمحو الله عز وجل بها كل الذنوب مهما كانت عظيمة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) بل وعد الله سبحانه وتعالى بأن يبدِّل سيئات التائبين حسنات.

فأبشر برحمة الله تعالى وفضله، تب من ذنوبك، والتوبة سهلة يسيرة إذا يسرها الله تعالى لك، بأن تندم على فعلها، وتعزم على عدم الرجوع إليها في المستقبل، مع ترك هذه الذنوب في الحال، فإذا فعلت ذلك قبل الله عز وجل منك توبتك، وإذا كانت هناك حقوق للآدميين، فيتعين عليك أن تُعيد هذه الحقوق لأصحابها إذا قدرت.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يأخذ بيدك لكل خير، وأن يدفع عنك كل شر ومكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً