الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع تناسي الحوادث والآلام السابقة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي سؤال: من بعد الحوادث أصبح لدي خوف وتفكير بالحوادث، فكيف أتخلص من الخوف؟ وأريد أن أكون جريئة، وأريد التخلص من الخجل أيضاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال، وعلى فكرة.. فما جرى معك ليس معك وحدك في هذا، فهذا يحدث مع كثيرين ممن يصاب بحادث أو صدمة نفسية، ولكن يمكنك هنا أن تخرجي من كل ما جرى، كما يفعل غيرك من الشباب والشابات، اخرجي من هذه المرحلة وأنت أقوى عوداً، وأكثر نضجاً، وأكثر واقعية.

الأعراض الذي وردت في سؤالك من الخوف والتفكير بالحادث، إنما هي أعراض ما نسميه "الإجهاد النفسي عقب الصدمات" وهي حالة نفسية يتعرض لها الكثيرون ممن يتعرضون للصدمات النفسية العنيفة، سواء تعرض مباشر أو غير مباشر، كحوادث السيارات، أو الكوارث الطبيعية، أو الحروب والنزاعات، حيث يمكن أن تظهر عند هذا الإنسان مجموعة أعراض، من أهمها:

أولاً: إعادة عيش الحدث الصادم مرات ومرات، وكأن الحدث المؤلم يحدث من جديد، وإن لم يحصل هذا من خلال أحلام اليقظة فإنه يمكن أن يحدث في الأحلام والكوابيس.

ثانياً: تجنب كل ما له علاقة بالحدث أو ما يذكّر به من أماكن وأشخاص وأحاديث، وكأن الإنسان يريد أن ينسى كل ما حدث.

ثالثاً: فرط التنبه والإثارة والحركة، وكأن الإنسان يترقب حدوث ما يؤلم أو يزعج، وهو في حالة ترقب وتنبه مستمرّين.

ومما يعين على تجاوز كل هذا:

أولاً: الوعي بما يجري، وبأنها أعراض كنتيجة إنسانية طبيعية نفسية لحدث غير طبيعي، وليس العكس، فالحدث غير طبيعي، بينما المشاعر والنتائج النفسية هي الطبيعية.

ثانياً: الرفق بالنفس وتقدير صعوبة ما جرى، وعدم اعتباره ضعفاً في الشخصية أو قلة إيمان، وإنما هي ردة فعل إنسانية طبيعية للمناظر والأخبار المؤلمة التي مررت بها، كالحادث.

ثالثاً: العمل ببطء على مساعدة النفس على التكيّف مع كل هذه الأحداث، والقيام ببعض الأنشطة المريحة والتي تساعد على الاسترخاء، ولاشك أن العبادات من الصلاة وتلاوة القرآن على رأسها، ومن ثم بعض الأنشطة كالرياضة والرسم والقراءة، واللقاء مع الصديقات والأخوات، والحديث معهن والفضفضة.

إذا طالت المعاناة، ولم تشعري بالتحسن الطبيعي المطلوب، فلا بأس من زيارة أخصائية نفسية، تعينك على التكيّف، وليس بالضرورة من خلال الأدوية، وإنما من خلال الحديث والإرشاد النفسي.

وهناك علاج نفسي محدد لمثل هذه الأعراض، وإن كانت قليلة الانتشار بعد في العالم العربي، ويمكن أن نسميها "إزالة التحسس عن طريق حركة العينين" أو (EMDR) ولعلها تبدأ بالانتشار في عالمنا العربي، وتجربتي معها تعود لأكثر من عشر سنوات، وأنا أستعملها الآن في قطر منذ أن أتيت إليها من الغرب منذ ثلاث سنوات.

وفقك الله، وكتب لك الشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً