الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقاطع خالاتي اللاتي يقمن بعمل السحر لي ولزوجتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أعمل خارج مصر، وكانت خالاتي تريد أن تزوجني من إحدى بناتها، وتحدثن مع والدتي لكي تخبرني بالأمر، وكان رد والدتي لهن: -إن شاء الله- سأقول لابني في أقرب فرصة، وأول إجازة له، وكانت إحدى بنات خالاتي مطلقة، والله رزقها بطفلين، وفي نفس الوقت كانت هناك بنت عمتي المطلقة أيضاً، ورزقها الله بطفل، وعندما علمت -بالصدفة- بخبر ابنت عمتي دون أي تردد صليت صلاة استخارة وتزوجتها على الفور.

عندما علمت خالاتي بالأمر؛ قمن بالدعاء علي، والسب، والقذف! ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بأعمال السحر لكي أطلق زوجتي، وكان السحر عن طريق أخذ أجزاء من ملابسي أنا وزوجتي من منزل والدتي؛ لأن خالاتي كنّ يترددن عليها باستمرار في الفترات الأخيرة؛ لكي يتمكنوا من أخذ الملابس، ويشاء الله أن يتمكنّ من عمل السحر، وأقوم بالفعل بطلاق زوجتي، ولكن لمدة يوم واحد فقط، والحمد لله قمنا بفك هذا السحر.

لكنهن لم يكتفين بذلك، بل ذهبن ثانية إلى منزل والدتي؛ لأخذ ملابس لي، ولزوجتي، لعمل سحر ثانٍ أقوى حتى لا نستطيع فكه، والحمد لله استطعنا فك السحر الثاني أيضاً، وهنّ الآن يردن لنا الخراب؛ لأن الكره والحقد ملء قلوبهن، واتجهن لأعمال السحر والكفر بالله، والعياذ بالله من كل هذه الأمور.

قلت لوالدتي أن تقاطع خالاتي، وتغير المنزل، ورقم الجوال، لكي لا يستطعن إيجادها، وأخذ أشياء أخرى.

هل أنا بذلك مخطئ لقطع صلة الرحم؟ أم هناك حلول أخرى؟ مع العلم أننا تأكدنا من أن خالاتي هنّ من فعلن هذا السحر؛ لأنني أخاف أن أظلم أحداً بدون دليل أكيد.

أفيدوني أفادكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن ما حدث لك أمرٌ مؤلمٌ حقّاً، ومحاولة التفريق بينك وبين زوجتك ليس بالأمر الهين، واستعمال السحر -كما تعلم– نوع من أنواع الكفر، حيث صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم– أن الساحر كافر، وأن حدِّ الساحر ضربةٌ بالسيف، وورد التحذير الشديد من الذهاب إلى أمثال هؤلاء الكفرة الفجرة، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه؛ فقد كفر بما أُنزل على محمَّد).

هذه عمومات تدل عليها الشريعة، وينبغي على المسلم أن يعمل بها، إلا أنه يبدو أن خالاتك –غفر الله لهنَّ– من النوع الجاهل الذي لا يُقيم وزنًا لنصوص الشريعة، ولعلهنَّ أيضًا يعتقدنَ أن ما يفعلنه خير وصواب، حيث كل واحدة ترغب في أن تتزوج ابنتها، ولعلَّهنَّ رأينَ فيك أنك رجلٌ ناجح ومتميز، فطمعتْ كل واحدةٍ في أن تكون (مثلاً) زوجًا لابنتها أو لابنة أختها، فلمَّا لم يحدث لهما ما أرادا؛ قاما بهذا العمل المحرم الشيطاني، خاصة وأنك متأكد من أنهما هما من قاما بهذا الأمر.

الذي أقوله لك: إن الله ما دام قد مكَّن لك من فكِّ السحر، ودلَّك على الطريق، وأنك بفضل الله تعالى تتخلص من آثاره أولاً بأول، فلا أرى وجها لطلب المقاطعة من قِبل أمك، لأن قطع الرحم -كما تعلم- من الكبائر العظيمة التي جعله الله تبارك وتعالى صفة من صفات الكافرين –والعياذ بالله– كما قال جل وعلا: {فهل عسيتم إن توليتم أن تُفسدوا في الأرض وتُقطِّعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمَّهم وأعمى أبصارهم}.

وليس من حقك أن تطلب من أُمِّك ذلك، خاصة وأن هذه معصية، حتى وإن كنت أنت من المتضررين بهذه العلاقة، لذا أقول: دع الأمر بين والدتك وبين أخواتها، وأنت تحاول ألا تُبقي أي أثرٍ من آثارك في الأماكن التي يترددون عليها، وإذا كان لك شقة خاصة حاول إغلاقها بطريقة خاصة بالاتفاق مع أهلك حتى لا يتمكنوا من أخذ أي شيء من أثرك أو أثر زوجتك.

وعليك -بارك الله فيك– بمواصلة الرقية الشرعية، والاستعانة بالله تبارك وتعالى في ردِّ كيدهم إلى نحورهم، وأنصحك بالاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل -هذا المقرئ المصري– وهي بصورتين على الإنترنت: هناك رقية طويلة مدة تسع ساعات، وهناك رقية قصيرة، وأنا أنصح باستعمال الرقية الطويلة، أن تظل تعمل في البيت حتى وإن لم يسمع أحد، يعني وإن لم تكن أنت منتبهاً للقراءة، وزوجتك كذلك، المهم أنها -بإذن الله تعالى– ستحول بين دخول الشياطين إلى بيتك.

كما أنصحك أنت وزوجتك بالمحافظة على قراءة سورة البقرة بانتظام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– بشرنا بأنها لا تستطيعها البطلة– يعني السحرة– أي لا يتمكنون من إلحاق الضرر بك ما دمت محافظاً عليها، وأخبرنا النبي كذلك -عليه الصلاة والسلام– بأن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه الشيطان ثلاث ليالٍ، فأنا أوصيك بذلك.

وأرى أن تترك أمر والدتك مع أخواتها لله سبحانه وتعالى، ولا تطلب منها شيئاً، وإنما عليك بالدعاء، والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف الله عنك كيدهن وكيد غيرهن، وأوصيك أنت وزوجتك بالمحافظة على أذكار الصباح، وأذكار المساء، والاجتهاد في الدعاء، خاصة التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا، ومثلها مساءً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال في آخر هذا الحديث: (وكانت له حِرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسي)، وكذلك (وكانت له حِرزًا من الشيطان ليله ذلك حتى يُصبح).

أسأل الله أن يدفع عنك كل سوء، وأن يرد عنك كل بلاء، وأن يحفظنا وإياك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً