الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع والديّ أني أصبحت مسؤولة لتخف مراقبتهما لكل تصرفاتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أود شكركم على جهودكم المبذولة، وجزاكم الخالق خير الجزاء.

أكتب إليكم مشكلتي لعلي أجد منكم حلاً شافيا، كوني الفتاة الوحيدة في الأسرة والأصغر فوالداي شديدا القلق علي، يتدخلان في كل أموري الخاصة، ويتابعاني في برامج التواصل الاجتماعي، وإن غردت بمزحة أو كتبت شيئاً خالياً من الفائدة يناقشاني فيه، أعلم أنهم يفعلان ذلك بداعي الحرص ولكن فشلت في إقناعهما بأني أحتاج القليل من الحرية، لا يتركانني أتخذ قرارا وحدي، حتى شعري قبل أن أصبغه أو أقصه لا بد لي من طلب الإذن، كما أنهما يمقتان أي فتاة أتواصل معها بشكل ملحوظ أمامهما، سواء بالهاتف أو عن طريق التواصل الاجتماعي.

ذكرت الفقرة السابقة لأشرح السبب الأساسي الذي جعلني أبعث لكم باستشارة، أجد صعوبة في التواصل مع صديقاتي في الجامعة، حيث إنني هادئة جداً، لا يُسمع صوتي إلا نادراً، عندما أجلس مع الأخريات أشعر وكأنني جئت من عالم آخر، كل ما يتحدثون عنه إما أجهله أو لا يستهويني، يتحدثن كثيراً عن نزهاتهن مع صديقاتهن وهذا ما يمنعني والداي منه خوفاً علي، أو عن أماكن ذهبن إليها في مدينتنا ولم يسبق لي أن سمعت بها، والسبب أن والديّ يكرهان كثرة الخروج للأماكن العامة إلا إذا استدعت الحاجة، وهذا يضعني في مواقف تضايقني كثيراً.

خلال هذه السنة تحسنت مهاراتي في الاجتماعية قليلاً مع زميلاتي، فأصبحن يدعونني لأخرج معهن بعد نهاية الدوام وفي كل مرة أختلق عذراً، لأنني أعلم لو أخبرتهن السبب الحقيقي سيعتبرونني (مسكينة وأهلها يكبتونها). ما يضايقني أكثر أن تخصصي الحالي يتطلب حضوري لمؤتمرات وورش عمل وتدريب صيفي، واشترط والداي في التسجيل أن تذهب أمي معي لمقر الفعالية، وأمي لا تحمل إلا شهادة ثانوية، أي أن الحضور لن ينفعها بشيء وسيزعجني، أغبط زميلاتي كثيراً على الحرية التي يملكونها، أي أنني أطلب منكم المساعدة في أمرين:

الأول: أرجوكم أرشدوني إلى طريقة أغير بها تفكير والديّ، لأني في كل مرة أفاتحهما فيها بالموضوع أسمع جواباً من اثنين:

1- نحن نثق بك لكن لا نعلم ما هي نوايا المحيطين بك.
2- تعتقدين نفسك كبيرة؟ أنت لا زلت طفلة.

الثاني: كيف لي أن أزيد من علاقاتي الاجتماعية بالرغم من ظروفي؟

أعتذر على الإطالة، وأشكركم مقدماً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك على هذا الحرص والسؤال، ونهنئك على حب الأسرة وحرصها عليك، وكونك صغيرة فواضح أنك مدللة، ونحب أن نؤكد لك أن الثقة عند الأهل إنما يأخذها الإنسان أو يفوز بها بالتصرفات الناضجة والمواقف الكبيرة التي تقفينها، فحاولي أن تقتربي من والديك، وأثبتي لهم فعليًا أنك ناضجة وعاقلة من خلال وقوفك إلى جوار الوالدة ومناقشة الأمور التي تخص الأسرة، والاجتهاد في دراستك والتفوق فيها.

ونحن نلاحظ فعلاً أن هناك ثمة ما يُضايقك، ولكن طالما أنت -ولله الحمد- تعلمين أن هذا لون من الحرص عليك، فاحمدي الله تبارك وتعالى على هذه النعمة، وتذكري أن الدرة الغالية هي التي يبالغ أهلها في المحافظة عليها، وأنت فعلاً غالية لكونك الوحيدة، ولكونك صغيرة، ولكونك فتاة الأسرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يزيدك حرصًا، وأن يزيدك خيرًا، وأن يعمق ثقة والديك بك.

واضح أنهم يثقون بك، ولكن من حق أي أسرة أن تخاف من الأجواء المتاحة والأوساط المتاحة للتواصل أو للتعامل معها، ولا أظن أن هناك حرجًا لو أن الوالدة ذهبت معك ولمرة واحدة، فإنها ستقتنع من تصرفاتك، وسترى أن هناك أخريات وبنات أسر فاضلات موجودات في ذلك المكان.

أما التواصل، تستطيعين أن تطوري مهاراتك حتى من خلال الدائرة المتاحة مع الوالد، ومع الوالدة، مع الأسرة، مع الخالات، مع العمّات، مع المحارم الذين حولك، ومن خلال أيضًا القراءات والدخول إلى المواقع الآمنة، وحضور المحاضرات المهمة، والاستماع إلى الأشرطة، أو الاستماع حتى لدورات متخصصة تتكلم عن مهارات التواصل الفعال، وكيف يطور الإنسان من نفسه في هذا الاتجاه.

لا يضرك إذا تكلمن الأخوات عن مناطق في المدينة أنت لا تعرفينها، فالإنسان ليس من الضروري أن يعرف كل صغيرة وكبيرة، ولكن المهم أن يستوعب طريقة تفكير الناس، وليس من الضروري أن نكون سطحيين كالآخرين، والمعلومة العلمية هي التي تؤهل الإنسان، والحمد لله المقدار المعقول من التواصل موجود، مع الزميلات، مع الصديقات، مع الفاضلات، وأنت -ولله الحمد- تشعرين بالتحسن.

فالتفكير في تحسين المهارات هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، ومن التحسين في المهارات التواصل مع موقعك، ونحن سعداء بهذا التواصل، ونتمنى أيضًا أن تصلنا منك رسائل على موقعك الآمن الذي فيه خبراء وخبيرات، وكذلك أيضًا شجعي أسرتك على التواصل مع الموقع، ونتمنى أن يكتبوا استشارة حتى يستمعوا إلى وجهة نظرنا في هذه المسألة، ونحن نريد أن نقول: هم يُخطئون عندما يعتبرونك صغيرة، فأنت كبيرة وناضجة، وأرجو أن يفهموا ذلك من خلال تصرفاتك الواعية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يعينك على الصيام والقيام والتقرب إلى الله تبارك وتعالى، فإن هذا هو خير ما تحمي به الفتاة نفسها، وتكتسب به ثقة أهلها، وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً