الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت حزينة وأرى الحياة مملة وبلا أي قيمة، هل هذا بسبب المراهقة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في 14 من عمري، مشكلتي أنني أصبحت حزينة دائما وأبكي أكثر من ذي قبل، وأحيانا على أمور بسيطة لا تستحق مني هذا الضيق، كما أني أصبحت أكثر عصبية ولم أعد ستمتع تقريبا بأي شيء، فمثلا كنت أحب الرسم وكان هواية بالنسبة لي، لكن الآن لم يعد يهمني إطلاقا، ولم أعد أحبه كما كنت سابقا، وكنت أحب الاهتمام بمظهري وشراء الملابس الجميلة والاكسسوارات، والاهتمام بتسريحات شعري كمن هن في مثل عمري، لكن الآن لم أعد أهتم بذلك مطلقا، وربما نادرا ما أهتم بمظهري ولا يعنيني ذلك، وأحيانا أشعر أنه من التفاهة أن أفعل ذلك، ومن أسباب ذلك أيضا أني لا أرى نفسي جميلة جدا، وبذلك أشعر أن عند اهتمامي بنفسي أفعل شيئا لا قيمة له، وأشتري أشياء لن تحسن من مظهري ويحزنني ذلك.

وكنت سابقا أفرح كثيرا بقدوم الأعياد، وأنسى كل ما يحزنني بقدوم الأعياد، ولكن الآن لم أعد أشعر بفرحة الأعياد بأي شكل كان، حتى لو تنزهت أو اشتريت ما أريد، أو فعلت أي شيء لا أشعر بالفرحة مطلقا، وبالرغم من أن أمي دائما تجلب لي ما أريد، وتساعدني في كل شيء وتحاول إسعادي وكذلك أبي، ولكن بلا فائدة، وأحيانا تقول لي أمي أنه ربما كان سبب ذلك عدم تنزهنا أو خروجنا من المنزل كثيرا، لكني عند خروجي من المنزل يزاد حزني وأحيانا أعود للمنزل وأبكي من شدة حزني، وأشعر أيضا أن كل ما في الحياة ممل ولا شيء يسبب السرور، وأن الحياة لا تستحق منا الاهتمام، وأشعر بأني لا أحب الدنيا مطلقا، وأستعجب ممن يتمسك بها ويحبها، لأنني أرى أن كلنا سنموت في النهاية وكل ذلك لن يصبح له قيمة.

وفي بعض الأحيان أشتاق لطفولتي، لأنني حينها كنت سعيدة جدا، وأقل الأمور إسعادا تجعلني أطير فرحا، ولم أكن أقلق من شيء، حاولت الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن لعل هذا الشعور يذهب عني، لكن أحيانا أظل حزينة كما أنا، وأحيانا أكون مسرورة لبعض الوقت بعد فعلي ذلك، ثم أعود لحزني مجددا، ومنذ فترة قررت شراء رواية لعلي أتسلى بها قليلا، وقد تسليت بها فعلا، لكن فور انتهائي منها عاد لي حزني مجددا، ودائما أكون متكاسلة في فعل أقل المهام بالرغم من أني في سن صغيرة، ومن المفترض أن أكون نشيطة ولدي طاقة لفعل كل المهام. وأنا الآن في العطلة الصيفية وأخاف أن يستمر معي هذا الحزن مع قدوم الدراسة، فيؤثر على طريقة مذاكرتي وتحصيلي للدرجات، خصوصا أني حاليا لا أشعر بالاشتياق للدراسة مطلقا، بل وأكره تذكر اقترابها وما سيكون علي من واجبات واختبارات، والقلق الذي يصيبني فيها وتأنيب المعلمات الدائم للجميع سواء أكان الجميع يستحق أو لا، أخبرت أمي أن ربما كان علي الذهاب لطبيب نفسي، لكنها تقول لي أحيانا أن ذلك بسبب أني مراهقة، وأني سأتحسن مع مرور الوقت، وأحيانا تقول لي أنه ربما تسبب لي الأدوية التي يصفها لي الطبيب أعراضا جانبية، فلا داعي لذلك، فهل يمكن أن يكون ذلك فعلا بسبب أني مراهقة؟ أم يعني ذلك أني أعاني من الاكتئاب وعلي زيارة طبيب نفسي؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rody حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة جدًّا، والذي تلمسته منها أنك تعانين مما يمكن أن نسميه بعسر المزاج، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي تحدث في سن اليفاعة وفي سني المراهقة لدى بعض الفتيات، وربما يكون الاختلال الهرموني أو التغيرات الهرمونية التي تتصف بها هذه الفترة من العمر هي أحد الأسباب، كما أن هنالك تغيرات نفسية كثيرة جدًّا تحدث للصغار من أمثالك في هذا العمر، هنالك مشاكل الهوية، التوجّهات، التذبذب والتقلب المزاجي والوجداني، الدراسة، ضغوطاتها، اختيار التخصص، هذه كلها تمثل عبئًا نفسيًا حقيقيًا على من هم في عمرك.

ومن وجهة نظري أنك بشيء من التفاؤل، وأن تزرعي الأمل في نفسك، وأن تعرفي أن هذه مرحلة عابرة -إن شاء الله تعالى-، وأن يكون لديك الإصرار على تنظيم وقتك بصورة صحيحة، والاجتهاد في دراستك، والاستعانة بالصلاة وتلاوة القرآن والذكر، وهذا هو طريقك – الحمد لله تعالى – هذا كله يُدعِّم موقفك، ويجعل مزاجك يتبدل - إن شاء الله تعالى - تدريجيًا حتى يُصبح في وضعه الطبيعي.

أهم شيء - أيتها الفاضلة الكريمة – ألا تتشاءمي، أن تحقّري الأفكار السلبية، أن تتأملي في مستقبلك بعد خمس أو ست سنوات من الآن، وارسمي صورة جميلة، هذا ليس فيه خداع للنفس، أو نوع من الأحلام اليقظة، إنما هو واقع حقيقي ملموس. ومرة أخرى أقول لك أن تنظيم الوقت مهم جدًّا، نامي مبكرًا، استيقظي مبكرًا، ادرسي في فترة الصباح، مارسي شيئًا من الرياضة، اجلسي مع والدتك وأفراد أسرتك، رفهي على نفسك بأشياء طيبة وجميلة، وهكذا، هذا هو الطريق والسبيل الذي يجب أن تنتهجيه.

بالنسبة لاهتمامك بنفسك، لا تحكمي على نفسك بمشاعرك أو بأفكارك، ما دامت هذه المشاعر سلبية وكذلك الأفكار فطبقي وقومي بما كنت تقومين به فيما مضى، اهتمامك بملابسك، بتمشيط شعرك، كل ما كنت تقومين به يجب أن تقومي به، بغض النظر عن مشاعرك، حتى وإن كانت هذه المشاعر سلبية، وحين تُنجزي مثل هذه الإنجازات سوف تحسين بما نسميه بالمردود الداخلي الإيجابي، يعني تحدث مكافئة كبيرة جدًّا لنفسك، وهذا يزيل الاكتئاب ويحطم الاكتئاب حقيقة.

هذه هي المناهج التي يجب أن تنتجيها، وإن ذهبت إلى الطبيب النفسي لزيارة أو لزيارتين لا بأس في ذلك، أنا لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة. اتبعي ما ذكرته لك من إرشاد، وكوني دائمًا إيجابية ومتفائلة، وهذا هو المهم.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ألمانيا Reem

    شكرا لكم....انا اشعر بهذه الحالة ايضا

  • رومانيا m

    أوصيك أختي بقراءة كتاب الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للشيخ السعدي

  • العراق مريم

    شكرآ لك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً