الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متزوجة حديثا ولا أستطيع تقبل تصرفات زوجي، فماذا أصنع؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة متزوجة منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وعمري 18 سنة.

منذ بداية خطبتي لم أرغب بالزواج، مع أن الشاب الذي تقدم لي على أخلاق ودين ومنصب، ولكن عائلتي أصروا، واستخرت، وفوضت أمري لله، ولكني كنت في تردد دائم، وعدم ارتياح، ولم أخبر أحدا من عائلتي، حتى عقد قراني، على أمل تغير حالي، وارتياحي أكثر لهذا الشاب، لكن محادثاتي معه لم تحدث فرقا، فلم أشعر بالراحة، ولا الحب أو الاندفاع تجاهه أبدا، لكني صبرت، وظننت أنه ربما بعد الزواج أتغير.

تزوجت، ومضت الأيام، ومشاعري باردة تجاهه، وتكاد تكون معدومة، ولاحظ ذلك، فأنا أعيش على المجاملة، وهو ليس شخصا سيئا أبدا، وإخوته وذووه يحبونه، ولكني لم أستطع أن أحبه أبدا، وكان في بعض الأحيان يخرج عن سيطرته، ويصرخ لأتفه الأسباب، وكان كرهي يزداد له لهذه التصرفات، كنت أتوتر بشدة، لدرجة أنني أصبحت أؤذي نفسي بتقطيع يدي، بعدها أندهش مما أفعله، فحياتي من توتر إلى توتر، وبالكاد إنني أعيش أياما معدودة معه نكون فيها على انسجام، وأصبحت أتمنى الموت، وأفكر كثيرا بالانفصال.

كما أنه يريد مني أن أحمل، لكني أرفض ذلك، بحجة أننا للتو مقبلان على حياة جديدة، وهذا الأمر وترني أيضا، فأنا لا أريد الحمل أبدا، وزادت الأمور سوءا، حتى أنه بدأ يفكر بالانفصال، بحجة أنني لا أحبه، وأنه لا يقدر أن يحتمل أكثر من ذلك، ويريد زوجة تحمل وتلبي كل احتياجاته، وأنا أشعر بذلك، وأنا غير قادرة على تحمل المسؤولية، وغير متقبلة للزواج والتكيف معه، وتحمل كل شيء مع هذا الشخص.

أشعر بأن الأمور تفلت من يدي، فقد تركني في حيرة من أمري، لأنه يريدني أن أعود إليه بشكل مختلف، وأن أنجب له، وكل شيء كما قال، وأنا أشعر بأنني غير مستعدة لهذا أبدا، وأن الطلاق سيريحني.

نعم، الانفصال قرار صعب، وأحتاج وقتا لآخذ به، وهو ليس آخر حل، لكني أعيش في ضغط وتوتر شديدين، ولا أستطيع اتخاذ أي قرار، أنا لا أعرف ما بي؟

لم أستطع أن أحبه، فمشاعري باردة تماما، وهذا غير محبذ بالزواج، فهذا ظلم للشريك الآخر، لكنه يرفض الصبر والتعاون معي، وأنا أرفض الرجوع إليه بهذه الحالة، ماذا أفعل؟ فبماذا تنصحونني؟ هل السبب هو أنني أعاني من مرض نفسي ما؟ أم أن ما يحدث لي بسبب ما أتعرض له من ضغوط ولا أستطيع التصرف؟

أنا عند أهلي الآن، ولم تحدث تطورات بالمشكلة، علماً بأنه لا يزال غاضباً، لأنني قلت له بأنني لا أريده، وأنني أصبر من أجل أهلي، وقلت هذا الكلام بعدما حدث بيننا شجار، لأنه رفض أن يأخذني لأهلي، وصرخ، وطلق بأني لن أذهب إلا بوقت حدده هو، ورجعت لأهلي، وأنا عندهم الآن، علماً بأنني أداوم في الجامعة، وتغيبت كثيراً بسبب أمور وضغوط صارت لي، أهمها مشكلتي مع زوجي.

وللعلم فقد ذهبت لطبيب الباطنة، لأنني لاحظت بعض الأعراض، وقال الطبيب: بأني مصابة بالقولون العصبي، ووصف لي أدوية عديدة، منها:
دواء مضادا للاكتئاب، ولكنني تركته الآن، لأنني تحسست منه وتشجنت، وذهبت للطوارئ، وتركته، ووصف لي دواء دوجماتيل، وبعض أدوية للقرحة، وقال بأن التحسن سيكون بعد ثلاثة أسابيع تقريبا، وأنا الآن في الأسبوع الثاني تقريبا، ولازلت أشعر بحزن شديد وقلق من الجامعة، ومشكلتي مع زوجي، أشعر بالاكتئاب، ماذا أفعل؟ وبماذا تنصحوني؟

أرجوكم ساعدوني فرج الله كربكم، هل كانت الأدوية مناسبة لي؟ ومتى يبدأ مفعولها؟ وماذا عن الجامعة؟ فأنا أشعر بالقلق تجاهها، لأنه فاتني الكثير، فبم تنصحونني؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رناد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق الآمال، وأن يطيل في طاعته الآجال.

كان بودنا أن نتعرف على أسباب رفضك للشاب الذي رضيه أهلك، وهو محبوب عند أهله، وهل الأسباب ظاهرة كمشكلة بخله؟ أو عدم اهتمامه بنفسه ونظافته؟ أم هي أشياء خفية لا تجدين لها تفسيرا؟ لأن الشيطان يبغض الحلال، ويغرس البغضاء، فهو لا يريد لنا الحلال، وهل سبب الرفض يمكن أن يكون خوفك من المسؤولية، أو خوفك على دراستك الجامعية؟

نرجو أن تصلنا إجابة واضحة، وإذا كانت هناك خصوصيات؛ فيمكنك طلب حجب الاستشارة.

بعد الدخول هل حصل وفاق في الفراش ولو لمرة؟ ولماذا خوفك من الإنجاب؟ وهل له علاقة بالنفور الحاصل؟ لماذا لم تكوني واضحة مع أسرتك؟ هل هناك شخص آخر في حياتك ربما تتطلعين إلى الارتباط به؟ هل؟ وهل؟ ساعدينا وساعدي نفسك بالوضوح، فالأمر قد يحتاج إلى طبيب نفسي، وقد تحتاجين لرقية شرعية.

وأرجو أن تحرصي على الآتي:
- كثرة اللجوء إلى الله.
- النظرة الشاملة للموضوع.
- صلاة الاستخارة.
- الاستئناس برأي محارمك وأهلك، فهم أولى الناس بك.
- تأمل العواقب وردود الأفعال، والتفكير في البدائل.
- استقراء وجهة نظر أهلك وأهله.
- تشجيعه للتواصل معنا لعرض ما يحدث من وجهة نظره.
- الاستمرار في التواصل معنا، مع ضرورة الإجابة على ما طلبناه.
- تقوى الله، وإصلاح ما بينك وبينه.
- الحرص على حشد إيجابيات الشاب، وتذكري بأنه اختارك ورضيك، وتذكري بأن هناك حقيقة، وهي: أنك لن تجدي رجلا بلا نقائص، كما أنك لست كاملة.

مشاورة طبيبة مختصة، وعدم أخذ دواء أو تركه إلا بتوجيهات من أهل الاختصاص، نسأل الله أن يوفقك ويسددك، ويقدر لك الخير، ونحن سعداء برفضك لفكرة الطلاق، ونتمنى أن يصدر منك ما يجعل زوجك يرغب في الاستمرار.

وجزاك الله خيرا.
________________________________________________
انتهت إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
________________________________________________

أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأرجو أن تطّلعي بكل تدبر وتمعن إلى إجابة الدكتور الشيخ/ أحمد الفرجابي، فهي تحمل نواحي هامة وضرورية علَّها أن تفيدك.

من الناحية النفسية: عدم التوافق في الزواج له أسباب كثيرة جدًّا، وقطعًا الأمر يتعلق بالطرفين (الزوج والزوجة)، ونحن لا نعرف بالضبط مشاعر زوجك نحوك، ولكن في مجمل القول يظهر أنه رجل ممتاز، فأنت لم تعيبي عليه شيئًا أساسيًا.

وبالنسبة لك -أيتها الفاضلة الكريمة- الذي أراه أنك ربما تكوني قليلة التحمل، وتصابين بالملل حتى من الأشياء الجميلة، لا أريد أن أكون عجولاً في أحكامي عليك، لكن أعرف تمامًا أن التكوين والتطوير النفسي للشخصية يلعب دورًا كبيرًا في القدرة على التواؤم والتكيف، والزواج هو تواؤم وتكيُّفٍ لا شك في ذلك.

عدم تواؤمك وعدم تكيُّفك ربما يكون له علاقة كبيرة جدًّا بشخصيتك، هنالك شخصيات معينة سريعة الملل، لا تقدر الأمور بالصورة المطلوبة.

الشعور الداخلي بالخواء، بالفراغ، الضعف الوجداني، هذا كله نشاهده، وليس من الضروري طبعًا أن ينطبق كله عليك، لكن أرى أن نفورك ورفضك لهذا الشاب ليس قائمًا على أسسٍ حقيقية، إنما هي دوافع نفسية تخصك أنت، وعليه لابد أن تراجعي موقفك، لابد أن تقيِّمي الأمور بصورة أفضل، فالزواج هو المحبة والمودة، وهو السكينة وهو الرحمة، والسكينة والرحمة هي أرقى أنواع الحب.

أنت ما دمت استخرت، فقناعتك يجب أن تكون قوية أنك قد طلبت ممَّن بيده الخير أن يجعل وييسر لك الخير، وكان الخير في هذا الزواج، وأن تفقدي زواجك وبهذه الصورة؛ أرى أن ذلك أمرًا خاطئًا تمامًا.

استمعي للعقلاء من ذويك، فالحب بمفهوم اليوم أصابه الكثير من التشوهات، فما دام هذا الرجل على استقامة، فهو رجل جيد، ورجل طيب، وصاحب أخلاق، وصاحب دين، ولديه منصب، ولا أرى أجمل وأحسن من ذلك أبدًا، ولا تتركي الخواء الداخلي والمفاهيم الخاطئة تسيطر عليك، لا، كوني واقعية، وكوني جادة، فالمرأة الذكية هي التي تحفظ زوجها وزواجها.

تدارسي طِباعه، فحين يكون هنالك خلاف انظري مالك وما عليك، ما هي مساهمتك في الأخطاء؟ ضعي في مخيلتك صورة جميلة عنه، فعلاً فيه أشياء كثيرة جميلة جدًّا، والأمر يتطلب الفطنة كما ذكرنا أكثر من أي شيء آخر، وعليك بالدعاء.

ومن حيث موضوع الأدوية: ربما تحتاجين لشيء يحسِّن مزاجك، الدوجماتيل لا بأس به، لكن عيبه أنه يرفع هرمون الحليب لدى النساء، وهذا ربما يؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية.
وربما تستفيدين من دواء آخر مثل: (سيرترالين)، والذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت)، تحتاجين لتناوله لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر.

شاوري طبيبتك حول مقترحنا هذا، ولا تواصلي الدوجماتيل للسبب الذي ذكرته، وبما أنك تعانين من القولون؛ فهذا أصلاً دليلاً على وجود القلق لديك، وفي هذا السياق قطعًا عقار زولفت سيكون مفيدًا جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ا

    انصحك بالرقية الشرعية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً