الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمرُّ بمشاكل اجتماعية وفكرية وأعتقد ألا قيمة للحياة، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على مجهودكم، وأسال الله أن يكتب لكم الأجر.

ألخص لكم مشكلتي في النقاط التالية:

1- أشعر أن الحياة فراغ، ولا شيء يستحق أن أعيش من أجله، فقد مررت بأزمة عاطفية، وأنا فيها إلى الآن، حيث لا أقدّر ذاتي، وأشعر أني في حلم، إنه شعور لا يوصف، تبلُّد مشاعر، تبلُّد جسماني، خمول خلال 24 ساعة.

2- مشكلتي غريبة نوعًا ما، أنا عندي فكرة في رأسي منذ سنة، والآن استوعبت الحالة التي أمر بها، الحالة هي أني أعتقد أن حديث النفس أو أفكاري؛ هي مس شيطاني، فهذه الوسوسة تغلبني.

3- الحالة الأسرية: أمي سورية مطلقة منذ 8 سنوات، وإخواني متفرقون، وأنا أعيش مع أبي وأختي وامرأة أبي، والحالة يرثى لها، وينتابني أحيانًا شعور بسعادة، بعد 10 دقائق يصيبني اكتئاب شديد جدًا، لا أعلم هل أنا أعيش صدمة أم مرض معين، ولا أشعر به؟!

4- عند التحدث مع الناس يصيبني خوف شديد جدًا، وقلبي ينبض بشكل غريب، لديّ خوف شديد جدًا من الناس، وتصيبني وسوسة في غسيل اليد، أغسل يدي 4 مرات بالصابون، وأشعر أني مجنون لا عقل لي، وعندي شرود ذهني مفرط جدًا.

5- الأفكار السلبية تسيطر على مخي أحيانًا، وعند التحدث مع الناس يصيبني خوف، وبدون شعور أقلّد أسلوب الشخص الذي أتحث معه، والناس يستغربون من تصرفي! ويهتز رأسي كثيرًا، وألتفت يمينًا وشمالًا، ولا أشعر بالراحة طول الوقت.

ذهبت إلى راقٍ شرعي، وقال: إن لدي مرضًا نفسيًا، فشعرت بالإحباط من هذا الكلام؛ فحياتي في دمار -ولله الحمد-.

أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ibrahim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

ما تعاني منه من وجهة نظري، هو عدم القدرة على التكيّف، يعني أنك غير مرتاح من حيث ظروفك الحياتية التي تعيشها، وأيضًا أنت تتحسَّر كثيرًا على الماضي، وهذا جعلك تتخوف من المستقبل، وتنسى الحاضر.

أنت -أيها الفاضل الكريم– شاب، لك طاقات نفسية وفسيولوجية وجسدية، لا بد أن تُسخّرها، لا بد أن تستفيد منها، لا بد أن يكون لديك إرادة التحسُّن، والظروف الحياتية السلبية التي عشتها يجب أن تكون حافزةً ومحفِّزةً لك بأن تكون صاحب إرادة وصاحب جلد وقوة على التحمُّل، وأن تُصرَّ إصرارًا قاطعًا على أن تبني حياتك وتجعلها إيجابية جدًّا، وتُساعد نفسك وأختك.

أيها الفاضل الكريم، ما قاله لك الراقي الشرعي –مع احترامي الشديد له–؛ لا أعتقد أنه يقصد أنك مريض نفسي، بمعنى أنك مختل عقليًا مثلاً، لا، هنالك ظاهرة نفسية، حالة من حالات عدم القدرة على التكيف أدت إلى عُسر في المزاج، وهذا جعلك تحسُّ بشيء من نقصان الفعالية.

أنت لست مريضًا نفسيًا، هنالك ظاهرة نفسية بسيطة جدًّا، لكن لا بد أن تتناول أحد مُحسِّنات المزاج، وسوف يُساعدك كثيرًا، عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، دواء مثالي جدًّا في مثل هذه الحالات، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا–، تتناولها بانتظام لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبة واحدة كاملة، تتناولها ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفْ عن تناول الدواء. إنه دواء جميل وفاعل وسليم جدًّا، وسوف يفيدك كثيرًا.

أنت لم تذكر عمرك، لكني اعتبرتك شابًا من صيغة رسالتك، وإذا كان عمرك أقل من عشرين عامًا، لا تستعمل أي دواء إلا بعد استشارة طبيب.

أيها الفاضل الكريم، استفد من وقتك، ولا تدع مجالاً أبدًا للفراغ، والمشكلة العاطفية التي حدثتْ لك: أنا أقدّر مشاعرك من هذه الناحية، لكن أقول لك: إن هذه الأمور؛ هنالك أمور أهم منها في الحياة، تفكَّر وتدبَّر، وأسأل الله -تعالى- أن يرزقك الزوجة الصالحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً