الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلق قلبي بالفتاة.. فهل من حل لحيرتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي تؤرق قلبي، وتسلبني النوم والراحة، لم أخبر بها أحدا، ولكني أسأل الله أن يهديني بكم إلى كيفية التعامل معها.

أنا شاب في الثانية والعشرين من العمر، هادئ الطبع وطويل البال، قبل أشهر من الآن تعرفت على فتاة عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كنت أكلمها كأخت صغيرة لي في البداية، ولم أكن أقصد أبدا أن أوقع بها في مزلق لا تحمد عقباه، فقد كان ذلك لغرض الترفيه والترويح عن النفس، بالتحدث مع الجنس الآخر، مع أني مدرك ومتيقن بحرمة هذه العلاقة، ولو كنت أعتبرها بمثابة أخت.

مرت الشهور، ولا أزال أتبع خطوات الشيطان، حتى كبرت العلاقة، وانتقلت من رسائل كتابية إلى إرسال صور، أقصد صورا شخصية ليس فيها شيء من الفجور والتعري، ثم انتقلت العلاقة إلى مكالمات هاتفية في منتصف الليل، ولكنها لم تصل إلى موعد ولقاء ولله الحمد.

أرسلت لي الفتاة يوما رسالة بأنها قد أحبتني، وتعلقت بي، ومن هنا بدأ الندم يتوقد في قلبي، فأنا لم أكن أبادلها تلك المشاعر، ولم يكن قصدي بهذه العلاقة ارتباطا للزواج.

كنت أستمتع بكلامها عن حبها لي؛ لذلك صرحت لها أني أحبها حتى لا أحرم من هذه المتعة، والتي أسأل الله أن يغفرها لي، ويبدلني بها حبه، وحب كل عمل يقربني لحبه.

تدهور مستواي الدراسي في الجامعة، وأصبحت لا أكترث لذلك، إلا أنني عزمت على التوبة، فقررت أن أقوم بقطع العلاقة معها في أقرب وقت ممكن، فبدأت أولا بحذفها من موقع التواصل، ثم حذفت رقم هاتفها من عندي، ولكن للأسف ما لبثت أن عدت للمراسلة خلال أقل من أسبوع، ووعدتها أن لا أنقطع عنها فجأة وبدون إعلامها بظروفي؛ بعد أن ادعيت أن هذا القطع كان بسبب الدراسة، وقد أعدت المحاولة بعد مدة، وكانت أيضا بلا جدوى.

وأخيرا ذكرتها بحرمة هذه العلاقات التي تبنى قبل الزواج، فإنه لا يجوز شرعا للطرفين أن يتحدثا ويقيما هذه العلاقة بالخفاء دون علم أولياء الأمور، فتفهمت الفتاة رأيي، ورأت فيه نوعا من النضج والخوف عليها، فقالت إنها مستعدة لانتظاري بأن أخطو خطوة نحو أبيها؛ لأعلمه إلى آخر يوم في حياتها.

وهكذا فإن العلاقة قد قطعت بيني وبينها تماما، ولكنها لا تزال تحمل في داخلها الوعد الذي قطعته عليها، بأني زوج المستقبل.

الفتاة تحبني حبا شديدا، مع أني لا أبادلها الحب بنفس القوة، ولكن إن قدر الله لي الزواج بها؛ فهل يمكن أن تزيد مشاعري تجاهها بالمعاشرة والعشرة، وخوض غمار الحياة بأفراحها وأتراحها؟ إني أرى نفسي بين خيارين لا ثالث لهما: هل أبتعد عن شخص يحبني ولا أبادله تلك المشاعر التي يمكن أن تزيد بعد الزواج، فأكون قد فقدت إنسانا صادقا في حبه لي؟ أو أن أصارحها بمشاعري الحقيقية تجاهها، وأسبب لها ألما نفسيا وبكاء، كالذي سببته لها عندما عزمت على قطع العلاقة؟

أخاف بعد أن يتم الزواج أن يحدث نوع من عدم التفاهم، أو فقدان الانسجام، أو الملل؛ فنضطر في النهاية إلى الانفصال.

أنا مؤمن بأن الحب يلقى من الله في الإنسان، فقوله تعالى: (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) فقد تواعدنا بأن نقوي أنا وهي صلتنا بربنا، ونقطع هذه العلاقة مرضاة لله؛ وكسبا لبركته، إلى أن يجعل الله من أمره يسرا.

أفيدوني فإني أكاد أجن من كثرة التفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

لا شك أن الصدق منجاة، وأن المجاملة والتسويف في هذه الأمور لا تنفع، والأنثى لا تملك بعد إيمانها أغلى من مشاعرها، وليس أمامك إلا أن تتقدم أو تتأخر، إما أن تطرق بابها وتقابل أهلها الأحباب؛ لتصبح العلاقة شرعية ومقبولة، وإما أن تنسحب من حياتها بالكلية.

ولست أدري ما الذي لم يعجبك فيها حتى تتردد؟ ألا تعلم أنه لا توجد امرأة خالية من العيوب، ولا يوجد رجل بلا نقص وخلل، ومن هنا فلا بد من الواقعية في طلب الصفات، وطوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته، وعليك أن تفكر بهدوء، وتنظر للمسألة من كافة جوانبها، وشاور من حضرك من الفضلاء، واحرص على صلاة الاستخارة؛ فإن فيها طلبا للدلالة إلى الخير ممن بيده الخير؛ فإن وجدت ميلا وقبولا، ورضيت الوالدة؛ فاطلب منها أن تتواصل مع أسرة الفتاة، وتقول: نريد فلانة لفلان، فهذا يكشف لكم الأمور، وتتأكدوا من موافقة أسرتها، ثم تنصرف لإعداد نفسك لإكمال المراسيم.

ولا يخفى عليك أن القرار لك وللفتاة، وإن دورنا جميعا هو الإرشاد والتوجيه والمساندة، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، وتجنب معاصيه، والتي منها التواصل في الخفاء.

نسأل الله أن يجمع بينك وبينها بالحلال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً