الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقات أخي رسمية ويحب المثالية في كل شيء.. ما هي الطرق المثالية لتغييره؟

السؤال

السلام عليكم..

لدي أخ عمره 18 سنة، وهو الأصغر بيننا، إنسان لطيف لديه توجه ديني مؤدب جداً، وخلوق، ومتواضع، وحسن اللسان، لكن لديه مشاكل في المضي بحياته بالشكل الصحيح، وسأسردها بالتفصيل.

عنده مشكلة وهي إما أن تكون الأشياء بشكل مثالي، أو لا تكون، وهذا خصوصًا في الصلاة، إما أن يصلي بعد أن يغتسل ويلبس بشكل أنيق ويتوضأ بمبالغة، ويعيده إذا استلزم الأمر، ويبعد عن الناس، ويصلي لفترة طويلة ممكن نصف ساعة مدة الصلاة الواحدة، وإما أن يجمع عدة صلوات وبعض الأحيان صلاة يومين.

طبعاً دائمًا ننصحه بالذهاب للمسجد، لكنه لا يحب ويسوف، إما يذهب قبل تكبيرة الإحرام، أو في الركعة الأولى، أو لا يذهب، والأغلب أنه لا يستطيع اللحاق بها؛ لأنه ينشغل بترتيب نفسه وإعادة وضوئه.

بالنسبة لعلاقاته مع الناس يريد الرسمية والاحترام الزائد المبالغ فيه، ولا يرضى بالمزاح مع الأشخاص الذين لا يعتبرهم قريبين منه، وهم الأغلب، ويأخذ المزاح على محمل جدي وشخصي، وهذا ما جعله لا يحب الأقارب، ولا يحب الخروج من المنزل بشكل كبير.

بالنسبة للمدرسة لا يحب المدرسة يغيب معظم أيام الدراسة، ولا يذهب للمدرسة إلا بالإجبار والتهديد، ولديه تشتت انتباه، أنا لا أنكر أنه من الممكن أنه حدث له ردة فعل؛ لأنه وهو صغير كان يتنمر عليه بعض الطلاب، وبعض المدرسين -هدانا الله وإياهم- كانوا يحطمونه ويقارنونه بالآخرين، وأنه ليس بنفس مستواهم ويعتبرونه غبيا ومهملا.

وأهم شيء أنه غير واثق من نفسه أبداً، ولا يحب تحمل أي مسؤولية في حياته إلا ما ندر حتى الأشياء الخاصة به مثلا سيارته متعطلة، أو أي شيء، لا يفعل شيئًا، وينتظر منا أن نفعله، جربنا ألا نفعل له شيئًا، وننتظر ماذا يفعل؟ ولم نحصل على أي ردة فعل، ولو نصحناه أو حملناه مسؤولية بسيطة، أو أجبرناه على الدراسة يعتبرنا أعداءه، ويأخذها من جهة الكبرياء والعناد ولا يحق لأحد التدخل فيه.

صحيح أنه يحس بالندم من فترة لأخرى على تقصيره، ولكن بدون أية أفعال، لا ندري ما هي الطريق المثالية للتعامل معه؟ لأنه لا يريد أن يفعل أي شيء، خصوصاً ونحن نرى أن حياته تنهار بتركه للدراسة، وعدم فعل أي شيء حتى الأساسيات الدينية.

أرجو أن أجد عندكم الرد المفصل، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا على هذا الموقع عن أخيك، ولا شك أنه وضع غير طبيعي، والذي يطرح عددًا من الأسئلة الضرورية، يخطر في البال ثلاثة احتمالات لهذا الحال.

الاحتمال الأول: أن لدى هذا الشاب مشكلة في الفهم والقدرات الذهنية، والسؤال الهام هنا هل هناك ما يشير إلى صعوبات ذهنية عنده؟ أي هل لديه أي صعوبات في الفهم والاستيعاب، سواء في المدرسة أو خارجها؟ فمثلا هل هو يعيد بعض سنوات الدراسة؟ وهل وصلكم شيء من مدرسيه يشير لهذا الأمر؟

فإذا حصل هذا، فهذا يمكن أن يفسر بعض المشكلات والصعوبات التي وردت في سؤالك، من عدم تحمله للمسؤولية، وعدم قدرته على القيام بأموره الخاصة وغيرها.

الاحتمال الثاني: أن لدى هذا الأخ بعض الصعوبات النفسية ومنها الوسواس القهري مما يفسر حرصه الزائد على الغسل والطهارة وإعادة الوضوء والصلاة، والتي تأخذ معه زمنا طويلاً جدًا.

وربما مع هذا الوسواس القهري، هناك أيضًا شيء من الرهاب الاجتماعي مما يفسر تردده وعدم خروجه من البيت، وتغيّبه عن المدرسة بسبب الارتباك الذي يصيبه عند لقاء الناس، وربما لهذه علاقة بالتنمر وسوء المعاملة التي كان يلاقيها في الصغر.

والاحتمال الثالث: والذي ربما هو مشترك مع الاحتمال الثاني، أن لدى هذا الشاب شخصية بطبيعة معينة تمزج بين الحساسية الشديدة والحياء الشديد، والذي وصل لحدّ مرضيّ.

وسواء كان الاحتمال الأول أو الثاني أو الثالث، فالذي أنصح به، أولا أن تأخذوه لطبيب عام ليقوم بالفحص الشامل، ومحاولة معرفة إن كان هناك أي شيء عضوي يفسر مثل هذا السلوك وهذه التصرفات.

والأفضل لو استطعتم أن تأخذوا موعدًا مع طبيب نفسي ليأخذ القصة كاملة، ومن ثم ليقوم بالفحص النفسي لهذا الأخ، وتقييم حالته، ومعرفة تفاصيل شرحه أو تبريره لهذه التصرفات، ومحاولة التعرف على شخصيته.

وبعد ذلك وضع التشخيص الأنسب، أو ترجيح أحد الاحتمالات السابقة، ولا شك أن الطبيب النفسي سينصح بالطريقة الأفضل للتصرف معه، ويختلف هذا وفق التشخيص الدقيق لحالة هذا الشاب.

وفقكم الله، وحمى هذا الشاب من أي مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً