الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الاكتئاب تركت الدراسة واعتزلت الناس، أنقذوني.

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أعاني منذ سبع سنوات من وقف الحال، وأعتقد أنني مسحورة، أو مريضة نفسياً، وأنا وحيدة أمي.

توفي أبي، وكانت أمي تخاف علي كثيرا، ولم تجعلني أعتمد على نفسي، ولم أستطع تكوين صداقات منذ الصغر، وكان وزني زائدا، فكانوا يسخرون مني في المدرسة، وكنت أهتم بدراستي، ولم أبال بوزني، على أساس أن يكون اهتمامي بمظهري في المرحلة الجامعية.

ودخلت تخصصاً لم أكن أريده بسبب إصرار والدتي، لاعتقادها أنه التخصص المطلوب في سوق العمل، وبدأت أهتم بمظهري وبدأت بعمل الحمية، في أول سنتين كنت أدرس، ولكنني أنجح بمعدل متدن، لأنني لم أكن احب التخصص ولا أذاكر باجتهاد، وفي السنة الثانية نقص وزني، وحصلت على الوزن المثالي، وكنت فخورة جداً بنفسي.

زوجة خالي كانت دائما تتشاجر مع أمي من وقت إلى آخر، ونعرف أنها مع عائلتها يتعاملون مع الدجالين، ولكننا نتعامل معها بحسن نية، وقبل السفر إلى المصيف ببضعة أشهر، ذهبنا معها إلى مصففة الشعر التي نعرفها، وفي صباح اليوم التالي وجدت خصلة كبيرة من شعري مقصوصة، واعتقدت وقتها أن شعري احترق.

وفي الإجازة سافرنا إلى المصيف مع خالي وزوجته وأولاده، وبعد العودة من السفر، تغير حالي، حيث عدت مكتئبة وحزينة، وأحس بالوحدة الشديدة، خاصة أنه لم يكن لدي أصدقاء مقربين، وبدأت آكل بشراهة، وزاد وزني سريعاً، ولم أعد أخرج من البيت خوفا من نظرة الناس، ولكن مع السنة الدراسية أرغمتني أمي على الخروج، وكنت أحاول أن أتفادي مواجهة أصدقائي في الكلية

وقدمت امتحان مادة واحدة، ولم أمتحن بقية المواد، ورسبت في تلك المادة، وتكرر الحدث في السنة التالية، وبعدها قمت بتأجيل الدراسة.

مرت سبع سنوات وأنا ما زلت أرفض الخروج من البيت، وآكل بشراهة، ولا أستطيع الالتزام بحمية معينة أكثر من شهر، وأرفض الزواج بسبب شكلي، واعتمدت اعتمادا كليا على والدتي، وأخاف من مقابلة أقاربي، وشخصيتي انطوائية جدا، وأشعر بالخجل من الحديث، وأشعر أن عقلي أصغر من سني.

حاليا وبعد عودة أمي من الحج، أحس باكتئاب شديد وندم لم أحس به طوال تلك السنوات الماضية على ما فعلته بحالي، وأخاف من المستقبل، ومتشائمة، وأتمنى الموت، وأشعر بعدم الرغبة في الأكل، وعندما آكل أتقيأ، وأبكي يوميا، وأحيانا أحس بالألم في قلبي، خاصة عند الاستيقاظ من النوم، فهل زوجة خالي لها علاقة؟ وهل أنا مسحورة، أم أعاني من مرض نفسي؟

أرجو الرد، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ضحى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى الرحمة لوالديك.

أيتها الفاضلة الكريمة: ليس لديك مرض نفسي أساسا، ولا أريدك أن تتوهمي بأنك مسحورة، السحر حقيقة وموجود ونؤمن به، لكن الاعتقاد فيه لدرجة العزيمة والتصميم هذا يضرُّ كثيرًا بالناس، لأن التوهمات تبدأ من هنا، والسحر علاجه معروف، وهو أن يكون الإنسان حريصًا على صلواته، ويكون قريبًا من الله تعالى، ويدعو، ويستغفر، ويرقي نفسه.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: انزعي من رأسك تمامًا فكرة أنك مسحورة، أنا أقول لك أنك لست مسحورة، لكن ارقي نفسك، حافظي على صلاتك، وعلى دعائك، وعلى أذكارك، وأنت مطالبة بالإكثار من الدعاء، على الأقل تدعين لوالديك بالرحمة والمغفرة، وهذا من بِرِّهما.

حالتك توضح أنه لديك تقلبات مزاجية، لديك انفعالات سلبية، لديك توجُّه وسواسي في التفكير، وهذه لا نعتبرها أمراضًا نفسية حقيقية، إنما هي ظواهر متعلقة بالنفس، ومن هنا أقول لك أن أفضل علاج لك هو ألا تتحسري على الماضي، ولا تخافي من المستقبل، وابدئي حياتك من الآن بقوة وبثقة.

وتغيير نمط الحياة يُساعدك حتى في موضوع الوزن، هذه التذبذبات التي تأتيك في وزنك قطعًا مرتبطة بالحالة الانفعالية، فعبّري عن ذاتك ولا تكتمي، وهذا يعطي فرصة كبيرة جدًّا لما يُسمَّى بالتفريغ النفسي، وهو مطلوب.

ولا بد أن تضعي أهدافًا، أهداف قصيرة المدى، أهداف متوسطة المدى، أهداف بعيدة المدى، وهذه ليست صعبة، وهي بالفعل تُساعد على البناء النفسي الإيجابي.

كوّني صداقات طيبة مع الصالحات من البنات، ولا تتمسكي بصغائر الأمور، وأرى أيضًا سيكون من الجميل جدًّا أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا لمرة أو لمرتين، لأن تناول أحد الأدوية المحسنة للمزاج أيضًا سوف يعود عليك بخير كثير، عقار مثل (فلوزاك Flozac) هذا اسمه التجاري، ويُعرف أيضًا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) لكل من هو فوق 18 سنة، سوف يكون دواءً مناسبًا، والجرعة في حالتك جرعة صغيرة، وهي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية fawaz alshalawi

    الله يرحم ولدك ويغفر له

  • ألمانيا نور

    شجعي نفسك واذهبي إلى طبيب تغذية وابدأي الإهتمام بصحتك ولا تبحثي عن الصداقات لانها تأتي لوحدها عندما تقوى ثقتك بنفسك وإرادتك على تغيير حياتك للاحسن.. ان تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً غيري فرع دراستك إلى الفرع الذي قد تبدعي فيه، ومن ثم توكلي على الله وثقي بأن «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» الله يكون معك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً