الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوت على نفسي بأن أموت كافرة، وأنا قلقة من هذا الدعاء، ما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أعاني من الوسواس القهري في الدين لسنوات عديدة، واشتد علي المرض، وكانت الصلاة تصعب علي يوماً بعد يوم، طرأ على بالي أن أدعو على نفسي أن أصاب بالشر إن اتبعت الوسواس؛ لأنني أريد التخلص منه، وقبل أن أبدأ صلاة من الصلوات دعوت على نفسي، وقلت لو قطعت الصلاة أمتني يا الله وأنا كافرة، وليس على ملة الإسلام، وطبعاً قطعت الصلاة لضعفي، كان الدعاء بين الأذان والإقامة، ولكنني لا أريد هذا الدعاء لنفسي، وإنما لأجبر نفسي على عدم اتباع الوسواس.

بعد فعلي هذا تبت لله، ولم أكرر هذا الدعاء مرة ثانية -والحمد لله-، والآن أنا بحال أفضل، وتغلبت على الوسواس القهري -والحمد لله-، لكنني هذه الأيام تذكرت ذلك الدعاء على نفسي بالموت على الكفر، وأصبح ينغص علي حياتي، وخائفة جداً من استجابة الدعاء، خصوصاً أنه كان في وقت من أوقات الاستجابة، ولم أعد أنعم بشيء، وقلقي أصبح دائماً كل يوم وكل ساعة، واعتراني الاكتئاب، كل هذا لأنني في قلق وحزن دائمين من أن أموت على الكفر، حتى الشيطان يوسوس لي في بعض الأوقات بأن عبادتي لا فائدة منها.

الآن لو سمحتم أفيدوني وخلصوني من هذا العذاب، هل الدعاء على النفس بالشكل الذي فعلته قد يستجيبه الله؟ أم لأن نيتي كانت فقط إجبار نفسي على البعد عن الوسواس، وعدم رغبتي الفعلية بأن يحدث هذا لي تجعل هذا الدعاء باطلا؟ وهل دعائي بالخير الآن، ودعائي بأن يثبتني الله على دين الإسلام، وبأن أموت على ملة الإسلام قد يرد الدعاء الذي دعوته من قبل؟

أرجو إفادتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمةَ- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُذهب عنك هذه الوساوس، وأن يمُنَّ عليك بالعافية منها.

ونحن ننصحك أولاً: –أيتهَا البنت الكريمةَ– إلى أن تدفعي عن نفسك هذا الوسواس بسلوك الطريق الصحيح في دفعه، وذلك بأن تُعرضي عنه إعراضًا كُليًّا، لا تلتفتي إليه، ولا تعملي بمقتضاه، ولا تسترسلي معه، وتلجئي إلى الله تعالى بالاستعاذة، فهذان الدواءان هما الدواء النبوي لطرد الوساوس، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فليستعذ بالله ولينته).

ونحن على ثقة تامة من أنك إذا صبرت على ذلك فإن الله -تبارك وتعالى- سيمُنَّ عليك بالعافية منها.

ليس من علاج الوساوس ما تفعلينه، أو ما فعلته من الدعاء على نفسك بهذه الدعوة أو بغيرها من الدعوات، لكن تحقير هذه الوساوس، وعدم الالتفات إليها، والعلم بأن الله تعالى أراد منا أن نتجنب الشيطان وخطواته، وأنه سبحانه لا يُرضيه منا اتباع الشيطان، هذا العلم عندما يَقِرُّ في القلب ستعلمين حينها بأن كل ما حاول الشيطان أن يُلقيه في قلبك من الاحتياط لدينك أو غير ذلك هو مما لا يرضاه الله تعالى ولا يريده منك، فيسهل عليك الإعراض عن هذا الوسواس.

أما ما سبق منك من الدعاء تحت تأثير الوساوس: فإن الله -عز وجل- لا يؤاخذك به، فالعلماء يُلحقون الموسوس بالمُكره، فكلماته التي يقولها لا اعتبار بها لقوة الدافع وقلة المانع، ومن ثمَّ فنصيحتنا لك: أن تُعرضي تمام الإعراض عن هذه الدعوات، والله -عز وجل- بكرمه ورحمته أخبرنا بأنه لا يُجيب دعوة الإنسان على نفسه حينما يدعو بالشر، وأنه لو فعل ذلك لهلك الناس، كما قال سبحانه وتعالى: {ولو يُعجِّل الله للناس الشرَّ استعجالهم بالخير لقضيَ إليهم أجلهم}، ولكنه -سبحانه وتعالى- لا يفعل ذلك.

فدعي عنك إذًا القلق والحزن والاكتئاب بسبب هذه الدعوات، وأقبلي على الله تعالى بالإكثار من العبادات والطاعات، وسليه -سبحانه وتعالى- أن يُميتك على الإسلام، وهذا ما تفعلينه، فداومي عليه، واعلمي أن الله تعالى أكرم من أن يخذلك بعد أن لجأت إليه، فهو أرحم الراحمين، وهو أرحم بك من نفسك.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يمُنَّ عليك بالتوفيق والصلاح، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً