الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخجل من أشخاص محددين وأكره رؤيتهم، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم

أنا أعاني من مشكلة قريبة، وإلى الآن أشعر بها، وهي أنني أخجل بسرعة، ويظهر ذلك في وجهي، وبالذات من أناس يقربون لي محددون، إذا اجتمعت معهم أشعر بأن الأرض لا تحملني، وأشعر بعدم اتزان في جسمي أمامهم، وما أدري ما المشكلة؟

أحاول أن أتهرب منهم، وما أريد أن أقابلهم؛ لأن واحدا منهم أثناء جلسة عائلية جلس يضحك علي بكلام، وضحك الحاضرون علي، ومن بعدها صرت لا أريدهم ولا أحب رؤيتهم جميعا، وأجتنب حضور مناسباتهم، وما أعرف لماذا المشكلة هذه؟

مع أني اجتماعي أحب الناس، ولكن من بعد هذا الموقف أحسست أني ضعيف، وبالذات أمامهم.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مالك حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا.

ولعل ما ورد في سؤالك يتراوح بين الرهاب الاجتماعي وبين ضعف المهارات الاجتماعية، وإن كان يبدو أنه الأول، فالرهاب الاجتماعي، وهو نوع من الارتباك والحرج في بعض المواقف الاجتماعية كالحديث مع الناس أو مواجهتهم، وسواء كان الموقف إيجابيا كتقديمهم للإطراء، أو سلبيا كالقيام بانتقادك، حيث تشعر بالأعراض التي وردت في سؤالك.

والرهاب الاجتماعي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات، وقد يشعر الشخص باحمرار الوجه، وتسرع ضربات القلب، وتلعثم الكلام، بينما نجده نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط.

وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية كالتعرق، والإحساس وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، أو بعدم التوازن وكما يحدث معك، وقد يحاول الشخص بالإسراع للخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس؛ لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق. ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع. وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.

اطمئن؛ ففي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم -أولا- طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه. فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.

وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاول ألا تتجنب الأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك؛ لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.

وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطع السيطرة عليها فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، يمكن أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي، والغالب أنك قد لا تحتاج للدواء.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا -مثلا- نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو ضعاف الثقة في أنفسنا. وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا -مثلا- أن عندنا خجلا أو ترددا أو ضعفا أو ضعف الثقة في أنفسنا...، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل.

وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

وفقك الله وحفظك من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً