الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني فقدان الوعي وعدم الاتزان في حالات ما... فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم ونفع بكم، وجزاكم عنا خيرًا.

قبل 16 شهرًا تقريبًا، أدخلت المستشفى إثر سقوطي فاقدًا للوعي أثناء صلاة الجمعة، جلست في وحدة العناية بالقلب لمدة ثلاثة أيام، وكان التشخيص عدم انتظام في ضربات القلب، أعطاني الطبيب حينها دواء اسمه B-cor، وتوقفت عن استعماله بعد شهرين تقريبًا.

لاحظت بعد فترة أن أعراض فقدان الوعي مع ارتفاع حاد في نبض القلب يرافق أمرين اثنين: ممارسة العادة السرية، والتدخين، إذا فعلت ذلك في الصباح مثلا أحس بعدم اتزان طوال اليوم، وعدم استقرار، مع ألم خفيف في المعدة وشعور بالغثيان، مع شعور في أسفل الرأس من الخلف مع الرقبة وكأنها مسكوب عليها ماء بارد، وتختم هذه الأعراض بفقدان الوعي.

مع العلم أني أعاني من زيادة في الوزن، وأدخن بشكل متقطع، وليس بانتظام في أوقات العمل في الصباح فقط ولا أدخن في المنزل، أريد أن أعرف هل هذه الأمور هي السبب، أم أن لها أسبابا أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

في الحقيقة أنت تحاصر نفسك بعدة عوامل خطورة تسمى Risk factors، وهي السمنة، والتدخين، وقلة الرياضة، وممارسة العادة السرية، وربما الطريقة السيئة في تناول الطعام التي تؤدي إلى السمنة، وارتفاع الكوليستيرول، والدهون الثلاثية في الدم، وقد يصاحب كل ذلك فقر الدم، أو الأنيميا، وكل ذلك يؤدي إلى الخفقان والدوخة وفقدان الوعي في بعض الأحيان.

وقد تحتاج إلى فحص صورة دم، ووظائف الكبد، والكلى، ونسبة الكوليستيرول، والدهون الثلاثية، والسكر الصائم، وعرض النتيجة على الطبيب المعالج.

والشفاء يمكن في تغيير نمط الحياة، والأخذ بالأسباب في عدم الإضرار العمدي بجسمك يقول الله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، ويقول المعصوم -صلى الله عليه وسلم- (لا ضرر ولا ضرار).

ولذلك يجب الأخذ بالأسباب، وتغيير نمط الحياة لكي تنعم بحياة طيبة، وأول ذلك البعد والإقلاع تماما عن التدخين سواء كنت مقلا في التدخين، أو غير ذلك. فكل سيجارة تترك أثرًا على خلايا الجسم كافة، وعمومًا التدخين لا يحمي الجسم من الأمراض المزمنة، ومن الشيخوخة؛ لأن الإنسان المدخن يموت قبل سن الشيخوخة والخرف بسنوات طويلة!

والطريقة الفعالة للإقلاع عن التدخين تتطلب أولا: الاعتراف بأنه خطر داهم على الصحة من خلال تأثير التبغ على الأوعية الدموية، وبالتالي يضر الجسم كله ضررًا بالغًا، ومن خلال السموم الموجودة في السجائر حيث يقدر عدد المواد السامة داخل السيجارة بحوالي 4000 مادة سامة منها 400 مادة معروفة لدى العلماء، والباقي غير معروف، ومن تلك المواد المعروفة ما يقرب من 40 مادة مسرطنة، أي تؤدي في النهاية إلى السرطان، ومن أشهر السرطانات التي تصيب الإنسان بسبب التدخين هو سرطان الرئة.

وطريق الشهوة لا آخر له، ولا يمكن أن تطفئ الشهوة بالشهوة، بل ذلك يزيدها سعارًا وهيجانًا، والعادة السرية القبيحة تؤدي الى اضطراب في الشخصية، وحالة من فقدان الثقة بالنفس والانطواء والخوف المجتمعي، وعدم القدرة على مواجهة الآخرين في حوارات أو في نقاشات؛ لأن المشغول بالعادة السرية عادة لا يقرأ كثيرًا، ولا حتى قليلا، ووقته مشغول، وفكره مرتبط بهذه العادة.

والإحساس بالغبن يوم القيامة هو بسبب الندم على ما فات من الوقت، وما أهدر من الصحة كما قال المعصوم -صلى الله عليه وسلم-: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، إذن نشغل وقتنا بالقراءة دينا ودنيا حتى نستثمر الوقت فيما يفيد لبناء الشخصية، والمعرفة التي تزيد الثقة بالنفس والبعد عن الوحدة والانفراد بالنفس، وأصدقاء السوء الذين لا يتكلمون إلا في مواضيع الجنس وما حولها.

ولا يحتاج ذلك منك إلى وقت كثير فقط قدر إخلاص النية بالتوبة، والبعد عن تلك الممارسة، ثم ممارسة الرياضة البدنية والنفسية كما ذكرنا، وسوف ترجع إلى طبيعتك، وتطير بجناحين سويين، وهما الجسد والروح؛ لأن الطائر لا يستطيع أن يطير بجناح واحد، وأنت لن تستطيع أن تطير أقصد أن تحيا حياة طبيعية بإصلاح الجسد دون الروح، أو بإصلاح الروح دون الجسد.

والسمنة مشكلة من أكبر المشاكل التي تقابل الإنسان، والفشل في علاج السمنة على أساس أنها مرض لا يقل خطورة عن أي مرض آخر هو سيد الموقف؛ لأن ضعف الإرادة والاستسلام لمغريات الأكل، وحياة الرفاه وتنفيذ الرغبات هو سبب ما يواجه الإنسان من فشل في علاج السمنة، وما تسببه من مشاكل.

ثم بعد ذلك يأتي دور تقوية العزيمة بالالتجاء إلى مسبب الأسباب، والاستعانة بالقرآن الكريم والهدى النبوي فكثير من الآيات تحث على التوكل على الله بعد إنجاز العمل، وليس قبله فقط وكثير من الهدى النبوي يحث على إتقان العمل (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).

ثم يأتي بعد ذلك دور وضع الخطة لتحقيق الهدف، وبدون وضع الخطط لا تنجز الأعمال سواء على مستوى الفرد، أو حتى على مستوى الدول، ولو أردنا أن نضع خطة لننقص من وزننا في الشهر كجم واحد لخسرنا في العام 12 كجم، والتخلص من كجم واحد في الشهر في منتهى السهولة، مع تحديد الهدف.

وكيف يكون ذلك؟ فقط التخلص من الوجبات الزائدة مثل: الحلويات، والمياه الغازية، والعصائر، والأرز الزائد المشبع بالدهن، والمكسرات ووجبات المطاعم، وهذا مع الإرادة يمكن تحقيقه.

إذن ماذا نأكل؟ الدجاج المشوي منزوع الجلد، والسمك المشوي، أو اللحم الأحمر المشوي، مع السلطات، والخضار المسلوق أو المطبوخ، وشرب الماء وقليل من الأرز الأبيض المسلوق بدون مكسرات، أو دهن والبيض المسلوق، والخبز الأسمر، وأكل الخيار والخس عند الشعور بالجوع، وفي ذلك بدائل يمكن تغييرها حسب الحاجة

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً