الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائرة بين الموافقة على من تقدم لي ورفضه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا آنسة أبلغ من العمر (46) سنة، من أسرة متوسطة الحال، وعلى قدر كبير من العقل، تقدم لي زميل في العمل يصغرني (15) سنة، شاب على خلق ودين، هو أقل مني في المستوى الاجتماعي والمستوى التعليمي، لكنه متمسك بي، نحن متفاهمان إلى حد ما، لكنني أعيش في حيرة من أمري، هل أرفضه بسبب فارق السن الذي بيننا، وبسبب المستوى ونظرة المجتمع؟!

علماً بأنه يعاملني في منتهى الاحترام، فهل يجب عليّ الرد بالموافقة لأنه من الممكن أن يكون من نصيبي؟ ويجب أن أحتمل تبعات المواقفة كاملة، أنا في حيرة من أمري.

علماً بأنني صليت صلاة الاستخارة أكثر من مرة، وأشعر بارتياح.

أرجو المساعدة وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقْدُر لك الخير حيث ما كان، وأن يرزقك الرضا به، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمُنَّ عليك وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ، يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-، فإنه مما لا شك فيه أن فارق السن كبير، وأن هذا الشاب إذا لم يكن قد تزوج من قبل فإنه ممَّا لا شك فيه قد تحدث مشكلات في المستقبل، لأنك وصلت إلى مرحلة سِنّيَّة قد يتعذر معها إنجاب الأبناء بحسْبَ ما يُقرر الأطباء، نظرًا لتقدُّم السَّنِ، ولخطورة الحمل في هذه المرحلة.

فرضًا أن هذا الأخ بما أنه لا زال الآن في الواحدة والثلاثين من عمره، أراد أن يكون له أولاد وأن تكون له ذُريَّة، فماذا سيفعل؟ إذا كنت أنت الزوجة الوحيدة فقطعًا سيفكر في أن يتزوج عليك، لماذا؟ لأنه يريد أولاداً، وأنت لن تستطيعي في هذه الحالة أن تمنعيه من هذا، وبالتالي إما أن تظلي معه كزوجة ثانية، على أن تسمحي له أن يتزوج، وإما أن تعتذري عن استمرار الحياة، ويكون مصيرك الطلاق - لا قدَّر الله تعالى -.

من هنا فإن الأمر يحتاج إلى دراسة، هل هذا الأخ أولاً: هل هو متزوج حاليًا الآن ويريدك زوجة ثانية؟ أنا أقول: إذا كان الأمر كذلك فالأمر هينٌ، على اعتبار أنه لن يُفكر في أن يُنجب منك أبناء، وإنما قد تكون له زوجة في سِنٍّ تسمح لها بالإنجاب، فيكون الأمر محلولاً.
أما أن تكوني أنت الزوجة الوحيدة ثم بعد ذلك يقول الناس له: (لماذا لم تتزوج إنسانة صغيرة لتُنجب منها أبناءً)، ويأتيك وقد تغيَّرتْ نفسيته، وتغيَّرت طباعه، وأثرتْ عليه الكلمات التي قد يسمعها من أقرب الناس إليه، إلى غير ذلك، فممَّا لا شك فيه أن هذا سيُلقي بظلاله على حياتكما في المستقبل.

هذا الذي يجعلني لستُ حقيقة مرحبًا إلى حد كبير بهذا الارتباط، فأنا أقول: فارق السن نوعًا ما كبير، ولكنه لا يمنع استمرار حياة ما دام هناك عقل راجح، وما دام هناك إنسان محترم ويعاملك بخلق، أعتقد أننا من الممكن أن نتغلب على فكرة السن.

أما هذه الظروف – أختِي الكريمة –، ستُلقي بظلالها لا محالة، إذا كان متزوجًا بزوجة أخرى غيرك فأنا أفضل أن تتزوجي به، على اعتبار أنك ستكونين له عقل راجح يُضاف إلى عقله، وإضافة جميلة إلى حياته.
أما إذا لم يكن متزوجًا فأنا أخشى فعلاً أنه يأتيك بعد فترة من الزمن من زواجكما ويقول: (أنا أريد أبناءً)، وقد تكون ظروفك الصحية لا تسمح، أو ظروفك النفسية لا تسمح، أو ظروفك الجسدية لا تسمح، فتسمعين ما تكرهين، وقد يحدث لديك ردّ فعلٍ عنيفٍ خلال هذه المرحلة.

من هنا فإني أرجو أن تُعيدي النظر في الأمر، بصرف النظر عن قضية الناس، مما لا شك فيه أنها لها دور أيضًا، وأن المجتمع فعلاً قد يُنكر هذا الأمر، خاصة أقرب الناس إليه أو إليك، ولكن الشرع لا يمنع من ذلك مُطلقًا، والدليل على ذلك الفارق الكبير ما بين سِنِّ المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وزوجه خديجة –رضي الله تعالى عنها–، ورغم ذلك كانت حياة في قِمَّة السعادة، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتتْ -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-.

إذًا أرجو أيضًا أن تُعيدي النظر مرة أخرى، وأن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى أكثر وأكثر، فإن شرح صدرك لهذا وتكلمتِ معه في هذه المسألة وآثرتها بقوة الآن، حتى تتأكدي من هذا الموقف، وإن كنتُ أرى أنه من الممكن أن يُريحك، ولكنه ليس لديه معرفة بما ستكون عليه نفسيته في المستقبل، إلا أنه من الممكن أن يُدرس هذا الأمر الآن، حتى نأمن العواقب في المستقبل، وأسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً