الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي شديد الحساسية ويريد أن يظل في حجري أو بجانبي طوال الوقت

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد استشارة تربوية ونفسية فيما يخص ابني، يبلغ من العمر عاما، وهو الطفل الثاني بعد طفلة عمرها ثلاثة أعوام، شديد الحساسية جدا، وشديد التعلق بي.

أولا: منذ استيقاظه حتى نومه يكون جالسا في حجري أو بجانبي، وممسكا بملابسي حتى لا أتركه، أنا لا أبالغ إطلاقا فهو ملتصق بي بشدة حتى أن كل الأطفال يفضلون الخروج مع الأب أو الجد والجدة، ولكن إن كان الخيار بيني وبين الخروج يختارني أنا، ولا يفضل أي شيء على حملي إياه، مع أننا نعيش حياة اجتماعية، فيوميا يرى جده وجدته، ونتنزه في النادي أسبوعيا، ونتجمع مع العائلة كلها يوما في الأسبوع، ولكن يخاف من الأطفال وخصوصا الرضع، ويظل طول الوقت ممسكا بي، يمكن أن يتفاعل باللعب والضحك ولكن وهو معي فقط.

ثانيا: شديد الفزع من أي صوت عال ولو قليلا، حتى صوت الباب أثناء فتحه يفزعه، أو أي حركة مفاجئة أجده يهرول أو يحبو سريعا ومفزوعا نحوي لكي أحتضنه وأحمله، ويخاف جدا من حركات أخته المفاجأة ويأتي صارخا، ومع صوتها العالي يضع يديه على أذنيه ويبدأ بالصراخ، مع أنها لا تضربه أبدا وحنونة غالبا معه، إلا أنها تصرخ بوجهه إذا اقترب من ألعابها، فيبكي ويأتي إلي، وأنبهها كثيرا أن صوتها العالي مصدر فزع لأخيها، لكن طبعا هي طفلة تنسى وأحيانا تعاند.

وأحيانا يتركني ويلعب في الغرفة التي أوجد فيها، لكن إن رآني وقفت يبكي ويأتي مسرعا إلي، ولو خرجت خارج الغرفة يكون بكاؤه أشد، والمطبخ بالنسبة له عدوه اللدود، بمجرد دخولي المطبخ يصرخ بشدة، لأني رغما عني أتركه يبكي وأقوم بالطبخ وتنظيف المطبخ قبل ميعاد حضور أبيه، فهو يعلم أني لن أعيره اهتماما وأنا داخل المطبخ، مع أني أحاول إلهاءه بكل الوسائل من غناء وألعاب داخل المطبخ معي، وأوصي أخته باللعب معه بالألعاب التي يفضلها وهم بجانبي، ولكن لا جدوى، يترك كل شيء ويأتي ممسكا بقدمي ويبكي ويضرب رأسه بالأرض أحيانا.

ثالثا: إذا رأى أخته تقترب مني أو أحتضنها يأتي باكيا ويضربها ويشدها بعيدا عني، فهو شديد الغيرة، وهذه الحساسية والالتصاق بي ليست جديدة، فهو منذ ولادته هكذا، أو بمعنى أصح منذ الشهور التي أصبح واعيا ومدركا لما حوله.

أخيرا: أبوه يعنفه دائما بالصوت العالي وينهره؛ لأنه دائم البكاء ويعتبر أنني أدللـه عندما أظل بجانبه أو أحمله، مع أني لم أكن هكذا مع أخته، لأن احتياجاتها كانت مختلفة عنه، لكن ابني أشعر أنه بحاجة إلي، وأنه يفتقر إلى الإحساس بالأمان، ولا أدري ما السبب؟ّ أبوه لا يوجد في البيت إلا ساعات قليلة نظرا لظروف عمله، ولكنه يلعب معه ويمازحه إذا كنت موجودة معهم لأن ابني لا يكون باكيا وقتها.

لا أعلم ماذا أفعل وكيف أحافظ على ابني؟ وفي ذات الوقت لا أريد أن أكون مقيدة طول الوقت به، انصحوني كيف أتعامل معه؟ هل أستجيب لبكائه أم لا؟ وهل يعاني من مشاكل نفسية أو صحية؟

وزنه وطوله طبيعيان، لكن وجبته ضعيفة جدا، ونموه في المجمل طبيعي، يقول: (بابا وماما) ويؤشر بيده (مع السلامة) وإذا ناديته ينظر تجاهي غالبا، والتواصل البصري عال جدا عنده، كثير الحركة حولي ولكن لا يبتعد، وهذا يجعله لا يكتشف ويبحث كما يفترض أن يفعل من هو في مثل سنه، عصبي مع أنني أتحلى بالهدوء غالبا، ولكن أول فترة بعد ولادته كنت شديدة العصبية بسبب الضغط ولكن تأقلمت على الوضع الآن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الأسئلة، ومعذرة على التأخر بالجواب.

لم أصدق وأنا أقرأ سؤالك أنك تتحدثين عن طفل عمره سنة واحدة فقط! فكنت أحاول أن أتأكد من أنك ذكرت أن عمر طفلك سنة واحدة فقط.

لقد استطعت أنت أن تشخصي حالة طفلك عندما قلت أنه "يفتقد للإحساس بالأمان" ولذلك فهو شديد التعلق بك.

طبعا الكثير مما ورد في سؤالك عن هذا الطفل أمر طبيعي تماما، وإن كانت بعض الصفات زائدة قليلا عن الحدّ الطبيعي، ولكن لا يبدو من خلال الوصف أن لدى طفلك مرض أو اضطراب من الاضطرابات التي تصيب الأطفال في هذا العمر.

وما يمكن أن يفسر جدا هذا الشعور بعدم الأمان:
- أولا: شدة عصبيتك التي كنت عليها بعد الولادة بسبب الظروف الصعبة التي مررت بها، وإن كنت الآن -ولله الحمد- أكثر هدوءً.

- وثانيا: تعنيف الأب لهذا الطفل، فالأطفال عادة في حاجة للتعامل الهادئ والآمن، مما يجعل الطفل يشعر بالأمان.

- وثالثا: صوت أخته المرتفع أحيانا، فكيف لهذا الطفل الصغير جدا أن يشعر بالأمان والهدوء والاسترخاء وهو يعيش في هذا الجو؟!

الحل ليس عند هذا الطفل وإنما عند من يعيشون معه، أنت والزوج خاصة.

حاولي أن تتحدثي مع زوجك في ضرورة أن يشعر الطفل بوجودكما بالأمن والسلامة، والابتعاد كثيرا عن تعنيفه أو الصراخ في وجهه، فهذه هي الطريقة الوحيدة لإشعاره بأن الحياة من حوله آمنة، ممن يساعده على الاسترخاء، وعلى محاولة الابتعاد عنك قليلا، والعمل على اكتشاف العالم من حوله.

أظن أنك تتصرفي معه بالطريقة الصحيحة فاستمري عليها: من تقديم رعايتك له، ولكن في ذات الوقت إلهائه عنك في بعض الأوقات التي تكونين مشغولة ببعض الواجبات المنزلية، ولا حرج أن يبكي قليلا، طالما أنه يستطيع أن يراك أمامه وأنت تعملين في المطبخ أو غيره.

حاولي أن تعطيه الانتباه الأكبر عندما يكون هادئا وهو بعيد عنك، بينما اصرفي الانتباه عنه قليلا عندما يبكي أو يقوم ببعض الأعمال غير المرغوبة، فإن هذا سيعزز عنده السلوك الإيجابي، ويخفف السلبي منه.

حفظ الله طفلك، وأقرّ عيونكم بطفليكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً