الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بلذة نفسية عندما أنظر إلى المتبرجات.. كيف أقلع عن هذه العادة القبيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من خصلة سيئة تحولت إلى عادة، وهي النظر إلى المتبرجات وعوراتهن، حتى عندما أكون جالسًا في المنزل أقف في الشرفة في أوقات كثيرة، وأنظر إلى المتبرجات وعوراتهن، وحاولت أن أقلع عن هذا العادة، ولكن باءت جميع محاولاتي بالفشل، فأنا أشعر بلذة نفسية عندما أنظر إلى المتبرجات، ولا أتوقف عن هذه العادة طيلة أيام السنة اللهم إلا في شهر رمضان، أتوقف عن هذا العادة حتى لا أفسد الصيام؛ ولأنه شهر مبارك وعظيم تُسلسل فيه الشياطين، ولكن بقية شهور السنة أظل على هذا العادة بصفة يومية.

أرجوكم وجهوني، وقولوا لي كيف أقلع عن هذا العادة؟ خصوصًا أن المتبرجات كثيرات جدًا في المنطقة التي أقطن فيها، فماذا أفعل؟

شكرًا، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فالذي يبدو أن الشيطان – لعنه الله تعالى – وجد لديك الاستعداد لفعل هذه المعاصي فزيَّنها لك وعمَّقها في نفسك، وحلَّها لك، وجعلك حريصًا عليها، وجعلك تحاول أن تستغلَّ أي فرصة مُتاحة لإشباع رغباتك ونزواتك المحرمة، وأنساك الشيطان أمورًا عظيمة، أنساك أنك مُسلم، وأنساك أن الله تبارك وتعالى أمرك بغض البصر بقوله جل وعلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}، وأنساك أن لك عرضًا، وأن لك أخواتًا، وأن لك والدة، وأنه غدًا ستُصبح لك زوجة، وأنك لا تُريد ولا توافق أبدًا أن ينظر أحد إلى عورتهنَّ، كل ذلك أنساك الشيطان إياه حتى يكون من السهل عليه أن ينقض عليك لتُصبح جُنديًا من جنوده تفعل ما يُريده وتستمتع بالحرام، وتملأ عينك من الحرام، ونسيت الوعيد الذي ذكره الله تبارك وتعالى على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: (من ملأ عينيه ممَّا حرَّم الله ملأ الله عينيه من جَمْرِ جهنم يوم القيامة).

أسألك بالله – ولدي محمَّد – هل تصبر على أن يدخل نور شمعةٍ في عينيك؟ نور شمعة فقط، بسيط، هل تتحمله؟ أو تتحمله عينك؟ أو تتحمله يدك أو وجهك أو أي مكانٍ في جسمك؟ تصور أنت عندما يُؤتى بك يوم القيامة على رؤوس الخلائق ويأمر الله تبارك وتعالى الملائكة بأن يملؤوا عينيك من جمر جهنم؛ لأنك كنت تملأها بالحرام ولا تستحي من الله.

تصور أنت الآن بين يدي ملك الملوك جل جلاله ويقول لك: (عبدي كنتَ تستتر عن خلقي لئلا يراك أحد وأنت تنظر إلى الحرام، ولم تستح مني) فبالله عليك ماذا ستقول ولدي محمَّد؟

ولدي محمَّد: اعلم – رحمك الله – أن فيك خيرا كثيرا، والدليل على ذلك أنك دخلت لهذا الموقع تريد مساعدة إخوانك لك للتوقف عن هذه المعصية، وهذا في حد ذاته شيءٌ رائع.

ثانيًا: أنت لست ضعيفًا، والدليل على ذلك أنك تتركها في شهر رمضان كله، حتى وإن كنت تقول بأن الشياطين مُقيدة إلا أن المهم أنك انتصرت، نحن نقول أنك انتصرت على نفسك في رمضان، وبذلك أقمت الحجة على نفسك، لأن ربُّ رمضان هو ربُّ شعبان وربُّ شوال وربُّ الشهور والسنين جميعًا، ولذلك أتمنى – بارك الله فيك – أن تأخذ قرارًا بمجرد قراءة رسالتي هذه أن تعتبر أن رمضان بالنسبة لك هو أوُّل لحظةٍ تقرأ فيها هذه الرسالة، وتقول: (دخلت في رمضان الخاص بي، ولن أفعل ما يُغضب الله تعالى).

ممَّا لا شك فيه أن نفسك الأمَّارة بالسوء لن تتركك في حالك، وإنما ستحاول أن تدفعك دفعًا إلى فعل هذه المعصية (انظر إلى هذه المرة، ولا تنظر فترة طويلة، أو حاول أن تنظر إلى واحدة دون الأخرى) هذه عبارة عن خطوات الشيطان التي حذرنا الله منها، ولكن أتمنى أن تتوقف نهائيًا، كلما وجدت الرغبة تكاد أن تسيطر عليك حاول أن تترك المكان الذي أنت فيه وأن تذهب إلى مكانٍ آخر ليس فيه أحد، اجتهد، والله تبارك وتعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا} واعلم أن الله قال: {ويزيد الذين اهتدوا هدىً} ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في الحديث القدسي: (ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) هذه النصوص تدل على أنه لا بد لك من دور إيجابي، فأنت تبدأ بالخطوة الأولى، ومولاك جل وعلا يُمِدُّك بعونه وتوفيقه وتأييده.

أما أن تتصور أن هناك ملكًا يأتيك ليمنعك من هذه المعصية، أو وحيٌ جديد سيتنزَّل ليمنعك، هذا لا يمكن، وإنما أنت صاحب القرار، وأنت قادر على ذلك، والدليل أنك نجحت في رمضان، فأتمنى أن تجعل السنة كلها رمضان، وأن تتخيَّل أن هذه المرأة التي تنظر إليها زوجتك في المستقبل أو أختك أو أُمُّك، وقطعًا أنت لا تقبل بحال أن ينظر أحد إلى عوراتك، فبالتالي لا تنظر إلى عورة أحد، واعلم أن البر لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديَّان لا يموت، كما تدين تُدان، فالذي تفعله سيُفعل بك، فحاول – بارك الله فيك – واجتهد، وقاوم، واجلس مع نفسك وقل: (يا نفسي إلى متى سأرتكب هذه المعاصي، أنا لن أفعل هذه المعصية من اليوم) واجتهد قدر الاستطاعة، واحرص على صحبة الأخيار والصالحين من إخوانك الشباب أصحاب الطاعة والعبادة والهِمَّة، وأبشر بفرج من الله قريب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً