الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الفتاة للخطّاب لما ترى فيهم من عيوب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
أرجوكم أن تجيبوني على أسئلتي هذه! جزاكم الله!
أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة، تعرفت إلى شخص من حوالي أسبوع، جاء عن طريق شخص آخر، إنه طبيب، يريد أن يتزوجني.
رأيته المرة الأولى فلم يعجبني شكله، فأعطيت نفسي فرصة ثانية، وجاء عندي إلى العمل، فوجدته مقبولاً، بعدها سافر، فكان يهاتفني يومياً، لقد أحببت أفكاره! ولكن المشكلة حين عاد من السفر عندما جاء عندي اصطدمت! حيث إنني لم أتقبله!.

يهاتفني لكنني لا أرد عليه! علماً بأنني صليت الاستخارة أكثر من مرة، ماذا أفعل!؟ أريد أن أعرف: هل الزواج قدر من عند الله، أم أن الإنسان يكون مخيراً؟ فمثلاً أنا كنت دائماً أرفض الذين يتقدمون إلي؛ لأنني لا أجد ارتياحا تجاههم! وكثيراً أقول: ربما هذا ابتلاء من عند الله، وفي كثير من الأحيان أحس بالندم! وأكره حياتي! مع أنني فتاة متحجبة، وأصلي، وليست لدي أية علاقات مع الطرف الآخر.
أرجوكم! أريد نصيحة! هل أنا مريضة، أم أنني لم أجد بعد الإنسان الذي أتمناه؟ فكل الأبواب مغلقة في وجهي، وعائلتي يعانون هذا الأمر معي! ففي كل مرة يأتي عروس تكون المشاكل، والكل ينظر إلي نظرة ناقصة، وعندما تتزوج صديقة لي، يوجهون لي اللوم والعتاب.
جزاكم الله كل خير!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ KK حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونسأله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فلا شك أن كل إنسان فيه عيوب ومحاسن، ولكن السعيد هو الذي تغلب جوانب الخير فيه، فالمطلوب إذن هو النظر إلى جوانب الخير أولاً، وإذا جاء صاحب الدين فلا تترددي في القبول به، وإذا كان الرجل صاحب خلق ودين فكل عيب يمكن أن يحتمل ويعالج بإذن الله.

واعلمي أنك لن تجدي رجلاً بلا عيوب، فقد يكون جميل الشكل والمظهر لكنه سيء الخلق سريع الانفعال، وجمال المظهر عمره محدود، لكن جمال الخلق هو الجمال الحقيقي الذي يصحب الإنسان في الدنيا، ويكون من أسباب فوزه ونجاته في الآخرة، والرجال لا يُقاسون بإشكالهم، والله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال.

وأنتِ ولله الحمد محجبة ومتدينة ولست مريضة، ولكن نريد أن تكوني أيضاً واقعية ترضين بالشروط المعقولة في الطرف الآخر، وإذا أراد الإنسان أن يجد امرأةً كما يريد فقد يطول انتظاره، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة التي تريد زوجاً بلا عيوب.

وأرجو أن تبتعدي عن البنات اللائي يتحدثن عن الرجال، فتقول الواحدة منهن هذا طويل وهذا قصير وذاك نحيل، وإنما يذكر الإنسان من عيوب الناس بقدر ما فيه من العيوب والشر، ولا تتأثري بآراء الآخرين، ولكن وطني نفسك، ولا تترددي في اتخاذ القرار الصائب إذا جاء صاحب الدين، واعلمي أن كل صديقة تتزوج بتقدير الله، ولكل أجلٍ كتاب، وما عليك بعد فعل الأسباب إلا أن تتوكلي على الله، وسوف يأتيك ما قدره الله لك، ولا تندمي على ما مضى، ولا تقولي لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا، ولكن رددي بلسان أهل الإيمان قدّر الله وما شاء فعل، وأرجو أن تستفيدي وتعتبري بما حصل في المرات السابقة، فلا تتشددي في الشروط، واحرصي على طاعة الله، وسوف يوفقك لكل خير، فإن الله يحفظ من يحفظه بطاعته والتزام أوامره، ولا تتضايقي من انزعاج الأهل فهذا دليلٌ على حرصهم على مصلحتك.

واستفيدي من ملاحظاتهم عن الخطاب، فهم بلا شك أحرص الناس على سعادتك، ولا أظن أنهم ينظرون إليك نظرة ناقصة لأنك منهم، فاطردي عنك هذه المشاعر السالبة، واستقبلي حياتك الجديدة بروحٍ مليئة بالأمل والثقة، وأكثري من ذكر الله وطاعته، واحرصي على أن يكون في صحيفتك استغفار كثير، واعلمي أن الله قريبٌ يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فأكثري من التوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً