الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاج الأمثل للاضطراب الوجداني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أعاني من مرض الاضطراب الوجداني، وقد قررت مع الطبيب أن أقلل الدواء بالتدريج، وفعلت حجامة لمدة ثلاثة أشهر، مع تناول عسل السدر، ولكني أكون مترددا ومتذبذبا تارة في حالة الإيمان، وتارة في حالة المعاصي والذنوب، والأفعال الغريبة، حيث لا أستطيع أخذ قرار وعندي خوف من فضح المعاصي في المستقبل، وأعاني من الانعزال عن الناس، وأميل أن أكرر الذنب لكي أكرر التوبة.

هل هذه أعراض الانسحاب من الدواء وسوف تنتهي؟ أم معناه أني ما زلت مريضا، ولا يمكن الشفاء من المرض؟ وما طبيعة المرض؟ وهل له شفاء؟ وما الأنسب طلب الشفاء بالدواء أم بالجلسات؟ ما نصيحتكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ om am ir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخِي الكريم: الشفاء والعافية ممكن جدًّا -بإذن الله تعالى- والرزمة العلاجية تتكون من العلاج السلوكي الكلامي، والعلاج الدوائي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي، هذه هي المكونات الأربعة التي يجب أن يسعى الإنسان لأن يأخذ منها جميعًا، الاعتماد على وسيلة علاجية واحدة ليس أمرًا مرغوبًا فيه، ولا يؤدي إلى النتائج المرجوة.

فيا أخِي الكريم: الدواء تناوله حسب ما يصفه لك الطبيب، ويجب أن يكون هنالك التزام بالجرعة الموصوفة وكذلك مدة العلاج.

الجانب النفسي يتطلب منك أن تجتهد لأن تكون إيجابيًا في حياتك، إيجابيًا في أفكارك، إيجابيًا في مشاعرك، وذلك مهما كانت هناك ضغوطات نفسية، وأن تصل إلى قناعة –أيهَا الأخ الكريم– أنك بالفعل يمكن أن تطوِّر نفسك، ويمكن أن ترتقي بها، واسعَ في ذلك دائمًا.

على النطاق الآخر –وهو النطاق الاجتماعي والنطاق الإسلامي-: يجب ألا تترك للشيطان ثغرات، وقولك (إنني أكرر الذنب لكي أكرر التوبة) هذا خطأ جسيم، وهذا تبرير غير مقبول، فالتوبة الصحيحة أصلاً القصد منها الإقلاع عن الذنب وألا تعود إلى ما اقترفته من ذنوب، وأن تكون صارمًا وحسامًا مع نفسك.

فيا أخِي الكريم: اجعل لنفسك صحبة طيبة من الصالحين، من المتدينين، اجعل لنفسك رابطًا وثيقًا مع إمام مسجدك، هذا يُساعدك كثيرًا في أن تكون ثابتًا على طريق التوبة والإيمان -إن شاء الله تعالى- وتبتعد عن طريق المعاصي.

واجعل على نفسك رقيبًا صارمًا، اجعل لنفسك الكوابح والضوابط، هذا أمرٌ لا تهاون فيه.

ويا أخِي الكريم: لا تجد لنفسك عُذرًا أو مُبررًا بحجة أنك تعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، يمكن أن تقترف الذنوب بسبب هذا المرض، لا، هذا ليس صحيحًا، أنت رجلٌ مُدركٌ وتُفرِّقُ بين الحق والباطل والخير والشر، وما هو خطأ وما هو صحيح، وعلى ضوء ذلك تستطيع أن تقود نفسك الانقياد السليم على طريق الصلاح والإيمان إن شاءَ الله تعالى.

أخي الكريم: موضوع الانعزال من الناس: هذا يُعالج اجتماعيًا، بالإصرار على التواصل، التواصل مع الأرحام، مع الجيران، التواصل مع المصلين في المسجد، من خلال حضور صلاة الجماعة، التفاعل مع زملاء العمل، مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم... هذه كلها أمور مهمة، ولا أعتقد أن ذلك له علاقة بالآثار الانسحابية للدواء، الأمر يتطلب منك العزيمة والإصرار والجدية، وأن تعيش دائمًا على الأمل والرجاء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً