الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب إيذاء النساء لي! ما هذه الحالة؟ وما العلاج؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

عندي مشكلة منذ الصغر، وهو حب إيذاء النساء لي! وهذا حتى قبل البلوغ، قد يكون بسبب أن أمي وأخواتي البنات كنّ في قمة القسوة، وأبي لم يكن بجانبي إلا بعد تخرجي من المدرسة، والألم ينقل إلي الإحساس بالمتعة والشهوة، ولا أشعر بالمتعة إلا إذا تم إيذائي أو سبي ... إلخ.

ذهبت لكثير من الأطباء النفسيين، فمنهم من يأخذ الموضوع بطريقة هزلية، ومنهم من ليس له علم كاف، ومنهم من يؤجل الموضوع، حتى صرت أشك في أني مشرك بالله، ولكن -الحمد لله- أعلم أنه خلل.

يمكن وصف طفولتي بال (Erotogenic.M) وما بعد البلوغ (Verbal M) حاولت العلاج عن طريق السلوك المعرفي لكن لم أعرف كيف؟ وتم مساعدتي في هذا الموضوع في الكثير من الضلالات الفكرية كتكبير الموضوع، والتخيل أن أحدا سوف يؤذيني... إلخ، والحمد لله.

ملحوظة: أنا كنت مصابا باكتئاب حاد، والحمد لله وصلت لمرحلة جيدة جداً، وبدأت في السحب بالبطء الشديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا على التواصل معنا بهذا السؤال، والحمد لله أن حالة الاكتئاب قد تحسنت.
ويبدو من سؤالك أنك على علم لا بأس به من أن الحالة التي وصفت هي ما يعرف باسم الماسوشية (Massochism) وهي تصنف في جملة الاضطرابات النفسية المتعلقة بالانجذاب الجنسي غير الطبيعي. حيث يثار المصاب جنسيا من خلال تعريضه للتعذيب المادي، أو النفسي، أو الإهانة، أو عندما يعرّض نفسه لمثل هذه الأعمال. ويمكن أن تكون هذه الأعمال في الحقيقة والواقع أو من خلال الخيال.

والغالب أن ينشأ هذا الميل من سن مبكرة، والغالب أن له علاقة بطريقة التربية والتنشئة، وكما هو واضح من رسالتك.

وليس هناك اتفاق على أسباب هذا الانحراف، إلا أن المقبول أنه سلوك مُتعلم مُكتسب، ومن المعروف أن الاستمرار في هذه الممارسات في الواقع أو الخيال يؤدي مع الوقت إلى تأصل وتثبّت هذا الميل؛ مما يجعل تغييره صعبا. ومن النظريات المطروحة أن المصاب ربما تعرض في الماضي لسوء المعاملة الجنسية أو الجسدية، والتي ترافقت بالإثارة الجنسية؛ مما يجعله يطلبها من بعد، وكما حدث في طفولتك، وأن صاحب هذا الانحراف إنما يقوم به هروبا من الواقع من حوله.

والعلاج -لا شك- ممكن، إلا أن تغيير وتعديل هذا الميل وهذه الرغبة ليس بالأمر السهل، والأمر أسهل عندما لا يكون قد وصل الأمر لمرحلة الممارسة والتطبيق الفعلي، وعندما يدرك الشاب بأنه على خطأ، وأنه يرفض الاستسلام لهذا التوجه المكتسب والمُتعلم، وهو عازم على التغيير، وكما يبدو من سؤالك -ولله الحمد-.

واطمئن؛ فأنت سيخفّ عندك هذا الميل، طالما أنت تريد هذا وحريص عليه، وطالما أنك تبتعد عن الاستسلام لهذه الأفكار والخيالات، ولكن عليك أن تثابر على الرغبة في ترك هذا والابتعاد عنه، وخاصة مع الزواج من زوجة متفهمة، والتي تعينك على الممارسة الزوجية الطبيعية، وبالحلال.

ومما يعين كثيرا هو الابتعاد عما يمكن أن يثير هذه الرغبة من الميل عن طريق تقليل الخيالات، وعدم الاسترسال معها، وعن طريق الابتعاد عن صور الإنترنت وغيرها مما له علاقة بمثل هذه الممارسة، فهذه الخيالات والصور كلها لا تساعد على التخلص من هذا التوجه وهذه الرغبة وإنما تزيدها شدة.

ومن الضروري في بعض الحالات مراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي متخصص في الاضطرابات النفسية الجنسية؛ لإجراء العلاج النفسي المعرفي، وواضح من سؤالك أنك تريد القيام بالعلاج المعرفي السلوكي، إلا أنه لا بد أن يقوم به معالج متخصص.
وفقط في حالات قليلة يمكن لبعض الأدوية أن تساعد وخاصة الأدوية التي تخفف الشهوة الجنسية أو مضادات الاكتئاب، ولكن الدواء ليس هو الحل الأمثل.

ولاشك أن العبادات من صلاة، وصيام، وتلاوة للقرآن، وكذلك الهوايات المفيدة كالرياضة، وغيرها، تصرف انتباهك إلى أمور أكثر إيجابية في حياتك.

فالحل هو أن تمسك نفسك وتجاهدها؛ لتمنعها من هذا الميل، ومن هذه الرغبة بالممارسة الحرام -لا قدر الله- وأن تعتبر نفسك كأي إنسان آخر تراوده نفسه على الحرام، إلا أنه يمنع نفسه ويقاومها.

أرجو أن يكون في هذا ما يعين، وحفظك الله من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات