الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهمال الزوجة والتعلق بالعشيقة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله!
أعرف أن مشكلتي ليس لها حل إلا مزيد من الصبر والدعاء، ولكن سأطرحها في شكل نقاط.

ماذا تفعل الزوجة التي تعلم علم اليقين أن زوجها خائن ويخونها منذ 5 سنوات، وعلنيا أمام عينها ولا يبالي؟
ماذا تفعل الزوجة التي يقوم زوجها بعمل توكيل عام رسمي لأخته التي تصغرني بعشر سنوات لإدارة أمواله، وتقوم بإعطائي مصروف البيت شهرياً لأنفقه على أبنائه؟
ماذا أفعل عندما يسافر زوجي تاركاً لي أواجه صدمات الحياة وحدي، وبناتي الأربع، وهو على قيد الحياة؟

ماذا أفعل عندما أعرف أنه أتى إلى مصر بالصدفة، ولا يخبرني، ولا يخبر بناته بميعاد حضوره؟
ماذا أفعل عندما أذهب لوالدته فأفاجأ به عندها أتى من الخارج إليها دون أن يخبرني أنه بمصر؟!
ماذا أفعل عندما أجده يأتي محملا بأثمن الهدايا لعشيقته وأبنائها من طليقها ولأمه وأخواته، ونسيني وبناتي وسط الزحام؟

ماذا أفعل عندما يبخل علينا حتى بالمصروف الشهري، ويذلني قبل أن يرسله إلى بعد انتهاء منتصف الشهر بدعوى ( ألا تقبضين فاصرفي من جيبك )؟ وعندما أجده يصرف ببذخ على أهله وعشيقته، ويقتر علينا بحجة أنني زوجته أتحمله! أما هم فلا؟ أنا زوجته في التقتير فقط ولست زوجته في أي شيء آخر!

ماذا أفعل عندما أجد الدبلة التي في أصبعه عليها اسم عشيقته وألقى بدبلتي في دواسة السيارة، وغيره، فهذا قليل من كثير، وحسبي الله ونعم الوكيل.

ماذا أفعل عندما أعلم بالصدفة أنه بمصر والجميع كانوا في انتظاره، وأنا لا أدري ولا أعرف عنه شيئاً، ويتصل به أحد أصدقائه بالصدفة للسؤال عليه وأعرف أنه إما عند والدته أو عند عشيقته؟
هل يستحق مثل هذا الرجل رحمة الله وغفرانه وأنا أدعو عليه ليل نهار؟
هل تستحق هذه المرأة أن تكون أما وهي لا تحس بمرارة إحساس أبنائي باليتم وأبوهم حي يرزق؟

هل يستحق هذا الرجل أن أفكر فيه ولو للحظة؟ أعتقد أنه حتى دعائي عليه خسارة لتضيع وقتي لإنسان فاسق! حسبي الله ونعم الوكيل! اللهم انتقم منه أشد انتقام ومن عشيقته، وأرهم أياماً كأيام عاد وثمود! آمين..


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله أن يعيننا وإياك لما فيه الخير والرضى، اللهم آمين.

قرأت رسالتك جيداً، وتوقفت عندها كثيراً، ونقول في البداية: لله الحمد والشكر.

لقد خلق الله البشر أصنافاً، يتفاوتون في الخير والشر والصلاح والإفساد، وحسن الخلق وسوءه، وهكذا أراد الله لعباده، ومع هذا التفاوت أمر الناس أن تعيش سوياً في حماية لا عزلة؛ ليتحمل المحسن منهم المسيء، ويصبر الصالح منهم على الطالح.

والحمد لله، فقد بدأت رسالتك أختي بالصبر والدعاء، لكن ليس صبر العاجز عن الحل، إنما هو صبر يؤدي إلى الحل.

أختي، لقد من الله عليك بالبنيين، وهذه إحدى ثمرات الحياة الدنيا، وإن فقدت جانباً من لذة الحياة الزوجية فقد عوضك الله جانباً آخر، واعلمي أننا ما دمنا في هذه الحياة الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة ما دمنا نعيش فيها فلن تحلو كلها للإنسان، بل تسعده في جانب وتشقيه في جانب آخر، فإن علمت ذلك فاعلمي أن المؤمن في هذه الحياة مبتلى وممتحن، ولا يخلو أحد من الامتحان والابتلاء، وهذا حتمي في حياة المؤمنين، يقول الله تعالى: (( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ))[العنكبوت:1-2]، وتختلف ابتلاءات الناس بعضهم من بعض، فهناك من يبتلى بالمرض، وآخر بالظلم، وثالث بحرمان النعمة، ورابع بمثل هذه المشاكل، وأخيراً: (( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:155].

أقول لك ذلك حتى لا تنسي أنك مؤمنة، وأنك من المبتلين، وأنك مثلما تريدين السعادة في الدنيا فإنك تريدين السعادة الكبرى في الآخرة عند الله تعالى، ولا شك أن زوجك ظلمك، وأن هذه ليست المعاملة التي ترضي الله، لكن لعل الله أراد لك خيراً بها، لهذا فاعتبريه قد انتقل إلى الله، وعيشي حياتك، وربي أولادك، وعامليه مثلما تعامل المرأة الصالحة زوجها، لا تظلميه كما ظلمك، ولا تردي السيئة بالسيئة، بل ردي السيئة بالحسنة، وكلما ازداد في الإساءة إليك زيدي في الإحسان إليه، والله الذي لا يُحلف إلا به إن استطعت ذلك فإن عاقبتك ستكون خير في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى؛ لأن الإنسان مهما كان سيئاً ورديئاً، فإن له ضمير في النهاية يحركه، فإذا قابلت إساءته بالإحسان، فإن هذا الأمر يؤلمه، وسريعاً ما يرجع إلى الحق.

وأرجو أن أضع لك برنامج تربوي وثقافي يعينك على الصبر:

1- التحقي بأحد مراكز تحفيظ القرآن، وابدئي في حفظ كتاب الله، واملئي وقتك كله مع هذا الكتاب، وستجدين لذة الدنيا ومتاعها.

2- أكثري من نوافل العبادات، من صلاةٍ وذكر وصيام.

3- ابدئي في قيام الليل، وعند السحر أكثري من الاستغفار، وما أعظم الاستغفار، فإن الله سيجعل لك من كل ضيق مخرجاً، ومن كل همٍ فرجاً، ويرزقك من حيث لا تحتسبين.

4- ضعي برنامج لأولادك للدراسة والمذاكرة والتحفيظ، وأعطيهم جزءاً من وقتك، واعتني بتربيتهم.

5- املئي فراغك، ولا تتركي وقتاً للتفكير والوساوس أبداً.

6- من جهتي أُجزم لك أن حياة الضيق وكدر العيش هي أساس النجاح للأولاد والمرأة، أكثر من حياة الترفيه، فاطمئني على ما أنت فيه، فإنه الخير كله، واحمدي الله واشكريه؛ لأن الله أحبك، فقد جاء في الحديث: (إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه).

فهنيئاً لك، وأسأل الله أن يوفقك ويعينك. اللهم آمين.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر أم يوسف

    السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة وبعد مااسهل الكلام الجميل الذي قلت بس صعب علي تنفيذى لاني اتغدربي وخانني مع زميلة في العمل وبعدمحاولة لتصحيح الأوضاع باءت بالفشل وطلبت الطلاق وطلقنابسبب تري الخيرفي انسان لايخاف ربة ولماذا لا يكون الجزاء من جنس العمل أنة لابد أن يخسرحياة أسرية طالمايجري وراء شهواتة كالحيوان بل يكون الحيوان اوفي منة اللهم اترك الظالمين بالظالمين واخرجنامن بينهم سالمين وحسبنااللة ونعمة الوكيل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً