الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للابن الوحيد في معاناته إصرار أمه على عدم الرجعة بعد الطلاق

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: أوجه شكري لكل من يساهم في الرد والحل لهذه المشكلة.

أنا ابن وحيد لأب وأم لا يوجد في قلبيهما إلا الطيبة والحنان، فهما لا يعرفان الكره، ولكن المشكلة أنهما كانا على خلافٍ مستمر ودائم، ولا يتفقان، بسبب سوء معاملة والدي، واستخدامه ألفاظاً غير لائقة أبداً، وعلى هذا الحال ظلا مدة 10 سنوات، وعندما دخلت الجامعة أرادت والدتي الانفصال وبشكلٍ غير قابل للرجوع، والمشكلة هي كالآتي:
حصل من والدي موقف غير لائق، باستخدام أساليب غير لائقة مع والدتي قبل مجيء شهر رمضان المبارك، مما أدى إلى حصول مشكلة كبيرة، وهي طلب أمي الطلاق منه، ولا رجعة في هذا الموضوع، وانفصلت تلك الأسرة التي كانت تتكون من ثلاثة أفراد إلى أسرةٍ مفككة، وأنا الضحية فيها، فأنا كنت أجلس مع والدتي دائماً، وكنت أترك والدي كثيراً، وعندما كنت أفاتح والدتي في رجوعنا إلى البيت مرةً ثانية كانت ترد علي: (إن لم يعجبك الوضع اذهب وعش مع والدك)، وقد كنت لا ألتفت إلى هذا الكلام ولا أتضايق، ولكن جاءت آخر مرة بعد مرور شهر رمضان، عندما تحدثت إلى والدتي بالرجوع إلى البيت، وأن والدي نادم على ما قاله، فردت علي: سأرفع عليه قضية في المحكمة، فقلت لها: لا يا أمي، فأنا لن أوافقك على هذا الموضوع، هل هان عليكِ أن نكون متفرقين؟! سامحيه يا أمي، فالله يغفر ويحب من يعفو ويسامح، نحن بشر. فقالت لي: لقد سامحته كثيراً، مع العلم أن والدي بكى قبل تلك الليلة، فهو يريد أن ترجع أمي، فقلت لها: لن ترفعي عليه يا أمي أي قضية، فردت وقالت: سأرفع عليك وعليه، وسأعرفك الكلام هذا الذي أنت قلته.

هذه هي مشكلتي، أريد نصيحتكم، فأنا وحيد، ليس لي أحد إلا ربي، ومن بعده أمي وأبي، وليس لي غيرهم بعد الله عز وجل، كيف أتصرف؟ فقد تركت أمي، وأنا الآن أجلس مع أبي، ماذا أفعل؟

أرشدوني، جزاكم الله خيراً.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله أن يوفقني وإياك لما فيه الخير والصلاح.

اطلعت على مشكلتك، وهي فراق أمك وأبيك بالطلاق، وأنت الوحيد ببينهما، وأن أمك أصرت على عدم الرجعة أبداً.

ابني! هناك حقائق أطرحها بين يديك:

1- أنت لست الوحيد الذي عاش في مثل هذه المشكلة، فهناك الآلاف من الشباب عاشوا بين أبوين متفرقين، بل وبعضهم كان أكثر نجاحاً في دراسته وحياته؛ لأنه اعتمد على نفسه بعد الله.

2- شيءٌ طبيعي أن يفترق الزوجان ولكنهما بعد فترة يرجعان.

3- هذه واحدة مما يبتلي به الله عباده، ولقد ابتلاك الله بهذا الوضع، وهذا يدل على حب الله لك؛ لأن الحديث واضح (إذا أحب الله عبداً ابتلاه).

فإذا كان الأمر كذلك فإنه في مثل هذه المواقف لا تنفع فيها العجلة، بل التأني مطلوب، ولهذا عليك بالآتي:

1- اترك مشكلة والديك، ولا تتحدث فيها مع أمك، بل أظهر لها أن هذا أمرٌ قدّره الله، ونحن نرضى به، وتجاهل أمر الطلاق لفترة.

2- عش حياتك بينهما، وبرهما، وأعطهما حقهما، ولابد أن تصل أمك وتبرها، واسمع كلامها من غير أن تناقشها في الرجعة، وأحسن إليها.

3- عاملُ الزمن بعد أشهر هو كفيلٌ أن يجعلها ترجع عن مواقفها.

4- بعد فترة ادخل عليها بمدخل العاطفة، وتحدث لها عن وضعك، وعن شتات الأسرة، وعندها سيهدأ توتر أعصابها، وسوف تراجع نفسها، أما الآن فهي مشدودة الأعصاب لا ينفع معها الحديث، فاصبر يا بني عليها، وستعود لرشدها، وعليك بكثرة الدعاء في هذه المرحلة، ونسأله أن يجمع شملكم جميعاً، اللهم آمين.

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً