الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي وتوتر ورجفة خفيفة مع تلعثم

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر20 عاماً، أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ 5 سنوات، بدأت الأعراض تظهر علي فجأة، وبشدة ثم خفت بعد فترات من الزمن.

الأعراض التي أعاني منها هي أني أشعر دائماً بتوتر ورجفة خفيفة مع تلعثم، وضيق بالتنفس عند التكلم أمام أناس مهمين أو غرباء، وعندما يسألني الدكتور في الجامعة بأي سؤال أشعر بضيق شديد بالتنفس، مع دوخة وتلعثم، وصعوبة في التركيز، وأشعر بدقات قلبي سريعة، وأشعر أن الجميع في القاعة يراقبونني ويراقبون تحركاتي، وأنهم يريدون السخرية مني أو التعدي علي، وهذه الحالة جعلتني بعيداً عن أي مناسبة أو أي عمل اجتماعي.

دائماً أشعر أن الجميع يراقب تحركاتي حتى أصبحت أبتعد عن أي مكان يتواجد فيه الناس، وأذهب من الطرق التي قد لا أجد فيها أحداً، أصبحت علي غيابات كثيرة بسبب عدم ذهابي للجامعة، حيث بدأت بتجنب الذهاب إلى الجامعة، وخسرت الكثير من العلامات بسبب رفضي الخروج وإلقاء كلمة عن بحث معين، حيث أن التفكير بالأمر فقط يجعلني أتوتر.
سمعت كثيراً عن السيروكسات وفاعليته في هذا الموقع، وقمت بشرائه وأستخدمه على مدار شهر ونصف دون أي فائدة!

بدأت بأخذ حبة واحدة في أسبوع وبنفس الساعة كل يوم، وبعدها أخذت حبتين ما يقارب الشهر، وفي آخر أسبوع 3 حبات دون أي فائدة تذكر نهائياً، أريد دواء فعالاً ومتوفراً في الأردن، وأنا من الصعب جداً أن أذهب للطبيب النفسي بسبب ظروف خاصة.

حالياً أنا مدمن على الكحول بسبب هذا المرض، حيث أن الأعراض تنخفض إلى نحو النصف بعد تناولي الكحول، وبسبب إفراطي في تناول الكحول أصبت بتقرحات في المعدة، وأنا لا أرغب بالاستمرار بالكحول، لأن الجميع بدأ يبتعد عني بسبب الرائحة، كما أنها محرمة.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ aqeel حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: لنبدأ معك من نهاية ما ذكرته في استشارتك، وهي أنك الآن أصبحت مُدمنًا للكحول، لمحاولة علاج نفسك ذاتياً بالحرام من الرهاب الاجتماعي، وأقول لك: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا، وَلا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ)، وأقول لك: قد أضفت إلى مشكلتك مشكلة أخرى، فإدمان الكحول في حدِّ نفسه مرض ويحتاج إلى علاج.

أطلب منك الآن التوقف عن الكحول لله أولاً، لأنه تعالى أمر بذلك فقال: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}، ولأن هذا ليس حلًّا، وإنما مشكلة زادتْ الطين بِلَّة والمرض عِلَّة، ويجب عليك التوقف مباشرة عن الكحول، ويمكن في الفترة الانسحابية من الكحول أن تتناول (فاليم Valuim) والذي يسمى علميًا باسم (ديازبام Diazepam) خمسة مليجرام مثلاً، حبة في الصباح وحبة ليلاً لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ثم حبة ليلاً لمدة أسبوع، ثم توقف عن تناول الدواء، مع تناول فيتامين (ب1)، لا بد من التوقف عن الكحول، لأنه ليس حلاًّ للمشكلة، هذا من ناحية.

مشكلة الرهاب الاجتماعي الذي ذكرته بوضوح شديد وبتفاصيل دقيقة له نوعان من العلاج، علاج دوائي وعلاج سلوكي معرفي، وأرى أنك تحتاج للعلاجين معًا، العلاج السلوكي المعرفي يمكن أن تبدأ به بنفسك، وذلك من خلال:

يجب عليك ألا تهرب من هذه المواقف، ويجب عليك أن تبدأ بمواجهة المواقف، وكما ذكرت أنت أيضًا ووضعت المواقف الصعبة والمواقف التي تجعلك تتجنب في الجامعة، فيجب أن تبدأ بالمواقف الأقل صعوبة، ثم تواجهها.

المواجهة بالمناسبة يمكن أن تكون مواجهة فعلية، بأن تجبر نفسك على الذهاب، أو المواجهة حتى في الخيال، تتخيل أنك ذهبت إلى المحاضرة، وسألك الأستاذ وأجبت على سؤاله، في البداية سيحدث عندك توتر وقلق، ولكن استرخ، وواجه حتى في خيالك إذا صعبت عليك المواجهة الحقيقة، ولتستمر هذه المواجهة لفترات، ثم انقلها بعد ذلك إلى الحقيقة.

ابدأ بالأقل صعوبة، ثم تدرَّج فيها، واعرف - أخِي الكريم - أن هذا أسلوب فعّال لعلاج الرهاب الاجتماعي، الهروب لن يزيد الرهاب الاجتماعي إلاَّ شِدَّة ومشاكل كما حصل لك.

من ناحية أخرى: هناك أدوية كثيرة للرهاب الاجتماعي، ولكن بما أن الـ (زيروكسات Seroxat) لم ينفع معك فأقترح أن تستعمل حبوب الـ (سبرالكس Cipralex) والتي تُعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) وأحسبُ أنها متوفرة في الأردن، عشرة مليجرامٍ، ابدأ بنصف حبة بعد الأكل لمدة أسبوع - أي خمسة مليجرام - ثم بعد ذلك عشرة مليجرامٍ، ومفعول هذا الدواء سيبدأ بعد أسبوعين، ولن تستطيع أن تحكم بفائدته إلاَّ بعد مرور شهرين كاملين من تناوله، حينئذ يمكنك أن تحكم على الدواء هل تحسَّنت عليه أم لا؟ وبعد التحسُّنِ أنصحك أن تستمر في تناول الدواء لفترة تتراوح ثلاثة إلى ستة أشهر، هذا مع العلاج السلوكي الذي ذكرته لك.

وَاجِهْ، ولكن واجه بخطة مُحكمة وبتدرُّجٍ، وإن شاء الله تعالى ربنا يعافيك من هذا الداء الذي يعاني منه كثير من الناس، ولكن بالعلاج وبالصبر وبالمثابرة يتحسَّنون.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً