الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرفض أن يتفضل علي أحد بمعروف ولو كان والدي، فما مشكلتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا طالبة أبلغ من العمر 19 عاماً، ولا يخفى عليكم الأمر أنّ من هم بهذا العمر يحاولون أن يعرفوا ذاتهم أكثر، ويحاولون تطور شخصيتهم وما إلى ذلك، لكن الأمر الذي اكتشفته في شخصيتي جعلني أتضايق فعلا من نفسي، ولكن في نفس الوقت لا أدري إن كان هذا الأمر جيدا أم لا، لكنه يزعجني.

والأمر أنني لا أحب أن يتفضّل علي أحد، أو بمعنى آخر أن يقدم لي شخص معروفا ما، وأشعر بالأمر مع كل الناس حتى والديّ، فمثلاً: لو اشتري لي أبي شيئا غاليا، فإنني أحاسبه على نصف ثمنه، ولو اضطررت أن أعطيه كل مصروفي، وأيضاً: أن يرد أي شخص السيئة بالحسنة، بالرغم من أنني أحاول قدر المستطاع أن لا أخطأ بحق أحد.

لكن الأمر فعلا يزعجني لدرجة أنني أكره الشخص الذي ساعدني، وقدم لي العون, وأتمنى أن لا يتفضل علي أي أحد, أما أن أقوم أنا بمساعدة الآخرين فليس لدي أي مانع بذلك، وأفرح بهذا، لكنني أحاول أن أجد تفسيرا لما أشعر به، لكن دون جدوى، فهل من الممكن أن توضحوا لي ما مشكلتي؟ وكيف أقوم بحلها؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك التواصل المستمر مع الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وأن ينفع بك البلاد والعباد.

أعجبنا وأسعدنا تفكيرك في تطوير نفسك، والمشاعر التي عندك طبيعية، ولها علاقة بمرحلة المراهقة التي وصلت إلى نهايتها، وغالبا ما يتضايق المراهق من المساعدات، خاصة عندما تقدم بصيغة تشعره بأنه محتاج للناس، أو بأنهم يمكن أن يمنوا عليه، ولذلك لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يساعد جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، قدم له المساعدة في صيغة بيع وشراء، فلما وصل إلى المدينة رد النبي -صلى الله عليه وسلم- الدابة والقيمة لجابر -رضي الله عنه-.

ونتمنى أن تخرجي من الحرج المذكور، وتحرصي على مكافاة من يحسن إليك، وهذا هو ماعلمنا إياه رسولنا -صلى الله عليه وسلم-:" من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافؤؤنه فقولوا جزاك الله خيرا، ومن قال لأخيه جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء".

ومن الآداب التي علمها النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة، ما حصل من الفاروق عندما أعطاه النبي-صلى الله عليه وسلم- عطاء، فقال الفاروق: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني، فقال له النبي -صلى الله عيه وسلم:" خذه فتموله، أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك"، وفهم الفاروق الوصية، فكان لا يرد عطاء، ولا يتطلع إلى ما لم يعط.

فاطردي عن نفسك الحساسية الزائدة، وثقي بأن الإنسان يحتاج إلى الآخرين ويحتاجون إليه، فالله جعل بعضنا لبعض سخريا، وقال الشاعر:
الناس للناس من بدو وحاضرة *** بعضٌ لبعض وإن لم يشعروا خدمُ

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، ولقد أسعدنا تواصلك، ونؤيد فكرة تطوير القدرات واكتساب المهارات، بعد حسن الطاعة والعبادة لله، وفقك الله للخير وسدد خطاك وحفظك وتولاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات