الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس بسخونة في جسمي وثقل في عنقي عند سماع الرقية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أكتب لكم بغية استفسار عن حالتي، وهي تتجلى في كوني عندما أستمع إلى الرقية الشرعية جسمي من الجهة اليمنى يسخن، وبعد ذلك أحس بنوع من الدغدغة تحت جانبي الأيمن تحت الإبط، وبعد ذلك أحس بثقل في عنقي ووخز في ظهري، وألم خفيف تحت الكلى، وكل هذا دائمًا من الجهة اليمنى من جسدي.

وجزاكم الله خيرًا، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fanane حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك السلامة والعافية.

فالرقية الشرعية بكلام الله، وكلام أنبيائه من الأمور المستحبة، وخاصة بالفاتحة والمعوذات، قال ابن القيم في المدارج:

إﺫا ﻗﺎﺑﻠﺖ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺰﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻀﺐ ﻭﺣﻤﻴﺔ ﻟﻠﺤﻖ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮﺱ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ اﻟﺴﻤﻴﺔ، ﻭﺗﻜﻴﻔﺖ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻭﺃﺳﺮاﺭﻫﺎ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭاﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭاﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ اﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﺫﻛﺮ اﺳﻤﻪ اﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺮ ﺇﻻ ﺃﺯاﻟﻪ ﻭﻣﺤﻘﻪ، ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﺇﻻ ﻧﻤﺎﻩ ﻭﺯاﺩﻩ، ﺩﻓﻌﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻤﺎ ﺗﻜﻴﻔﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺤﺼﻞ اﻟﺒﺮء، ﻓﺈﻥ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺸﻔﺎء ﻭاﻟﺒﺮء ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ اﻟﻀﺪ ﺑﻀﺪﻩ، ﻭﺣﻔﻆ اﻟﺸﻲء ﺑﻤﺜﻠﻪ، ﻓﺎﻟﺼﺤﺔ ﺗﺤﻔﻆ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ، ﻭاﻟﻤﺮﺽ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻀﺪ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺑﻤﺴﺒﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﺤﻜﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﻢ ﺧﻠﻘﺎ ﻭﺃﻣﺮا، ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﻫﺬا ﺇﻻ ﺑﻘﻮﺓ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ، ﻭﻗﺒﻮﻝ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻨﻔﻌﻠﺔ.

ثم قال: ﻓﻬﻨﺎ ﺃﻣﻮﺭ ﺛﻼﺛﺔ: ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟﺪﻭاء ﻟﻠﺪاء، ﻭﺑﺬﻝ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻟﻪ، ﻭﻗﺒﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻠﻴﻞ، ﻓﻤﺘﻰ ﺗﺨﻠﻒ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺸﻔﺎء، ﻭﺇﺫا اﺟﺘﻤﻌﺖ ﺣﺼﻞ اﻟﺸﻔﺎء ﻭﻻ ﺑﺪ ﺑﺈﺫﻥ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ.

ﻭﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﻫﺬا ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﺳﺮاﺭ اﻟﺮﻗﻰ، ﻭﻣﻴﺰ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺭﻗﻰ اﻟﺪاء ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻰ، ﻭﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ اﻟﺮﻗﻴﺔ ﺑﺮاﻗﻴﻬﺎ ﻭﻗﺒﻮﻝ اﻟﻤﺤﻞ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ اﻟﺴﻴﻒ ﺑﻀﺎﺭﺑﻪ ﻣﻊ ﻗﺒﻮﻝ اﻟﻤﺤﻞ ﻟﻠﻘﻄﻊ، ﻭﻫﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﻄﻠﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺭاءﻫﺎ ﻟﻤﻦ ﺩﻕ ﻧﻈﺮﻩ، ﻭﺣﺴﻦ ﺗﺄﻣﻠﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺷﻬﺎﺩﺓ اﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺬﻛﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﺟﺮﺑﺖ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮﻱ ﺃﻣﻮﺭا ﻋﺠﻴﺒﺔ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺪﺓ اﻟﻤﻘﺎﻡ ﺑﻤﻜﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻲ ﺁﻻﻡ ﻣﺰﻋﺠﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻘﻄﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻨﻲ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮاﻑ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻓﺄﺑﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﻗﺮاءﺓ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ، ﻭﺃﻣﺴﺢ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻞ اﻷﻟﻢ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺣﺼﺎﺓ ﺗﺴﻘﻂ، ﺟﺮﺑﺖ ﺫﻟﻚ ﻣﺮاﺭا ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﻭﻛﻨﺖ ﺁﺧﺬ ﻗﺪﺣﺎ ﻣﻦ ﻣﺎء ﺯﻣﺰﻡ ﻓﺄﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﺮاﺭا، ﻓﺄﺷﺮﺑﻪ ﻓﺄﺟﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻊ ﻭاﻟﻘﻮﺓ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﻬﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻭاء، ﻭاﻷﻣﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮﺓ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺻﺤﺔ اﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎﻥ. انتهى

فهذا كلام الشيخ في الرقية بالفاتحة وما تضمنته من إحداث الشفاء بشهادة قواعد الطب والتجربة، كما شهدت السنة بذلك في حديث شفاء اللديغ بالرقية بالفاتحة.

فعليك -أخي- برقية نفسك بها وبالمعوذات عند نومك، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتكى رقى نفسه بالمعوذات، وبغيرها من كلام الله وكلام نبيه بصدق ويقين.

وقد قال ابن القيم في الزاد: ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﻔﻪ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻼ ﺷﻔﺎﻩ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻔﻪ ﻓﻼ ﻛﻔﺎﻩ اﻟﻠﻪ. انتهى

فتأمل كلام الشيخ واستعمل العلاج على ما وصف لك يحدث الله لك الشفاء ويمن عليك بتمام العافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً