الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أدري كيف أتخلص من العادة السرية وتكيس المبايض!

السؤال

السلام عليكم

أريد أن أكتب كل شيء في داخلي؛ لأني لا أستطيع أن أبوح به لغيري.

حينما كنت في الثاني المتوسط لم أكن –والله- أعلم ما هي العادة السرية، وكنت أفعلها دون حتى أن أدري، حتى وأنا نائمة، وكنت لا أعلم ما هذا! ولكن شعرت بمتعة، وحينما أصبحت بالثاني الثانوي علمت أن هذا ما يسمى بالعادة السرية، وعلمت أن لها مضارا، وأقسم بعزة الله وجلاله أني لا أعلم ما هي، ولم أكن أعلم أن لها دخلا بالجنس، ولم أكن أسمع أو أعرف عنها، فقد أمارسها أحياناً من غير رغبة مني؛ حيث أشعر بأن هناك شيئا يغصبني أن أقوم بها، ثم ينتهي بي الحال أبكي؛ لأني لا أريد فعلها.

أخبرت أمي، وكنت أبكي، وأشرح لها أني لا أعلم كيف أتوقف، وأنا لا أقوم بالتخيل، ولكن حتى وأنا نائمة أشعر بها تحدث لي.

كنت أمارس الصلاة بانتظام، وأول ما يبدأ الأذان تجدني عند السجادة أصلي، وأدعو، وأستغفر، وكنت في راحة نفسية لا يعلم بها إلا الله وحده سبحانه، وكنت ملتزمة بالصيام، وملتزمة بعدة أشياء، ولكني سافرت الآن وأشعر بالموت أثناء الصلاة، وأشعر بالموت إذا قرأت القرآن، وأشعر بالموت من نفسي؛ لأني أعلم أني لست كذلك، وفي نفس الوقت لا أعلم ماذا بي!

أنا إنسانة أحب أن أطور نفسي، وأغير، ولكني لا أستطيع أن أتغير لمدة يوم ثم أعود أدراجي، لقد كرهت نفسي، لماذا أظلم نفسي؟! لماذا؟!

ما زلت أمارس العادة وأنا الآن في الجامعة، وأحلم بأحلام غريبة، أحلم قبل أني أمارس العادة بالحلم، وأعلم بأني سأمارسها بعد هذا الحلم، ولكن حاولت أن أقنع نفسي أن هذا وهم، وأقسم بربي أحيانا أني أضع القرآن لأجاهد نفسي، فأبدأ بالبكاء، وهناك شيء يقتلني لأفعلها، وأنا لا أريد!

أرجوكم أرجوكم، قولوا لي ماذا أفعل؟ لقد تعبت، وهل ستعود صحتي كما كانت؟ علما بأن لدي تكيسا، وتساقطا كثيرا بالشعر، وآلاما بالمفاصل وأسفل ظهري، وصداع شقيقة، وأشعر أنها هي السبب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، وبهذه التفاصيل، والتي من الواضح أنها مؤلمة لك وبشكل كبير، أعانك الله، ويسّر لك طريق التغيير الذي ترغبين فيه.

طبعا ليس مستغربا أن تواجهي كل هذه الصعوبات في الإقلاع عن العادة السرية، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما مررت به في طفولتك ومراهقتك، وسأخصص الحديث عن العادة السرية؛ لاهتمامك الكبير في الأمر:

تنتشر العادة السرية بين الشباب والمراهقين مع الاختلاف من عمر لآخر، وبين الجنسين، ومن مرحلة نمو لأخرى، وفي كل الثقافات، وكثير من هؤلاء الشباب والشابات بعد تجريبها ينتبهون للأمر، ومن ثم يحاولون الإقلاع عنها وخاصة عندما يصبح الواحد منهم مولعا بكثرة ممارستها، وأحيانا ينجح، وأحيانا أخرى يعود إليها من جديد بين الحين والآخر، وهذه هي خاصية الانتكاس الموجودة في غالب السلوك الإدماني. ولكن أرجو الانتباه أن العودة إليها لا تجعل منك فتاة سيئة بهذه الدرجة التي تتخيلين، والله غفور رحيم، مهما عظمت الذنوب؛ إذا أقبل العبد عليه وتاب إليه {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى}.

ومما يمكن أن يعين على ضبط الأمر، وعلى سيطرتك الأفضل الأمور التالية:
1- أشغلي نفسك بالأمور الأخرى:
املئي وقتك بالأنشطة والفعاليات المختلفة؛ حيث يمكن للانشغال والحماس لأعمال أخرى أن يخفف من الشعور بالحاجة للممارسة. وقد وجد من خلال تجارب كثيرة أن الشابة ربما تميل لكثرة ممارسة العادة السرية بسبب ما تشعر به من الملل، وتساعد هذه الأنشطة المختلفة أيضا على ما يسمى (التسامي) حيث تتغيّر الرغبة الجنسية إلى رغبات أخرى أكثر تقدما وحضارة، ومنها:
- الرياضة، ولا شك أن القيام بالرياضة يتطلب تصميما وعزما ومثابرة، حيث يمكنك أن تتقدمي في مجال من مجالات الرياضة كالجري، وتساعد الرياضة بطريقة غير مباشرة على تخفيف التوتر، وتجعلك أميل للهدوء والسعادة والاسترخاء.

- الأعمال الإبداعية، فيمكنك أن تبدئي بالكتابة الأدبية أو الرسم أو التصوير.

- تعلمي مهارات جديدة تعينك في دراستك وعملك، كمهارة الخطابة والترجمة...، فيمكن لهذه المهارات أن تعلمك القدرة على ما يسمى تأخير المكافأة؛ مما يجعلك أكثر قدرة على الصبر ورفض الاستجابة للغريزة.

- العمل التطوعي، وما أكثر مجالاته! فيمكنك أن تقومي مع بعض صديقاتك في مدينتك ببعض الأعمال الخيرية التطوعية كجمع التبرعات للمحتاجين، كجمع الملابس الشتوية للاجئين السوريين المتواجدين عندكم في الأردن للتحضير للأيام الباردة القادمة، وغيرها من الأعمال التطوعية.

2- خططي أثناء النهار؛ لتجنب العادة السرية:
ففي كثير من الأحيان تقوم الشابة بالتفكير مسبقا؛ كيف ومتى وأين ستمارس؟ ولو لاشعوريا، فحاولي أن تمنعي نفسك من البداية. فمثلا إذا كان الوقت الذي تثارين به هو قبيل النوم، فقومي ببعض التمارين الرياضية؛ حتى تُنهكك، ولا تعودي ترغبين إلا بالنوم، وإذا كانت الرغبة والإثارة وقت الحمام، فاغتسلي بالماء البارد ولا تُطيلي المكوث تحت الماء. وإذا كان وقت الممارسة هو بعد العودة من الدراسة فخططي مسبقا ما ستفعلين فور وصولك للبيت..، وهكذا، تلاحظين أنه يمكنك أن لا تتركي نفسك فريسة للغريزة، أو تتركي نفسك لآخر لحظة، حتى تجدي نفسك أمام الإثارة الجنسية؛ مما يُضعف مقاومتك.

3- قللي من انفرادك بنفسك:
وإذا كان من عوامل الإثارة، أو مما يجرّؤك على الممارسة أنك بمفردك، فحاولي أن ترتبي أمورك، بحيث يقل الوقت الذي تجدين فيه نفسك بمفردك، فاجلسي مثلا مع الأسرة، وادرسي مع أخت لك أو صديقة، واخرجي من البيت، وأكثري من حضور أنشطة زميلاتك كالدروس الدينية، والنادي الرياضي، وغيره، أو زيارة المكتبة العامة للدراسة وكتابة الواجبات.

4- تجنبي ما يثير على الإنترنت:
كثير من الشابات تمارس العادة السرية بعد أن تثار من مشاهدة بعض المناظر أو المواقع الجنسية على النت، ولا شك أنك تستطيعين عمل الكثير لمنع هذا، ومنه على سبيل المثال لا الحصر:
- ضعي برنامجا خاصا يوقف فتح المواقع غير المناسبة.
- ضعي اللاب توب أو الكمبيوتر في غرفة الجلوس مع أسرتك، أو استعمليه بوجود أحد أفراد الأسرة.
- إذا كنت تستعملين وسائل التواصل الاجتماعي لمشاهدة ما يثير، فلا شك أنك تعرفين طرقا متعددة؛ لتمنعي هذا.
- إذا كنت تحتفظين بصور جنسية ورقية، أو في جهازك، فاحذفيها مباشرة.
- لا تستعملي اللاب توب -مثلا- أو الجوال وأنت في السرير، فالسرير للنوم فقط، وليس للدراسة.

5- كوني صبورة ومثابرة: فالتوقف عن ممارسة العادة السرية، وكما تعلمين من تجربتك الذاتية، لا تتوقف بسهولة، أو من نفسها، وإنما لا بد من التصميم والصبر والمثابرة، وكما تعلمين أن اتخاذ قرار التوقف سهل جدا، وإنما الاستمرار عليه هو الصعب، وهذا حال كل الإدمانات، وكما قال أحدهم مثلا عن التوقف عن التدخين: "التوقف عن التدخين أمر سهل جدا، لقد فعله مئات المرات"!

6- كافئي نفسك على التوقف:
فكلما مرت عدة أيام أو أسابيع عن التوقف كافئي نفسك بأمر آخر تحبينه كأن تكون لعبة جديدة -مثلا- أو طعاما تفضلينه، أو عطراً جديداً..، على أن لا تكون المكافأة مما يدفعك للمزيد من الإثارة والممارسة.

7- فكري بشكل منطقي:
تذكري بأنك شابة مراهقة، والفتن محيطة من كل جانب، فلا تجعلي الإخفاق في الامتناع يُشعرك بفقدان الأمل من المحاولة مجددا، كما يمكن أن يوحي إليك الشيطان عندما يهمس في أذنك: يبدو أنك لن تستطيعي التوقف، فهيا استمري عليها! وتذكري أيضا أن الكثير مما يذكر من الأضرار الطبية للعادة السرية كالجنون والعمى إنما هي خرافات بعيدة عن الواقع.

8- اعرفي متى تطلبين المساعدة:
في بعض الحالات التي يصل فيها الأمر لحدّ الإدمان الشديد، فقد تحتاجين لاستشارة أخصائية نفسية في الامتناع عن الإدمان، فلا تترددي في الاستشارة المباشرة.

9- اطمئني وثقي بأن الأمر لا شك سيتحسن:
فهذا مما يساعدك على امتلاك العزيمة على الصبر والاستمرار، فالأمر سيتحسن، وخاصة مع مرور الأيام، واكتمال نموك ونضجك النفسي والاجتماعي.

10- استعيني بالصلاة، والدعاء، وتلاوة القرآن، والصيام؛ فهذا سيفيدك بشكل مباشر، وبشكل غير مباشر عن طريق أنك ستضطرين للبقاء على وضوء معظم الوقت، ولا تذهبي للنوم إلا وأنت على وضوء، مما يساعدك على الامتناع عن الممارسة. وقد لاحظت أنك ذكرت ضعف التزامك بالصلاة في الفترة الأخيرة، فأرجو أن تعملي على تقوية علاقتك بالله تعالى من جديد، بارك الله فيك.

فإذًا -وكما تلاحظين- أن التوقف عن العادة السرية ليس شيئا يحدث من تلقاء نفسه، وإنما أمر علينا أن نخطط له، ونهيئ الظروف له، فلا نعود تحت سيطرة الغريزة، وإنما هناك قدرة عجيبة عند الإنسان تعينه على سيطرة روحه على جسده، والمعنوي على المادي، والإيماني على الغريزي...، وهذه هي من جملة الدروس التي نتعلمها كل عام من الصيام في رمضان وغيره. ولا ننسى الحديث النبوي: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فأنه أغضب للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) أي وقاية، وهذا للشباب والشابات.

وفقك الله، ويسر لك الخير والصلاح.
++++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة د/ رغدة عكاشة استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم
++++++++++++++++++
يؤسفني -يا ابنتي- معرفة بأنك ما زلت مستمرة في ممارسة هذه العادة القبيحة, والتي لا تجلب على الفتاة إلا الهم والغم والكرب, وتتركها فريسة للمخاوف والوساوس تتنازعها, وتنغص عليها حياتها, وأنصحك بالتوقف عنها, فجسمك لم يخلق للعبث, بل لمهمة عظيمة في هذه الحياة, هي الحمل والإنجاب, وهو أمانة عندك, فحافظي على هذه الأمانة, لأنك ستسألين عنها يوم القيامة.

إن تكيس المبايض قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى هرمون الذكورة في الجسم, وارتفاع هذا الهرمون في دم الأنثى فوق الحدود الطبيعية يؤدي إلى ظهور بعض أعراض الذكورة عندها، مثل: تساقط الشعر, السمنة الجذعية, ظهور الشعر في أماكن غير مألوفة للنساء, وأيضا قد يزيد من الرغبة الجنسية في بعض الحالات, وبعلاج هذا التكيس ستتراجع هذه الأعراض تدريجيا إن شاء الله تعالى.

وقد يساعدك علاج التكيس في التخلص من ممارسة العادة السرية عن طريق عاملين:

الأول: هو العامل النفسي؛ حيث ستتحسن الأعراض المزعجة والمشوهة من تساقط في الشعر, وحب الشباب, والشعرانية, فتزداد ثقتك بنفسك؛ مما ينعكس إيجابا على نفسيتك، وعلى قدرتك في التحكم بتصرفاتك.

الثاني: هو عن طريق خفض مستوى هرمون الذكورة في الدم, والذي قد يكون سببا في زيادة الرغبة الجنسية في بعض من هذه الحالات.

ويجب التأكد –أولاً- من أن ما تعانين منه هو فعلا تكيس على المبيضين؛ لأن التكيس هو تشخيص يتم بالنفي, أي بعد التأكد من عدم وجود خلل هرموني آخر, لذلك أرى من الضروري جدا أن تقومي بعمل هذه التحاليل:
LH-FSH-TOTAL AND FREE TESTOSTERON-TSH-FREE T3-T4-PROLACTIN-DHEAS-17-HYDROXYPROGESTERON-CORTISOL
ويجب عمل التحاليل في اليوم الثاني أو الثالث من الدورة, وفي الصباح، فإن تأكد وجود التكيس, فإن أفضل طريقة لعلاجه في غير المتزوجة هي:
1- خفض الوزن إلى أن يصبح مناسبا للطول, وممارسة الرياضة بشكل يومي, واتباع نمط حياة صحي من ناحية الطعام والنوم.

2- تناول حبوب تسمى (الغلكوفاج) والبدء بحبة واحدة من عيار (500) ملغ يوميا في الأسبوع الأول, ثم زيادتها إلى حبتين يوميا في الأسبوع الثاني, ثم ثلاث حبات يوميا في الأسبوع الثالث, والاستمرار على هذه الجرعة لمدة لا تقل عن (6-9) أشهر.

3- البدء بتناول حبوب منع الحمل من النوع ثنائي الهرمونات, مثل حبوب (جينيرا أو ياسمين) فهذه الحبوب ستساعد في علاج التكيس, وستنظم الدورة, وستقلل من أعراض ارتفاع هرمون الذكورة, ولن تؤثر على الخصوبة مستقبلا بإذن الله تعالى, ويجب تناولها لمدة لا تقل عن سنة؛ للحصول على نتائج, وبعد مرور سنة يمكن إعادة تقييم الحالة ثانية.

أسأل الله -عز وجل- أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ألمانيا عبدالسميع

    جزالله الصالحين كل خير وحسبي الله في كل من يفسد افكارالشباب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً