الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أشخص حالتي مع تداخل الأعراض العضوية بالحالة النفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سوري مقيم في السعودية -الرياض- شاب أبلغ من العمر 18 سنة، ليست لدي أي وظيفة، ولا أدرس منذ تخرجي من المدرسة، ولا أدخن -ولله الحمد- أو أتناول أي مواد أو أدوية، طولي (175 سم تقريبًا) ووزني (59 - 60 كجم تقريبًا) أعتذر لأني لأ أعلم ما هي فصيلة دمي بصراحة.

أعاني منذ قرابة الشهرين أو أكثر من تسارع ملحوظ ومقلق في نبضات القلب في أغلب الأوقات تقريبا، خاصة عند التوجه للنوم، وعند الاستيقاظ من النوم كذلك، أو عند السهر وحيدا في الليل -وأنا كثير السهر- وعند التوتر طبعًا والقلق، حتى لو بشكل بسيط.

عند بذل أي مجهود يبدأ القلب بالنبض بشكل سريع جدًا، لدرجة أني أصبحت أتجنب الجري أو المشي السريع حتى لو لمسافة قصيرة، أو ممارسة أي رياضات بسبب ذلك، وفي بعض الأحيان أشعر بعدم وجود نبضات من الأساس تمامًا، كما لو أن القلب توقف عن النبض لثانية أو ثانيتين؛ مما سبب لي توترا وقلقا شديدا، وبصراحة أنا لم أزر أي طبيب إلى الآن؛ خوفًا من سماع أخبار مقلقة، وأنتظر منكم أن تشرحوا لي حالتي بوضوح، هل هي مقلقة أم طبيعية؟

ولا أخفي عليكم: أنا كثير التوتر والتفكير والخوف والانفعال منذ سنوات، ولكن لا أعلم ما إذا كان هذا هو السبب وراء تسارع وعدم انتظام النبض، كما أنني أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ فترة ليست بالقصيرة، وهي تسبب لي الخوف والتوتر كثيرا، ولهذا أنا أقضي أوقاتا طويلة جدًا في المنزل، وخروجي من المنزل قليل جدًا (ولا أمارس الرياضة).

كما أعاني أيضًا من آلام خفيفة في الصدر ظهرت مؤخرًا، تأتي أحيانا على شكل نغزات وآلام بشكل عام في الجهتين اليمنى واليسرى، ولكن باليسار تكون أكثر ومستمرة -منطقة الإبط والذراع وأعلى الجانب الأيسر من البطن، وكذلك بالجانب الأيسر من الظهر- وفي بعض الأحيان أشعر بتشنج أو شد في الكتف الأيسر، وعضلة الذراع (الزند) وبالجهة اليسرى من الظهر، بالإضافة إلى ضيق في التنفس أحيانا، وجفاف في الفم، وصعوبة في بلع الريق، مع شعور برغبة في الاستفراغ (التقيؤ) وأشعر أن هناك كمية كبيرة من البلغم في صدري.

ملاحظة بسيطة: أشعر أن هناك عظمة في الجهة اليسرى من الصدر بارزة أكثر من نظيرتها في الجهة اليمنى، وبشكل بسيط جدًا، أشعر بها عند التحسس باللمس، لا أعلم ما إذا كان هذا طبيعيا، وربما أكون قد أهلوس وأوسوس.

هناك أعراض أخرى قد تفيدكم أيضًا في تشخيص حالتي: فأعاني منذ 3 سنوات تقريبًا من كثرة التجشؤ، ومن وجود غازات في الجسم، أتجشَّأ كثيرًا جدًا في كل الأوقات، حتى لو كانت معدتي خاوية من الطعام والشراب، وأشعر أن المعدة والصدر بها كمية كبيرة من الغازات.

بالإضافة إلى شيء غريب وهو عند الأكل؛ أشعر أحيانا أن الطعام ينزل في صدري عند جهة القلب، لدرجة أنني أشعر بثقل في الجهة اليسرى من الصدر والظهر وبالكتف الأيسر، والذي يصبح مشدودا قليلاً بعد تناول الطعام، وأعاني منذ سنوات من الرهاب الاجتماعي مما صعَّب علي العيش بصورة طبيعية مثلي مثل أي شخص بسني، وهو ما جعلني أتجنب الذهاب للجامعة، وهذه الأعراض مع الأسف جعلت حياتي أكثر تعقيدًا وكآبة.

بدأت أوسوس كثيرًا، وأفكر في العديد من الأمور السيئة، مثل وجود أمراض قلبية أو صدرية مميتة، وهذا التفكير لا يفارقني، فأرجو أن تطمئنوني، وأن تذكروا لي سبل العلاج.

بوركتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وصفك للأعراض التي تعاني منها -خاصة الأعراض الجسدية مثل: سرعة دقات القلب، وآلام الصدر، والغازات- يتم بتفصيلات دقيقة، وواضح أنه يخفي بعدًا نفسيًا واضحًا، واهتمامًا زائدًا بها، وطبعًا هناك الأعراض النفسية الواضحة مثل الرهاب الاجتماعي، عدم الخروج من المنزل، والقلق والتفكير، وواضح أيضًا الاختلال الوظيفي الذي نتج عن هذه الأشياء بعدم ذهابك إلى الجامعة.

كل هذا يتطلب تدخلاً طبيًّا، يجب عليك –يا بُنيَّ– أن تستجمع قواك، وتتوكل على الله، وتقابل طبيبًا، وسماع الأخبار خير من انتظارها، إنك بنفسك تعلم أنك تعاني، فأي خبرٍ سيئ سيقوله الطبيب أكثر ممَّا تحسُّ به في نفسك، أثَّر على حياتك، وجعلك عاطلاً تعاني؟!

اعلم –يا بُني– أن لكل داءٍ دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، وإن شاء الله تعالى معظم هذه الأشياء يمكن علاجها، وتتحسَّن حالتك وتعيش حياة طبيعية.

الأمراض مختلفة الآن كثيرة: أمراض القلب، لكن تطورت الفحوصات الطبية، وأمراض الجهاز الهضمي، وقد تطورت المناظير، هذا إذا كان أصلاً ما تعاني منه عضوياً، ولكني أكاد أجزم بأن ما تعاني منه نفسي في المقام الأول، ولذلك أنصحك بمقابلة طبيب نفسي، فقط اشرح له ما شرحته لنا، حتى ولو كتبته في قِصاصة من ورق، وبعد ذلك سوف يقوم بفحصك، وإجراء كشف للحالة العقلية، وإعطاء العلاجات اللازمة، وبإذن الله تعالى تتحسَّن حالتك، وتستطيع أن تعيش حياة طبيعية.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً