الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني وساوس وأفكار غير منطقية بعد زوال نوبات الهلع، فما سببها وعلاجها؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، عمري 20 سنة، أدرس في الجامعة، مشكلتي هي أنني كنت أعاني من نوبات الهلع والقلق والأرق، فقد أصبت بها سابقا عدة مرات، ولكن في فترات متفاوتة، والجيد في الأمر هي أنها في كل مرة تأتيني تكون أخف من المرة السابقة، وقد أصابتني آخر مرة قبل 3 أسابيع تقريبا، واستمرت لمدة أسبوع أو أقل، وبعدها زالت، مع بقاء بعض الأعراض، ولكن أشعر الآن -والحمد لله- بأني تحسنت بشكل كبير، وأحس بأني أصبحت أجيد التعامل معها.

فسابقا كنت أقرأ بأنه يجب علاج هذه النوبات بأدوية، ولكنني فرحت بشدة عندما وجدت نفسي أستطيع التغلب عليها بدون أدوية، والتزمت بالقرآن والصلاة والأذكار، وتشغيل سورة البقرة يوميا، ولكن المشكلة الآن أنني أصبحت أصاب بوساوس وأفكار غير منطقية، فمثلا أشعر بألم عند منطقة الصدر فأقول: إما أن يكون مرضا في القلب أو سرطانا، وأبدأ بالتوجس والخوف.

ولكن بعدها أتذكر قوله سبحانه وتعالى: ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )، فأصبح على يقين بأن هذه ليست إلا وساوس، وأنه لن يصيبني إلا ما كتب الله لي، فأبدأ بتجاهل الأفكار، ولكن الآن أتتني حالة غريبة، ربما لأنها أول مرة تصيبني، فأصبحت لا أستطيع التحكم فيها، وهي أنني فجأة فكرت وقلت في نفسي: ماذا سيحدث لو أنني اكتشفت أن كل هذا العالم من حولي مجرد خيال؟

كانت تلك في البداية مجرد فكرة عابرة، ولكن فجأة شعرت بخوف وقلق، وبدأت بالاسترسال مع هذه الفكرة، إلى أن ثبتت في عقلي، وهي أنني أعيش في خيال، وكل عائلتي مجرد خيال، وقرأت في الانترنت عن هذه الأعراض وأسبابها، فوجدت أنها قد تكون سببا من أسباب الفصام أو الذهان، فقرأت عنه، وتلك كانت مصيبة أخرى، فعلمت أنه مرض عقلي، وأنه مزمن، وهذا كان سببا لعيشي في قلق وخوف.

فبدأت أشك بأني مصابة به، على الرغم من أن الأعراض لا تتطابق معي، فأنا -والحمد لله- لا أشعر بهلاوس في البصر أو السمع، ولا أشعر بأن هناك أحدا يراقبني، وما إلى ذلك من أعراض، ولكن مع هذا فالوساوس مستمرة معي، وأخشى أنني فعلا مصابة بهذا المرض، والآن أنا أحاول تجاهل هذه الفكرة، ولكن ما إن أتجاهلها حتى أتذكر فكرة أنني أعيش في خيال، فيبدأ تعكر المزاج والقلق، لأني حقا أكره هذه الفكرة السخيفة، وأعلم أنها غير منطقية، ولكن لا أعلم ما سببها، وأحس بأني الوحيدة التي تشعر بهذا الشعور.

قرأت معاناة أشخاص يعانون من نفس أعراضي تقريبا، تأتيهم أفكار بأنهم يعيشون في خيال وحلم وما إلى ذلك، وهذه كانت سببا في دخول أفكار سلبية جديدة لعقلي، وهي أنني مريضة، ولن أشفى، وما إلى ذلك.

أريد منكم فضلاً أن تساعدوني، وتقدمون لي تفسيرا لهذه الحالة؟ هل القلق والنوبات التي عانيت منها لمدة 5 سنوات كانت سببا في ظهور هذه المخاوف من أني أشعر بأني أعيش في خيال؟ مع العلم أنني عندما أشغل نفسي بالكلام والحديث تختفي هذه الأفكار، ولكن ما إن أعيد التفكير بها ترجع، وأشعر بأني أعيشها مرة أخرى.

أرجوكم: أريد تفسيرا فقد تعبت من التنقل من موقع لآخر، فأنا الآن طالبة جامعية، والامتحانات مقبلة بعد أسبوعين، ولا أريد من هذه الأفكار المزعجة أن تؤثر علي.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: أعراضك واضحة جدًّا، وقد وصفتها بصورة جليَّة، من بدايتها إلى نهايتها -إلى آخر ما تعانين منه الآن-، هي أفكار وسواسية، ونوبات الهلع والقلق والتوتر كانت هي البدايات، بعد ذلك ظهرت هذه المخاوف الوسواسية، وأخذت الطابع النفسي المعقول، وهي أفكار افتراضية في جُلِّها.

أيتها الفاضلة الكريمة: الوساوس -أيًّا كان نوعها- تُعالج من خلال التحقير والتجاهل التام، واستبدال الفكر بفكر آخر مخالف، لكن هذا النوع من الأفكار يحتاج بكل تأكيد لعلاجٍ دوائي.

أنت تعيشين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبفضل الله بها خدمات الطب النفسي متميزة جدًّا، فاذهبي وقابلي الطبيب النفسي، سوف يصف لك أحد مضادات القلق المخاوف الوسواسي، فهنالك عدة أدوية منها:

الـ (سبرالكس Cipralex)، ومنها الـ (فافرين Faverin)، ومنها الـ (زيروكسات Seroxat)، كلها أدوية طيبة، وكلها أدوية مفيدة، وإن شاء الله تعالى في ظرف ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية تناول الدواء سوف تحسِّين بتحسُّنٍ كبيرٍ، وسوف تَقِلُّ حِدَّةُ هذه الأفكار وتضعف تدريجيًا إلى أن تختفي تمامًا.

عليك بالمثابرة في تحقيرها، وعدم مناقشتها، وأن تجعلي وقتك مُدارًا بصورة جيدة، بحيث لا يكون لديك فراغ، ولا بد أن تكون لك مشاركات في أسرتك. التهميش وأن تعيشي في أطراف الأسرة هذا أمرٌ مرفوض تمامًا، والإنسان يكتسب مهاراته ويملأ فراغه بصورة صحيحة حين يكون متفاعلاً مع الأسرة، يُشارك في قراراتها، يُخطط فيما هو خيرٌ لها، والحوار لا بد أن يتوفر في داخل بيوتنا وأُسَرِنا، حتى لا تنعزلي وتعيشي مع وساوسك.

ممارسة الرياضة بصورة منتظمة فيها فائدة كبيرة جدًّا للإنسان ولا شك في ذلك، تطبيق تمارين الاسترخاء بكثافة أيضًا سوف يفيدك كثيرًا.

إن شاء الله تعالى سوف تؤدِّين امتحاناتك بصورة رائعة ورائعة جدًّا، اذهبي إلى الطبيب ليعطيك الدواء الإسعافي، ثم بعد ذلك تبدئين في العلاج المستمر للوساوس القهرية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب حمزة

    الكون و الحياة شيئ ملموس من المستحيل ان يكون خيالا . ولدينا عقل يفكر بالمنطق هذا في حذاته وجودي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً