الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحدث مع الرجال في برامج التواصل الاجتماعي وخطورته في تشويه السمعة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود طرح مشكلتي، طالبةً منكم النصح.
كنت أتحدث كثيرا في الماسنجر مع بنات أو أولاد بشكل عام، حصل وكنت أتحدث باسمي الصريح، وأدلي بكافة معلوماتي، وحدث أن أحبني أحدهم، وقرر الزواج مني، لكن ذلك غير ممكن.

من بعدها أصبح ينعتني بأبشع الصفات الصادمة لم أسمعها يوما في حياتي، بكيت كثيرا، ولمت نفسي أكثر لتعرفي على أناس والتحدث معهم بصدق، ولكني لا أعرف عنهم شيئا وعن حياتهم البتة، ليس ذلك فحسب، لكنه تمكّن من الوصول لبريدي والتواصل مع بعض أصدقائي، وأيضا تلفظ بكلام لا يليق عليهم، أصبت بالإحباط من بعدها، واسودت الدنيا في عيني، أحسست بإثم عظيم نتيجة سذاجةٍ وثقةٍ عمياء.

صديقاتي ابتعدوا عني وأصبحن يعاملنني كبنت سيئة عديمة التربية وغير ذلك من التلميحات الجارحة، بل أصبحن يبحثن عن ماهية الشخص الذي تلفظ عليهن بوضعي في مواقف، واستجلاب الأجوبة مني دون شعوري بها.

لكنني وثقت في ناس عديمي الثقة، كنت أتحدث عن حياتي اليومية ككتاب مفتوح، كتحدثي مع أمي وإخواني، لم يكن ببالي أن ذلك ممكن أن يكون جحيما علي في يوم من الأيام.

سئمت تلك الاستفزازات التي تعرضت لها، أصبت بالاكتئاب والقلق، هل يحق لهم البحث من خلفي عن ماهية الشخص واستفزازي به؟ هل يحق لهن نعتي بعديمة الثقة وقليلة التربية؟ فقدت الثقة في نفسي وفي من هم حولي، كرهت العالم أجمع. لم أكشف يوما ما ستراً لأحدهم، صُدمت بالكثير، هل يحق لهم النظر لهاتفي ومراقبتي؟ لم أقم بعمل شنيع.

أرجو إرشادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لجين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن التواصل مع الشباب كان خطأ كبيرا، وما فعلته ناتج فعلا عن سذاجة منك والتحدث عن نفسك، وما تفعلين ككتاب مفتوح غباء، فأكثر الشباب الذين في الطرف الآخر من الشبكة العنكبوتية هم من الذئاب البشرية الذين ينصبون شباكهم للعبث بمشاعر البنات بعبارات الحب الكاذب والوعود الكاذبة، كي يتوصلوا للعبث بشرفهن، ومن ثم يرمونهن غير آسفين، فإن لم يقدروا على فعل شيء لجئوا لتشويه السمعة كما حدث معك.

وهذه غلطة كبيرة وقعت فيها، عليك أن تستغفري ربك منها وتتوبي توبة نصوحا، والتي من شروطها الإقلاع عن الفعل، والندم على ما حدث، والعزم على ألا تعودي مرة أخرى.

ونصيبك في الزواج سيأتي إليك بالطريق المشروعة المعروفة، وليس بهذه الطريقة المليئة بالمخاطر.

وأما توصله لبريدك الشخصي وأخذ عناوين زميلاتك، ومن ثم أذيتهن، فهذا أمر ليس بيدك، فإن هناك قراصنة يستطيعون سرقة حسابات الناس في البريد الإلكتروني ويسحبون كل عناوين الأصدقاء، بل وأسرار صاحب البريد، فلا يجوز لزميلاتك أن يتهمنك بتلك التهم طالما لم تُعط لذلك الشخص كلمة المرور للبريد، ولم تتحدثي معه عنهن بشيء، ولا يجوز لهن أن يبحثن عن ماهيته من أجل الضغط عليك، أو تشويه سمعتك. أما إن كنت قد بحت ببعض أسرارهن، أو تكلمت معه عن سيرتهن، فكلامهن فيك صحيح.

واعلمي أيها الأخت الكريمة أنك قد خنت ثقة والديك بك، فلو عرفوا ما فعلته لضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، ولصارت وجوههم مسودة من الفضيحة.

أما نظر زميلاتك في هاتفك ومراقبتك؛ فلا يجوز لهن ذلك، لأنهن لسن ولاة أمرك.

ونصيحتي أيتها الابنة الكريمة أن تعتذري وتستسمحي من زميلاتك، فتلك زلة وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، والستر على المسلم مطلوب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة)، وينبغي عليك وعليهن أن تغيروا العناوين التي وقعت في يد هذا المجرم، سواء أرقام هواتف أو بريد إلكتروني أو حسابات على شبكة التواصل الاجتماعي، وبهذا ترتاحون جميعا من شره.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله تعالى، والإكثار من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن وكثرة الاستغفار، وغير ذلك مع التضرع لله بالدعاء أن يغفر الزلات ويهديك لأحسن الأخلاق وأن يصرف عنك سيئها. وأسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا جميعا، وأن يصلح أحوالنا، ويستر عيوبنا، وأن يؤلف بينك وبين زميلاتك آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً