الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شاب يرغب بنصيحة أمه المطلقة بحقها في الزواج

السؤال

أنا شاب عربي مسلم، طالب جامعي، في آخر مرحلة من تعليمي، أسكـن حاليـاً مع والدتـي، والتي طُلقت من والدي منذ أكثر من عشر سنوات.

المشكلة ليست بي أنا، ولكنها بوالدتي التي آثرت العيش معـي واحتضانـي وتربيتـي علـى أفضـل خلق، والسهر على راحتي طيلة السنوات السابقة، حتى صرت بعمر يخولنـي الاعتمـاد علـى نفسـي، ويؤهلني لأن أكون مستقلاً في حياتي، فأنا وإن لم أكن قادراً على الارتباط الآن؛ فلابد أن يحصل هذا قريباً.

المهم أني في سن النضوج، ويمكنني الاعتماد على الله، ثم على نفسي، وشق طريقي بمفردي.

والدتي التي ضحت بحياتها وشبابها ومستقبلها من أجل الانصراف إلى تربيتي مشكلتها أنها ما زالت في مقتبل العمر، وعلى قدر من الجمال، مما يتيح لها الـزواج، وحتـى الإنجـاب أيضـاً، وأنـا لا أريد أن أظلمها معي أكثر من ذلك، وأخاف أن لا أوفيها حقها، وأن أظلمها معي أكثر فأكثر في بقائها معي بدون زواج؛ لأني كمسلم ومتعلم وحر، ومن صناع الحياة، أفكر بأن أفاتحها بموضوع الزواج في حال تيسره لها، أو تقدم لها من ترضاه زوجاً، ومن يحافظ عليها ويصون شبابها؛ لأني أعلم مدى حاجة المرأة للرجل، والعكس بالعكس، خاصةً في أيامنا هذه، مع العلم بأنها ستظل أمي وأظل أنا ابنها.

فما رأيكم في هذه الخطوة؟ لأني أريد أن أقدمها لها بمناسبة عيد الأم، وعيد الحب، تقديراً لها، ولكل أم، وأشجع كل مسلم وكل صانع حياة أن يتقدم من أمه بمثل هذه الخطوة.

ولكم شكري وتقديري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ س ح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

نسأل الله العظيم أن يرزقك البر بوالدتك، وأن يعينك على الإحسان لأبيك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

وشكراً لك على هذا الوفاء، ونسأل الله أن يكثر من أمثالك، وحاجة النساء للرجال لا تخفى، وكذلك الأمر بالنسبة للرجال، ولا مانع من عرض الأمر عليها، والأفضل أن يقوم بعرض رغبتك هذه أحد إخوان الوالدة، أو أحد محارمها الآخرين.

وإذا صبرت الأم وأحسنت التربية فهي مأجورة عند الله، ولن تتضرر بعد هذا العمر إذا تزوجت برجل آخر، ولكني أنصحك بعدم ربط هذا العرض بهذه المناسبات الدخيلة علينا، فنحن نحتفل بالأمهات في كل صباح ومساء، وليس في يوم واحد في السنة كما يفعل أهل الغفلة والكفران، والأم هي أحق الناس بحسن الصحبة، وهي أولى الناس بالرجل، وليس حبنا للأمهات وروداً وزهوراً نقدمها، ولكننا نعبر عن حبنا للآباء والأمهات بالبر والدعاء والحرص على إدخال السرور عليهم، واتخاذ كافة الوسائل الكفيلة بإسعادهم.

وإذا شعرت الوالدة برغبتك هذه فلا شك أنها سوف تسر وتفرح، ونحن في زمان كثرت فيه الفتن، ولا نجاة للناس بعد تقوى الله وعبادته إلا بطلب الحلال، ولا مانع من البحث عن الرجل المناسب إذا كان ذلك لا يخدش مشاعرها وكرامتها، وقبل ذلك أرجو أن تتأكد من رغبتها في الزواج.

وأرجو ألا تتضايق إذا رفضت هذا العرض، فقد تكون لها أسباب ووجهات نظر مختلفة، والثيب أحق بنفسها، وذلك لأنها خبرت الرجال وتعرفت على الكثير من صفاتهم وأحوالهم، ولا تقصر في حقها مهما كانت الظروف والأحوال، ولا تنس أن تشكرها على صبرها وحرصها على سعادتك، وقل لها هذا أوان الوفاء لصاحبة العطاء.

واحرص على كثرة الدعاء لها، وصل صلاة الاستخارة قبل عرض هذه الأمر عليها، وشاور من تراه من أهل الخير من محارمها، وأرجو أن ترى فيك من الصلاح والنضوج ما يشجعها لاتخاذ مثل هذه الخطوة، ولا شك أن تفكيرك بهذا دليل على أنك كبير وعاقل، وأسأل الله لك السداد والتوفيق ولوالدتك الخير والسعادة.

ونوصيك بضرورة الإحسان إلى والدك أيضاً، وإذا كان بالإمكان عودة الوالدة إلى بيت الوالد فهذا خير كبير، وإلا فعليك بالبر بهما جميعاً.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً