الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من دورة المياه ولا أستطيع التحكم بوساوسي، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد التحية والاحترام دكتوري الكريم.

أعاني من الوسواس القهري منذ (20) سنة، فأنا أخاف من من دخول الخلاء، ولا أستطيع تنظيف نفسي، فأقضي ساعات طويلة في دورة المياه أحاول أن أنظف نفسي لكنني لا أستطيع إلا بعد مشقة طويلة.

عمري (48) سنة وقمت باستشارتك -دكتوري الفاضل- ووصفت لي دواء (البروزاك 80 ملغم)، ودواء (الرزبريادين 2 ملغم)، أكملت ستة أشهر ولم أشعر بأي تحسن، والآن أنا متعبة نفسيا وجسديا، وأنت تعلم -يا دكتور- أننا نعاني من نقص الأطباء في العراق.

أرجوك -يا دكتور- أن تقدم لي المساعدة، فأنا لم أعد قادرة على تحمل المرض، وقد جربت كل شيء: الرقية الشرعية والأدوية، وزيارة المشايخ، لكن دون جدوى -والحمد لله-، علما أنني أتناول (البروزاك) منذ (15) سنة، أرجوك -يا دكتوري الفاضل- أن تصف لي الدواء المناسب فقد توقفت حياتي تماما، وأنا امرأة ضعيفة ولا أملك إرادة داخلية.

وشكرا جزيلا، وحفظك الله من كل داء، وجزاك الله عن المرضى خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: الوسواس القهري يجب ألا يهزمك، ويجب أن تقهريه.

الذي أزعجني قليلاً هو أنك قد تعايشت مع الوسواس، قد تطبَّعت، وهذا أمرٌ يجب ألا تقبلي به الآن. لا بد أن يكون لديك الدافعية والقوة والشكيمة. من أسوأ الأشياء أن يتطبع الإنسان على وسواسه، خاصة وساوس الأفعال.

أنت الآن يجب أن تكوني أكثر قوة وعزمًا بأن تحسمي موضوع دخول الخلاء (الحمام) ولا بد أن تُحددي كمية الماء للاستنجاء وللاستبراء، لا تجعلي ماء الصنبور هو مصدر الماء بالنسبة لك، يجب أن يُغلق الصنبور، وتأخذي ماءً معقولاً في إبريقٍ، إذا لم تقومي بهذا فلن تتعالجي، نعم هذا سوف يُسبب لك الكثير من القلق والمعاناة، لكن بعد أسبوع إلى عشرة أيام إذا واصلتِ مسيرتك على نفس النمط سوف تتغيَّر الأمور وتتبدَّل، وحتى بالنسبة للوضوء يجب أن يكون الماء في إبريقٍ، واعلمي أن الإسراف مذموم في ديننا، وهكذا بالنسبة للغسل.

هذه التمارين يجب أن تُطبق بحذافيرها، ودون أي مساومة، وإذا لم تقومي بذلك أخشى كثيرًا أن تطبُّعك مع الوسواس سوف يزداد، وسوف يكون أكثر إطباقًا عليك. هذا مهمٌّ جدًّا.

ويا حبذا لو استرشدتِّ بمرشدة نفسية، أنا أعرف الظروف في العراق، لكن العلاج السلوكي بسيط جدًّا، وأحيانًا الإنسان يحتاج لنموذج وقدوة تُوجِّهه، وتُصِرُّ عليه، والأخصائية النفسية يمكن أن تصل معك لدرجة أن تذهبي إلى الحمام في وجودها وتقضي حاجتك وهي التي تُحدد لك كمية الماء وتُعطيك إياه، وتُحدد لك المدة الزمنية لقضاء الحاجة، هذا تمرين رائع ورائع جدًّا، وإن لم تتح لك فرصة وجود أخصائية نفسية فاطلبي من أحد أخواتك أن تقوم بهذا الدور، كمساعدة علاجية بالنسبة لك.

أنا أعتقد أن ذلك سوف يكون أفضل، لأن الوسواس تفرَّد بك، وأنت وصلت إلى تطبُّعٍ معه، هذا هو العلاج الرئيسي، أما الدواء فهو يُساعدك ولا يحلُّ هذه المشكلة حلًّا كاملاً، الدواء يُفتت الوساوس ويجعلها أكثر هشاشة من خلال إزالة القلق، لكن التطبيق السلوكي هو أساس العلاج.

(بروزاك Prozac) دواء رائع، لكن يظهر أنه لم يُساعدك كثيرًا، لأنك لم تُفعِّلي الآليات السلوكية يا دكتورة، فأرجو تفعيل السبل السلوكية، وتمارين الاسترخاء مهمة جدًّا، لأنها تُقلل من حِدَّة القلق، فطبِّقيها، الرياضة مهمة جدًّا بالنسبة لك، وحسن إدارة الوقت تُجبرك أن تُقلصي من صداقتك للوسواس.

الدواء أنا أريدك حقيقة أن تخفضي جرعة البروزاك، تجعليها أربعين مليجرامًا فقط، وتتناولي معه عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) بجرعة مائة مليجرام، واجعلي (رزبريدال Risporidal) واحد مليجرام فقط، هذه تشكيلة دوائية قد تكون هي الأفضل في حالتك، واستمري عليها لمدة سنة إلى سنتين، ونتواصل -بإذن الله تعالى- وأشكر لك الثقة في استشارات إسلام ويب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً