الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من أفكار وسواسية قد تطال ابنتي بسوء؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم جزيل الشكر على جهودكم الجبارة، التي ساهمت ولا تزال تساهم في حل مشاكل الناس.

في البداية: أرجو ألا أطيل عليكم؛ لأني اختصرت قدر المستطاع، أنا شاب عمري 34 سنة، موظف، ومتزوج، وأب لابنة وحيدة، عانيت قبل ثلاث سنوات وهي البداية من أرق، اتبعه وسواس نوم، ولكن شفيت منه بإذن الله، غير أن آثار ذلك الوسواس، وتلك الحالة النفسية الأليمة؛ تركت آثارها في نفسيتي، حيث أصبحت ألازم التفكير في شيء ما.

أي لا أشعر بالراحة النفسية إطلاقا، حتى إني عندما أمر بفترة راحة نفسية تراودني هذه الأفكار التي تتعدد؛ مما تجعلني أعاني من حزن واكتئاب شديد، حيث تجسد لدي نوع من الأفكار التسلطية، التي تزول وتأتي، منها ما هو متعلق بالجنون، والسحر، والعين.

بحثت عن استشارات تريحني خشية الوقوع في الكفر والعياذ بالله، والحمد لله بفضل الله سخر لي موقعكم؛ ليخفف عني معانتي بعد اطلاعي على بعض الاستشارات المماثلة؛ لتخف وتضعف هذه الحالة من جديد.

لكن الشيء الذي لا يزال يراودني، وأتغلب عليه، ثم يعود بسبب اطلاعي على بعض القضايا المماثلة في الجرائد والإخبار، والشيء الذي زادها قوة صراحة هو استرسالي معها، وهو: أفكار واندفاعات لإيذاء أعز ما أملك، ابنتي الوحيدة التي أحبها حبا لا مثيل له، إني أكتب هذه العبارة وعيني تدمعان.

المهم سيدي: أرجو منكم طمأنتي عن هذه الأفكار، هل هي تتحقق أم لا؛ لأن الوسواس الذي أعاني منه قوي وعنيد، وأحتاج لاستشارة قوية ومفصلة، والباقي بإذن الله علي، وعلى إرادتي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ذكرتَ أنه قبل ثلاث سنوات جاءك أرق ووسواس نوم، وشُفيت منها، ولكن لم يكن هناك شعورًا بالراحة النفسية، وعدم الراحة النفسية هو من الأعراض الشائعة للقلق النفسي، بل أهم عرض عند القلق هو عدم الارتياح النفسي، إذًا ما زال هناك عندك بقايا من القلق، عندما ذهبت وانتهت معظم الوساوس، ثم رجعتْ إليك هذه الأفكار تدريجيًا –كما ذكرتَ– وهذه الأفكار كانت تتخذ مناحي مختلفة.

والأفكار الوسواسية عادةً نعني بها أفكارا تتسلل إلى الإنسان، تتسلل غصبًا عنه، وتتكرر باستمرار، يحاول مقاومتها فيفشل، فيشعر بالقلق والتوتر.

وعادةً الأفكار الوسواسية تأخذ في الغالب العام ثلاث مناحي: إمَّا تكون ذات طابع ديني –كما ذكرتَ أنت– أو تكون ذات طابع جنسي، أو تكون ذات طابع عنف، تتعلق بالعنف، وأنت حصلتْ لك الأفكار ذات الطابع الديني تتناول الذات الإلهية، ثم تحوّلتْ الآن إلى طابع عنفواني، وهذا طبيعي، قد تتحوّل من شيءٍ إلى آخر، وطابع العنف الآن –كما ذكرتَ– هو خوفك من إيذاء ابنتك، الوحيدة التي تُحِبُّها حبًّا شديدًا، تتسلط عليك هذه الأفكار، أو تتسلل إليك بأنك قد تؤذي ابنتك، وتندفع إليك غصبًا عنك، وهذا طبعًا شيء مؤلم جدًّا، ويؤدِّي إلى القلق والتوتر.

نصيحتي هي أنك تحتاج إلى علاج لدى طبيب مختص، علاج دوائي وعلاج سلوكي لإزالة هذا الشيء، وإني في هذه الحالة أرى أن تقابل طبيبًا مختصًّا لمتابعة الحالة متابعة دقيقة ووصف العلاج المناسب.

أما بخصوص: هل يُنفذ الإنسان هذا؟ فقد عالجتُ كثيرًا من الناس، كثيرًا من المرضى الذين لديهم وساوس عنف، فهم في الغالب العام لا يُنفِّذون ولا يستجيبون لهذا الوسواس، لكن يؤلمهم ألمًا شديدًا، وينغص عليهم حياتهم، كما حصل لك.

أرى أن تتجه مباشرة وتقابل طبيبًا نفسيًا في بلدك، وتشرح له حالتك، فإنه -بإذن الله تعالى- سوف يقوم بفحصك وإعطائك العلاج اللازم من ناحية الدواء المناسب، والعلاج السلوكي المعرفي، وهو ما يُسمَّى بـ (وقف الأفكار) أو (تجنب الأفكار)، دائمًا قل: (قف قف قف)، أو حاول أن تُفكِّر في شيءٍ آخر، حاول ألا تقاوم التفكير ولكن حاول أن تفكِّر في شيء آخر، والأصوب أن تقابل شخصًا مختصًّا لمتابعة الحالة.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً