الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن كل ما حولي خيال، فهل هذا ما يسمى باضطراب الأنِّية؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة أبلغ من العمر ١٩ سنة، كنت أعاني من نوبات هلع وقلق ووساوس وأرق منذ ٣سنوات، والحمد لله تخلصت منها، ولكنني الآن ومنذ شهر أتتني فكرة غريبة تقول لي: إن كل ما حولي خيال، وإني أعيش في خيال، وإن عائلتي ليسوا إلا خيال، وأحيانا تأتيني فكرة مشابهة أنني قد مت، وأنا الآن مستمرة في عيش الخيال على أنه واقع، وأحيانا أفكر أن البعث، ويوم القيامة، والحساب والجنة والنار كلهم خيال، وليسوا حقيقة.

الفكرة سخيفة، ولكنني لا أعلم لم لا أستطيع تحقيرها، ولماذا أصلا أفكر فيها! والذي يخيفني هو أن تزيد هذه الأفكار وتشتد، وبالتالي تعود لي أعراضي السابقة، وأود أن أعرف هل هذا ما يسمى باضطراب الآنية، أم أنه شيء آخر؟ وهل هو مزمن، أم أنني سأتخلص منه؟

مع العلم أنني -والحمد لله- على الرغم من سوداوية الأفكار وسيطرتها على رأسي إلا أنني أحاول إشغال وقتي، والعيش بشكل طبيعي، وأشعر بأني فعلا أتحسن عندما أختلط مع الآخرين، ولكن ما إن أجلس لوحدي حتى تعود لي هذه الأفكار، فكيف أستطيع التغلب عليها؟ وهل هي من مضاعفات القلق كما قرأت؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كنتِ تعانين من هلع وقلق ووساوس لمدة ثلاث سنوات، والحمد لله تعالى تخلصتِ منها –كما ذكرتِ–، ولم تذكري كيف تخلصتِ منها، والآن تراودك فكرة أن كل ما حولك خيال، وأنك كالميتة، وكل ما حولك هو خيال وليس طبيعيًا، وكما ذكرتِ فإنها بالرغم من سخافتها، لكنك لا تستطيعين التخلص منها.

ليس هذا هو اضطراب الآنية، فاضطراب الأنِّية Depersonalization ليس فكرة، وإنما هو إحساس بأن ما بداخل الشخص صار غريبًا، يحس الإنسان بأن مشاعره صارتْ غريبة عنه، ويحسّ بأن ما حوله صار غريبًا، ويحس وكأنه منفصل عن مشاعره، وليس عائشًا في حقيقة، وأنه يعيش في خيالٍ وحلم لا ينقطع، وهذا ليس اضطراب الأنية.

ما ذكرتهِ وسواس، وأفكار وسواسية –كما ذكرتِ –، والأفكار الوسواسية تتسلل إلى تفكير الشخص رغماً عنه بالرغم من سخافتها، والإنسان يقاومها، ولكن يفشل في التخلص منها، ممَّا يُسبب له القلق، وهذه أفكار وسواسية، وليست اضطراب الأنية.

نطمئنك؛ فإنها ليست مُزمنة، وعمرها معك شهر فقط، المزمن هو الشيء الذي استمر لعدة سنوات، فالحمدُ لله هي ليست مزمنة، وأنت - كما قلت- الآن تتغلبين عليها في بعض الأحيان، خاصة عندما تكونين مع أشخاص آخرين ولست منفردة بنفسك.

التغلب عليها أساسًا يتم بواسطة العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavior Therapy)، أو بما يعرف بوقف التفكير، وهذا يتم بأن لا تقاومي الفكرة، ولكن حوّلي تفكيرك إلى شيء آخر، فكري في لحظات جميلة عشْتِها، فكري في رحلة قمتِ بها، فكري في سفرة، فكري في لقاء كان ودودًا مع إحدى صديقاتك، فكري في لحظات جميلة كانت مع أسرتك، كلما فكرتِ في أشياء جميلة فإنك ستتغلبين على هذه الأفكار، وتقفلين وتغلقين الباب أمام هذه الأفكار وولوجها إليك، صُدِّي الباب أمامها بالتفكير، لتحويل مسار التفكير إلى التفكير في أشياء أخرى، هذا ما يُسمى بتحويل الأفكار، وبذلك يمكن التغلب عليها.

هل هي من الاضطرابات؟ هل هي من مضاعفات القلق؟

الوسواس نفسه هو من اضطرابات القلق، واضطرابات القلق يدخل فيها القلق العام والهلع والوسواس، فالوسواس نوع من أنواع اضطرابات القلق، والوسواس في كثير من الأحيان يتحسَّن صاحبه ويخفّ، وأحيانًا يتوقف وتحصل انتكاسات، ثم يزول مرة أخرى، وبالتقدُّم في العمر تدريجيًا تَقِلّ حِدة الوساوس -إن شاء الله تعالى- وتتخلصين منه، مع مراعاة هذه العلاجات السلوكية التي ذكرتها لك.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية hanan_syr

    لاتخافي حتى انا هيك وعمري 14 احيانا بنسى الموضوغ واحيانا بيرجعلي واكثر شي اوقات الصلاه. . بس ما كتير بهتم بالفكرة وبتروح

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً