الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي لم تعد تبالي بأخطائها فكيف أنصحها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 16 عاما، في هذه المرحلة تحب بعض الفتيات التظاهر أمام فتيات جيلها بأنها مثلهن تتزين وتسمع الأغاني وتتصور على مواقع التواصل الاجتماعي، لدي صديقة، أهلها كرام كما هي، ولكنها انتقلت للسكن في بلد آخر، ومن هنا بدأت المشكلة.

-المشكلة الأولى: أصبحت صديقتي تسمع الأغاني ولا تستحي، وتقول أمام الجميع بأنها تعلم بأن الأغاني حرام، ولكنها ما زالت تسمعها، حاولنا نصحها كثيرا، لكنها وصلت لمرحلة ترفض الاستماع وتقوم بتغيير الموضوع كي نصمت.

-المشكلة الثانية: عند زميلتي بمقر دراستها أستاذ يدربها مع الطالبات على مناظرات تخص مدرستها، وزميلتي تتصور معه، وتجلس بجانبه وكأنه أحد محارمها، وتقوم بتحميل صورها وصور صديقاتها معه بكل ثقة.

صديقتي يتيمة الأب، ونحن نذكرها به دائما ونقول لها: "لو كان والدك -رحمه الله- بيننا هل سيفخر بك؟ وهل سيعجبه حالك هذا؟"، وتجيب بكلمة لا.

أرجو منكم أن ترشدونا كيف يمكننا أن ننصحها ونتعامل معها، لأننا نخشى عليها من قسوة القلب وموت الضمير، فهي لم تعد تخاف عندما نقول لها إن هذا الأمر حرام، بداخلها بذرة خير ولا نريدها أن تموت، علما أن شخصيتها انفعالية بعض الشيء، ولا تقبل النقد دائما.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ star حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة-، وشكر الله لك اهتمامك بهذه الأخت، وحرصك على استقامتها، ونسأل الله أن يكتب أجرك، وردا على استشارتك أقول:

- المؤمنون نصحة والمنافقون غششة، فعليكم بنصحها، ولكن بحكمة ورفق ولين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)، وتحينوا المكان والزمان المناسبين لنصحها.

- قوموا بتغيير صحبتها وجلسائها فالصاحب كما يقال ساحب، والطيور على أشكالها تقع، والصاحب له تأثير سلبي وإيجابي كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).

- هذه الأخت تعاني من ضعف في إيمانها ومراقبتها لله، فتحتاج منكن إلى مساعدتها كي تقوي إيمانها، ومن أهم وسائل تقوية الإيمان الأعمال الصالحة، ابتداء بالمحافظة على الفرائض، ثم الإكثار من النوافل، فأعينوها على ذلك، وتشاركوا في الطاعات، كالصيام الجماعي، وما شاكل ذلك فذلك سينشطها -بإذن الله تعالى-.

- أتمنى لو استطعتم إقناعها أن تلتحق بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، فذلك سيقوي إيمانها، وسيكسبها الرفقة الصالحة التي تأمرها بالخير وتدلها وتعينها عليه.

- المعاصي لها دور في ضعف الإيمان، فخذوا بيدها كي تترك المعاصي، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، فانظري الترابط الوثيق بين ضعف الإيمان وفعل المعاصي.

- ذكروها بالله تعالى، وأنه سبحانه يراها ويرى ما تقول وتفعل، قال تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}، وأنه سبحانه قد وكل بها ملكين يكتبان كل أقوالها وأفعالها قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}، وقال: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.

- ذكروها بالموت وأنه يمكن أن يأتيها وهي على حالها هذه من العصيان وعدم التوبة فماذا ستقول لربها.

- ذكروها بالجنة وما أعد الله فيها من الثواب والأجر للطائعين، وذكروها بالنار وما أعد الله فيها من العذاب والنكال للعاصين.

- أخبروها بأن أفعالها تسيء لسمعة أسرتها ووالدها، واستمرارها وتماديها بهذه المخالفات قد يوصلها إلى ما لا تحمد عقباه، وحينئذ ستتندم ولا ينفع الندم.

- استغلوا ما فيها من الخير واستنهضوا ما عندها من الصفات الحسنة، ووجهوا ذلك من أجل إخراجها من واقعها.

- ابحثوا عن أقرب صديقاتها إلى قلبها ممن تسمع لنصحهن، ثم اطلبوا منهن أن يساعدنكن في نصحها وتوجيهها، فلعل ذلك يكون أدعى للقبول.

- إن لم ينفع ذلك فلا بد أن تبلغن أمها بطريقة هادئة، وحذروها من ترك الحبل على القارب لابنتها، واطلبن منها القرب منها وتوجيهها التوجيه الصحيح.

- إن كان عندها إخوة فلا بد من إبلاغهم بطريقة حكيمة كي يهتموا بها ويقوموا بواجبهم نحوها فهم أولياء أمرها ففي الحديث الصحيح: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأب راع ومسئول عن رعيته والأم راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والولد راع في بيت والده ومسئول عن رعيته)، ويقول: (من ولاه الله رعية ثم لم يحطهم بنصحه إلا لم يرح رائحة الجنة).

- لا بد من أن تبحثوا إن كان لها أعمام أو أخوال فإن لم ينفع ما ذكرنا سابقا فيمكن إخبارهم بذلك فلا شك أنه لن يرضوا لها أن تتصرف بالطريقة التي تتصرف بها حاليا لأنها عرضهم.

- إن كان مقاطعتها منكن يزجرها فقاطعوها ولا تتكلموا معها، وأما إن كانت لا تنزجر فاحذروا أن تتركوها فريسة للشياطين، واقتربوا منها أكثر، وأحيطوا بها إحاطة السوار من المعصم، ونوعوا أساليب نصحها فتارة بالترغيب وأخرى بالترهيب.

- تضرعي بالدعاء وقت السجود وفي أوقات الإجابة أن الله يهديها ويصلح شانها فلعل الله يستجيب الدعاء يقول تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

أسأل الله تعالى أن يصلحها ويهديها ويعيدها لرشدها وأن يرزقها العفاف والحياء إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً