الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني وساوس وأفكار كُفرية وغير منطقية، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

تراودني وساوس وأفكار كُفرية وغير منطقية عن الخالق-عزوجل- وهذه الأفكار تراودني يومياً، ومنذ أكثر من عامين، أشعر أن ربنا -سبحانه وتعالى- غير راضٍ عني بسبب هذه الأفكار، فكيف أصرف عن نفسي هذه الأفكار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يردَّ عنك كيد الكائدين، وأن يُعينك على الشيطان الرجيم، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من أحب عباده إليه، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضلُ محمَّد – فإن الشيطان – نعوذ بالله منه– حريصٌ كل الحرص على أن يُفسد علاقة المسلم بربِّه، وأنه حسد أباك آدم الأول، وكاد له حتى أخرجه من الجنة، وقال ما سجَّله القرآن الكريم، قال: {فبعزَّتك لأغوينهم أجمعين * إلَّا عبادك منهم المخلصين} فالشيطان أقسم بعزة الله تعالى أن يظلَّ مستمرًّا في إفساد بني آدم وإفساد علاقتهم بالله تبارك وتعالى، وفي تشكيكهم في وجوده سبحانه وتعالى جلَّ وعلا، بل وفي تزيين الفواحش والمنكرات التي لا يُحبُّها الله تبارك وتعالى، وصرف الناس عن الطاعات والعبادات إلى الأشياء التي لا تُرضي الله سبحانه وتعالى.

هذه معركةٌ ما زالتْ قائمة وستظلُّ إلى ما شاء الله رب العالمين، كما أخبر الله تعالى، والشيطان – نعوذ بالله منه– عندما يريد أن يُفسد إنسانًا يبدأ أولاً بإفساد ظاهره، بأن يُزيِّن له الشهوات من الوقوع في المحرمات كالكذب والغش والنظر الحرام والكلام الحرام والأكل الحرام، وغير ذلك من الأشياء التي تعرفها، فإن وجد الإنسان لا يستجيب له فإنه ينتقل إلى حربٍ تُسمى بحرب الشبهات، وحرب الشبهات هي حرب يشُنُّها الشيطان – نعوذ بالله منه – على قلب الإنسان المؤمن، كهذه الأشياء التي تُعاني منها أنت والتي وردتْ في رسالتك.

هذا نوع من الحرب القذرة التي يشُنُّها الشيطان على قلب المسلم حتى يحول بينه وبين ما يُريده الله تبارك وتعالى منه، فيُشكك في وجود الله تبارك وتعالى، وفي صدقه وفي كلامه، بل وفي أنبيائه ورسله، بل ويُشككه حتى في اليوم الآخر والجنة والنار، إلى غير ذلك.

هذه كلها أمورٌ ليست جديدة، ولكن الشيطان استعملها معك كنوع من أنواع الحرب التي يشغلك بها عن دينك، حتى لا تستريح، وحتى لا تشعر بحلاوة الإيمان، وحتى لا تهنأ بعلاقة حسنة أو مستقرة مع الله تبارك وتعالى.

لذلك علاج هذه المشكلة: أولاً أن تعلم أنها حرب من الشيطان عليك، فلا تستسلم له، وتعلم أن الحرب دُول، وأنك يومًا ستنتصر عليه، ويومًا سينتصر عليك، كالحروب بين الناس، كالحروب بين الدول، دولة تهزم دولة وتنتصر عليها، وهكذا.

الأمر الثاني: أن تحاول طرد هذه الأفكار ولا تستسلم لها أبدًا، ما أن تشعر بأن هذه الفكرة ستدخل إلى رأسك حاول أن تُغيِّر وضعك الذي أنت عليه، إذا كنت جالسًا أو إذا كنت وحدك، وحاول أن تنظر يمينًا ويسارًا، وأن تُشتت الفكرة، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتشغل نفسك بشيء آخر كالقراءة في كتاب، أو النظر في جهاز مثلاً الكمبيوتر أو في التلفزيون، أو مثلاً التكلُّم مع أحد.

المهم لا تدع هذه الفكرة تُسيطر على قلبك أبدًا، وحاول قدر الاستطاعة أن تدفعها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء – وهذا مهمٌّ جدًّا – كذلك لا تنام إلَّا وأنت على طهارة، وأكثر دائمًا من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله تعالى.

ثم اقرأ - بارك الله فيك – في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم حتى تتعرف على الله تبارك وتعالى أكثر، وحتى تُحب الله تبارك وتعالى بصورة أعمق وأقوى، وحافظ على الصلوات في جماعة حتى وإن كان عندك شك في وجود الله تعالى والعياذ بالله، فلا تترك الصلاة أبدًا، لأن الصلاة بالنسبة لك توق النجاة، فالصلاة نور كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذلك إذا تركتَ الصلاة ستعيش في الظلمات، وبالتالي سيكون من السهل على الشيطان أن يُفسد عليك أكثر وأكثر، وأن يتمكَّن منك أقوى وأقوى.

أنا أتمنى أن تحافظ على الصلوات، تحافظ على أذكار الصباح والمساء، أن يكون لك وِرْد من القرآن يوميًا حتى ولو صفحة كل يومٍ إذا لم تستطع أن تقرأ كمية كبيرة، اقرأ صفحة واحدة من القرآن الكريم.

ادخل إلى مواقع الإعجاز العلمي، تعرَّف على عظمة الله، اقرأ عن توحيد الربوبية حتى تُحبّ الله تبارك وتعالى حُبًّا يفسد على الشيطان خطته، وبإذن الله تعالى سوف ينصرك الله تبارك وتعالى عليه، وأبشر بفرجٍ من الله قريب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً