الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس جعلني أتخيل كل وعكة صحية مرضا خطيرا، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحب أن أشرح حالتي بالتفصيل الممل؛ لأني أشعر بأنه بيني وبين الجنون شعرة.

أعاني من سعال استمر لأكثر من 3 أسابيع، ذهبت إلى طبيب وفحصني وطلب مني إجراء أشعة وتحليل دم، ومن ثم ظهرت النتيجة بأن لدي تحسس أو حساسية في الصدر، ولكن ما سبب لي القلق والخوف الشديد هو عند استلام تحاليل الدم، قال الطبيب بأن التحاليل سليمة، ولكن لدي ارتفاع بسيط في كريات الدم البيضاء، حيث كانت النسبة 12.0 وقال بأن هذا أمر طبيعي مع الحساسية، ومن ثم عدت إلى المنزل، وأصبحت أبكي بكاءاً هستيرياً.

في اليوم التالي ذهبت إلى طبيب آخر، وقمت بعمل أشعة للصدر، ولكن لم يطلب تحاليل دم، وظهر في الأشعة بأن لدي تهيجا في الشعب الهوائية بسبب الحساسية، وبسبب قلقي الزائد، أعطيت الطبيب ورقة تحليل الدم وأخبرته بأني قلقة بسبب النسبة المرتفعة للكريات البيضاء، فقال لي: بأن الأمر طبيعي ولا داعي للقلق، وأمرني بعدم القراءة والبحث في الإنترنت، فخرجت من عند الطبيب وقد اختفت الوساوس ومرتاحة البال، لكن الأمر اشتد علي في اليوم الثاني، وعادت الوساوس، وأصبح عقلي يحاول إقناعي بأني مريضة بمرض خطير، وأن ارتفاع الكريات هي البداية فحسب، مما جعلني أذهب وأبحث في الإنترنت عن أعراض سرطان الدم، وأتفحص جسدي وأرى إذا كانت لدي كدمات وحرارة وغيره، ولاحظت ظهور كدمتين صغيرتين بلون أزرق فاتح جداً؛ مما أصابني الذعر الشديد.

ذهبت لأتفحص أدوية الحساسية التي بدأت باستخدامها، من بينها دواء من أعراضه الجانبيه أنه يسبب كدمات، وحاولت إقناع نفسي بهذا، وقرأت عن أعراض تضخم الطحال، فإذا بي أشعر بنغزات خفيفة في الجانب الأيسر نفس الوقت، فقلت أكيد هذا هو تضخم الطحال المصاحب لمرض سرطان الدم؛ مما سبب لي القلق والخوف الشديد، ولي يومان على هذا الحال، أتنقل من موقع لآخر أطبق الأعراض على نفسي، وعقلي يحاول إقناعي بأني مصابة بالمرض، ولا أستطيع تجاهله أبدا، أصبح شغلي الشاغل.

الوخز في الجانب الأيسر يختفي حين لا أفكر في الأمر، ولكنه يعاود في الظهور عند حالة القلق والتوتر، وهو وخز متنقل فتارة يكون في الجانب الأيسر من الظهر، وتارة يكون في الجانب الأيسر أعلى البطن، وبعض الأحيان أسفل البطن.

علماً بأن العام الماضي كان لدي صداع في الصدغ الأيسر، وأيضا الوسواس أقنعني بأني مصابة بسرطان في الرأس، وقمت بعمل رنين مغناطيسي، وكانت النتيجة سليمة، وأن هذا الصداع بسبب القلق الشديد والاكتئاب، فصرف لي الطبيب سبراليكس واي بروفين لمدة ستة أشهر، وكنت مرتاحة جداً أثناء استخدامهم، فأنا أعاني تقريبا من القلق الشديد والاكتئاب معظم الوقت، والخوف من المستقبل، ووسواس يتحدث في رأسي بلا انقطاع ويملأ رأسي بأفكار سوداوية ومتشائمة، ويحاول إقناعي بأني مصابة بمرض خطير، وكلما حاولت تجاهله ازداد أكثر، وأصبحت كثيرة التفقد على جسدي، وأقرأ على الإنترنت بالساعات عن أعراض مرض السرطان، وعن ارتفاع كريات الدم البيضاء.

فهل حقاً الكريات تزداد بسبب حساسية الصدر؟ وهل هو أمر طبيعي؟ فأنا خائفة من إجراء تحليل آخر لمعرفة هل عادت لوضعها الطبيعي أم لا، اعذروني على الإطالة، ولكن حقاً أشعر بأن الوسواس يكاد يقتلني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخت الكريمة: أبدأ بالإجابة على استشارتك من سؤالك الأخير، نعم كرات الدم البيضاء عادة هناك فحصان لها، الفحص بالعدد الكلي لكرات الدم البيضاء، وفحص نوعي: أي يحدد أي نوع من كرات الدم البيضاء، وما هو كميته ونسبته، فالفحص الكلي يبين عدد كرات الدم البيضاء مجتمعة، ولكن الفحص الجزئي يفصل ما هي الزيادة في أي نوع من أنواع كرات الدم البيضاء، عند الحساسية هناك نوع معين من كرات الدم البيضاء تكون زائدة، وعند التهاب البكتريا هناك نوع أيضاً من كرات الدم البيضاء يكون زائداً، فالفحص النوعي يحدد إذا كان الزيادة للحساسية أو الالتهاب البكتيري.

ولكن ليس هذا الشيء المهم -يا أختي الكريمة-، الشيء المهم أنك تعانين من وسواس من المخاوف الوسواسية وسواس المرض، وهو نوع من أنواع القلق والتوتر، وهذا واضح جداً عندك، هناك مخاوف وسواسية وتخافين من الأمراض المختلفة، ولذلك تلجئين من طبيب إلى آخر ومن فحص إلى آخر، ولكن المشكلة موجودة، هذا اضطراب نفسي -يا أختي الكريمة-، وأول شيء للعلاج يجب عليك أن تبتعدي عن الزيارة المتكررة للأطباء والفحوصات المستمرة؛ لأن هذا يدعم الوسواس، ولا يساعد في التخلص منه، فقد يهدئك لفترة بسيطة، ولكن ما يلبس أن تعود الأفكار الوسواسية مرة أخرى.

فيجب التوقف على الفحوصات والتوقف عن زيارات الأطباء؛ لأن هذا هو المدخل الأول للعلاج، ماذا يحصل عندك: فكرة أنك تعانين من مرض خطير، هذه الفكرة تتكرر، وتحاولين مقاومتها ولا تستطيعين، فتقومين بزيارة طبيب أو عمل فحص ما، تجدينه طبيعيا، يحدث التهدئة، التهدئة مؤقته ولكن سرعان ما تعود الفكرة مرة أخرى، بالعكس عند حدوث التهدئة يدعم تكرر الفكرة، حصول القلق عند عدم الاستجابة يكون هذا مؤقت، وبعدها يتوقف تكرار فكرة أن هناك ضرر.

ويجب عليك تعلم الاسترخاء لمواجهة القلق الذي يحدث عندما تستجيبين للأفكار الوسواسية المتكررة، هذا أسلم طريقة للتغلب على هذه المخاوف، ولا بأس من العودة لاستعمال السبرالكس إذا كان ساعدك في الماضي، فيجب أن تستمري عليه فهو دواء مفيد للمخاوف الوسواسية والقلق، ولا إدمان عليه، وآثاره الجانبية قليلة ويمكن أن تستمري عليه لمدة 6 شهور أخرى، وهكذا حتى يتوقف هذا الوسواس وتعودين إلى حياتك الطبيعية.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً