الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع زوجي بالذهاب إلى الطبيب وأخذ العلاج من جديد؟

السؤال

السلام عليكم.

بعد زواجي بثلاث سنوات اكتشفت بأن زوجي مريض بالفصام، وأنه طوال مرضه كانت أمه تعطيه الدواء في العصير دون علم أحد، وحالته كانت مستقرة، ولكنه بعد أن انقطع عن العلاج بدأت حالته بالتدهور، وأصبح شخصا غريبا، وأصبحت تحدث بيننا مشاكل، وبعد عامين تقريبا اكتشفت بأن الفصام الذي كان يعاني منه من النوع البسيط، وتعهد لي بأنه سيواظب على تناول الدواء، وفعلا تحسن، ولكنه فجأة ترك العلاج واتنكس، فقد كان يشم روائح غريبة، ويجد طعما سيئا في الأكل، فأصبح يأخذ ايبدكسون 3 مل، وبعد ذلك أصبح يتناول 4 مل فقط، ولكنها أتعبته، فرجع لتناول 3 مل، ثم رفض بعد ذلك أن يذهب إلى الطبيب.

بصراحة أصبحت لا أعرف كيف أتعامل معه؟! فالتعامل معه صعب، وأنا تعبت جدا، وأصبحت بسببه أشعر بالاكتئاب، وقد مضى على تناوله أدوية الاكتئاب أكثر من سنتين.

نحن منفصلين حاليا، هو يعيش مع أمه، وأنا أعيش مع أولادي في بيت آخر، ويرفض الذهاب إلى الطبيب ومعاودة العلاج، ويقول لي: إن رغبت بالطلاق فافعلي ما يريحك، وأهله غير متعاونين في مسألة علاجه، عدا أنهم منكرون لمرضه.

لقد أخبرني بأنه لا زال يتناول ايبدكسون 3 مل، وبيكى ميرز، وأعتقد أن سبب مواظبته على هذا الدواء حتى لا يشم تلك الروائح الغريبة ويشعر بتلك الطعوم السيئة.

لا أدري ماذا أفعل؟ فلا أنا قادرة على وجوده معنا، ولا أنا مرتاحة لبعده عنا، كما أنني خائفة أن أصبح مثله في المستقبل بسبب الحالة النفسية التي أعيشها بسببه.

أريد توجيهكم في كيفية إقناعه بالعلاج وتعديل الجرعة اللازمة له؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ wessam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء وكذلك لزوجك الكريم.

هذه أحد الإشكاليات التي أواجهها كثيرًا في حياتي المهنية، وهي إخفاء المرض من الزوجة أو الزوج قبل الزواج، وفي الدول التي فيها الكشف الطبي ما قبل الزواج حتَّمنا القائمين على هذا الأمر أن يكون الكشف النفسي جزءًا من عملية الكشف، أو على الأقل يجب أن يُسأل الشخص المتقدم للزواج إن كان له تاريخ مرضي سابق أو حاضر.

عمومًا كان من المفترض على أهل زوجك الكريم أن يخطروكِ بأن لديه بعض العلاجات النفسية، وبعد ذلك يكون لك الخيار، وذلك بعد أن تعرفي طبيعة هذا المرض، وكثيرًا ما يسمح أهل الزوجة أو الزوج للطبيب لأن يوضِّح للطرف الآخر طبيعة المرض قبل الزواج. هذا هو المنهج الصحيح.

عمومًا أنا لا أريد أن ألومه ولا أريد أن ألوم أهله، لأني أعرف أيضًا أنه إذا ذكروا أن ابنهم يُعاني من مرضٍ نفسي ربما هذا يُنفِّر أهل الطرف الآخر.

عمومًا: احتسبي واصبري، وقد رزقك الله تعالى الذرية من هذا الرجل، والمسميات المرضية ليست مهمة - أيتها الفاضلة الكريمة - كلمة الانفصام من وجهة نظري لا تعني أي شيء، فقط تُحدد مجرى ومسار العلاج، وليست الفصاميات كلها سيِّئة أبدًا، 50 إلى 60% من مرضى الفصام يُمكن أن يتعالجون بصورة ممتازة جدًّا ويعيشون حياة طبيعية، هذا الكلام ليس فيه مبالغة، لكن الإشكالية الأساسية تأتي في الالتزام بتناول العلاج الدوائي، هذه مشكلة لكنَّها تُحَلُّ، ليست صعبة الحل، وأحد طرق الحل هي أن تُبنى علاقة ممتازة مع المريض، علاقة ما بين المريض وطبيبه، علاقة ما بين المريض وأهله، تكون هذه العلاقة مُؤصَّلة، ويُشرح بصورة مُحببة ومُبسَّطة أهمية العلاج.

وفي مثل حالة -زوجك الكريم- أنا أعتقد أنه من المهم أن يتناول الإبر طويلة المدى، فهنالك -والحمد لله تعالى- إبر مضادة لجميع أنواع الفصاميات، وهنالك إبر تُعطى كل أسبوعين، وهنالك إبر تُعطى كل ثلاثة أسابيع، وهنالك إبر تُعطى كل أربعة أسابيع، وشركات الأدوية الآن تعمل بجدّية كبيرة جدًّا لصناعة واستخراج إبر تُعطى مرة واحدة كل ثلاثة أشهر. إذًا نحن في خير كثير وفي نعم عظيمة.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أعتقد أنك يمكن أن تقومي أنت بهذا الدور الإيجابي، وتقنعي زوجك الكريم بأن الوسائل العلاجية كثيرة، وأنك تُقدِّرين له أن تناول الحبوب قد يكون مملّاً وروتينيًا ومُحبطًا في بعض الأحيان، والإبر تتميَّز بأن آثارها الجانبية أقلَّ، وأنها تُمثِّل ضمانًا كاملاً أن الدواء موجود في دمّ المريض.

فيجب أن يكون اتجاهك نحو هذه الوسيلة العلاجية الناجعة والممتازة والفاعلة والتي أثبتت نجاحها، ومن جانبك حاولي أن تكوني إيجابية، لابد أن يكون هنالك تحسُّس وتلمُّسٍ للأمل وللرجاء، والحمد لله تعالى هذا موجود في حياة المسلم، اهتمِّي بأولادك، كوني إيجابية، وحاولي أن تُصلحي ما بينك وبين زوجك، وأعتقد أن هذه هي الطريقة التي سوف تُخفف عنك حالتك الاكتئابية وكذلك تُزيل ما به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً