الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أحب أبي لأنه عصبي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا لا أحب أبي، ولم أعد أحبه منذ سن 6 سنوات تقريبا، وعمري حاليا 21 سنة، وقد بدأ عدم حبي له تدريجيا بسبب عصبيته، وسوء معاملته لأمي أحيانا بدون أي سبب، بالرغم من أنه يعاملني بحنان، إلا أن قلبي لم يعد يحبه بسبب عصبيته في جميع تعاملاته من الناس، سواء داخل المنزل أو خارجه، وأحيانا معي أيضا رغم حنانه وطيبته، وقد حاولت كثيرا أن أحبه وأعامله بطريقةٍ أخرى لأتقرب منه، لأني لا أتعامل معه أبدا، ولا أحدثه إلا عند الحاجة، لكن عند المحاولة أجد تعامله السيء مع أمي وعصبيته فتجعلني أتراجع.

أرجو أن تفيدوني وتنصحوني؛ لأني أخاف الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم مع موقع الاستشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يعينكم على مرضاته.

وأما الجواب على ما جاء في الاستشارة ففي الآتي:

- عليك أن تعلمي أن الوالدين يجب البر بهما وطاعتهما، ومن البر بالوالد حبه، فله حق عليك في ذلك، فهو سبب في وجودك، وكما ذكرت بأنه يحبك، ويظهر الحنان لك، فكان الأولى أن تبادليه نفس الشعور بالحب والتقدير، قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [ سورة الإسراء اية ٢٣ ].

- ثم اعلمي أيضا أنك لا تعاملين أباك على وجه المقابلة، إن أحسن إليك تحبينه وإذا أساء لك تكرهينه، كلا، بل عليك على الدوام محبة الوالد سواء أحسن أم أساء؛ لأن هذا واجب عليك شرعا، ولأنك قلت أنك تخافين الله، ومن خوف الله أن تقابلي الوالد على أحسن ما يحب.

- ثم تخيلي معي لو علم الوالد أنك تكرهينه ولا تحبين الكلام معه؛ فإنه سيغضب عليك، وتكونين عاقة له، وعقوق الوالدين محرم لا يجوز، بل هو من الكبائر، وصاحبه مستوجب لسخط الله والعياذ بالله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد» وفي رواية «رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما» رواه الطبراني، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر».

- وأما ما ذكرت من عصبية الوالد: فلعل لذلك سببا إما مشاكل العمل، أو الهموم، أو أن هناك ما يغضبه من تصرفات البعض في البيت، أو غير ذلك، واللازم عليكم أن هناك سببا يمكن أن يؤدي لغضب الوالد، فحاولوا أنت وإخوانك ومن في البيت تجنبه، وأتمنى أن تدعي كثيرا للوالد في ظهر الغيب بأن يصلح الله شأنه، ويبعد عنه همومه.

- اعلمي أن الوالدة وأنت لكم أجر عظيم إذا صبرتم على ما ذكرت من عصبية الوالد، فلا يوجد أحد كامل في صفاته وأخلاقه، وحاولي أن تتأقلمي مع هذا الوضع بما يجعلك لا تفكرين فيه ولا تلتفتي له، بل إذا رأيت الوالد في حالة غضب فحاولي أن تبتسمي من أجل أن تعطي الوالد شعورا بأنك مطيعة له، ولم تغضبي مما حصل منه.

- أكثري من الدعاء للوالدين بأن يؤلف الله بينهما، وأن يزيل كل سبب للخلاف بينهما، وحاولي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن تقربي وجهات النظر بين الوالد والوالدة، وتقولي مثلا لأمك: إن أبي يذكرك بخير ويثني عليك، وتقولي نفس الأمر للوالد، وتقولين له في المقابل إن أمي تحبك وتذكرك بخير، وإذا فعلت مثل هذا، فيمكن أن تنزعي سبب عصبية الوالد، وتكونين قد أصلحت ما بينه وبين الوالدة.

وفقك الله إلى كل خير، وجعلك بارة بأمك وأبيك إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً