الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحيرة بين تخصص الحاسوب والتربية.

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في كلية هندسة الحاسوب في السنة الثانية، وأحب هذا التخصص جداً، لكن أواجه مشكلة مع أهلي الذين يرفضون أن تعمل الفتاة في شركة، ودائماً يقولون: ستدرسين وسنعلق شهادتك في المطبخ؛ لأنك لن تعملي إلا مدرسة.

إنهم يتوقعون فشلي، وأنا دراستي صعبة، ولا أستطيع أن أطلب المساعدة؛ حتى لا يشمتوا بي؛ لذلك أنا مكتئبة، وتحصيلي الدراسي تراجع، حتى حفظي للقرآن تراجعت عنه! مع أني أحفظ نصفه.

أرجوكم ساعدوني: أأكمل، أم أحول تخصصي لكلية التربية لإرضاء أمي والجميع؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مها حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإنه لا داع للاكتئاب؛ لأن النجاح بيد الله، وعلى المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح، وإذا اجتهد الإنسان وأتى بالأسباب فما عليه إلا أن يتوكل على الوهاب سبحانه، ويرضى بما قدره الله في أم الكتاب.

ولا شك أن مهنة التدريس هي أشرف المهن؛ لأن المعلم يتعامل مع هذا الإنسان الذي كرمه الله، والأنبياء والكرماء كانوا معلمين، وتعتبر مهنة التعليم أنسب المهام للمرأة المسلمة، خاصة إذا ابتعدت عن مواطن الرجال، وجندت نفسها لإعداد أمهات المستقبل على هدى هذا الدين الذي أكرمنا الله به، وراقبت الذي يعلم السر وأخفى، وهذا يدفعها لأداء الأمانة والنصح لبنات الناس.

والمرأة تستفيد من دراسة التربية؛ لأن هذه هي المهمة الأصلية للمرأة، ومهما نالت المرأة من الشهادات، ودرست في الجامعات، فهي لا تستغني عن الأمومة، وقد سمع الناس صراخ من قالت: (خذوا شهاداتي كلها وأسمعوني كلمة ماما)، كما أن المجتمع المسلم يحتاج لمعلمات حافظات لكتاب الله من أمثالك، ويمكنك تعلم الحاسوب من باب الهواية، وقد تتمكنين من خلاله ـ ومن منزلك ـ من خدمة الدين إذا استطعت تفادي السلبيات، وحرصت على رضا رب الأرض والسماوات.

وليس هناك مانع من دراسة العلوم التي لا تخالف طبيعة المرأة، ولا تجبرها على مخالطة الرجال في ميدان العمل، فاحرصي أولاً على إرضاء الله ثم إرضاء والديك، واحمدي الله الذي أكرمك بأسرة تغار عليك وتحفظك من مواطن الاختلاط والريبة، والإسلام دين يباعد بين أنفاس الرجال والنساء، وهذا إعجاز عظيم بدأت أمم الكفر تعرف آثاره فنادوا بإنشاء جامعات تمنع الاختلاط بين الرجال والنساء، فمتى ينتبه الغافلون من قومي؟

وأنت أعرف من غيرك بظروفك وظروف أسرتك وملامح المستقبل في حالة مواصلة الدراسة في هذا المجال أو في غيره، فليس أمامك إلا الاستخارة والاستشارة، فإن المسلم إذا لم يتبين له وجه الصواب في مسألة، صلى ركعتين من غير الفريضة، وتوجه إلى الله ودعاه بذلك الدعاء الذي كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يعلمه لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، ولا مانع بعد ذلك من استشاره الصالحين من محارمك والمسلمات الصالحات، ولن يندم إنسان يستخير الله، ويستشر الصالحين والصالحات.

وإذا أشكل على الإنسان أمر، فلا حرج في طلب المساعدة من أقربائه، فإن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه بعد توفيق الله، وكيف يكتئب من يحرص على طاعة الله وتلاوة كتابه!؟ فإذا أحسست بضيق أو صعوبة فأكثري من الاستغفار والذكر للرحمن، وهكذا كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية عند المعضلات، والمسائل العلمية، فكان يستغفر ويتضرع حتى يفتح الله عليه.

واعلمي أنه ليس في هذه الدنيا ما يستحق أن يكتئب الإنسان، ويحزن لأجل فقده سوى طاعة الله وحسن عبادته، وكل ما يوصل إلى رضوانه. وفقك الله، وسدد خطاك، ورزقنا وإياك حفظ حروف القرآن وحدوده!

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً