الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف من الأب المهمل لأبنائه وأمهم ببعده عنهم وعدم رعايتهم

السؤال

ماذا أفعل؟! أبي وأمي منفصلان، ليسا منفصلين على الورق، لكن كل واحد منهم يعيش في مكان، أبي لم يسأل عنا بعد أن تركنا، وبعد مرور (3) سنوات سمعت في المذياع عن صلة الرحم، اتصلت به لأصل رحمي، وجدت عنده العاطفة، لكن لم ولن أجد المسئولية! يتكلم فقط، لكن لا يفعل أي شيء يدل على خوفه الحقيقي علينا.

أمي تحملت أعباءنا بكل ما تحمله من معنى: من مأكل ومشرب، حتى تم تخرجي أنا وأخي الصغير، وأختي الكبرى، لم يسأل عنا قبل سؤالي عليه، لم يخطر على باله، أبعد كل هذا مطلوب مني أن أكسر قلب أمي وأجعله يضع يده في يد أي رجل سيتقدم لي، وهو لم يعبأ ولم يشغل باله لحظة واحدة: كيف نعيش، وكيف نتصرف في مأكلنا، ومن أين نحصل عليه؟! كيف أفعل هذا؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ الخاشية من الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نهنئكم بحلول عيد الفداء، أعاده الله على الجميع باليمن والبركات، وكل عام وأنتم بخير، ومرحباً بك على موقعك (الشبكة الإسلامية).

قرأت رسالتك جيداً، والتي تتعلق بوالدك الذي انفصل عن أمك، ولم يسأل عنكم حتى تخرجتِ، ولا عن أمك، ولا عن إخوانك.

ابنتي أولاً: أشكرك، وأحمد الله لك على هذا الشعور الإسلامي فيك، وأسأل الله أن يزيدك إيماناً وتمسكاً بدينك، وأرجو أن أعرض الآتي في صدر رسالتي هذه:

اعلمي ابنتي أن الله تعالى يقسّم الخير بين عباده، فيعطي البعض ويحرم البعض، ولم يجعل الناس جمعيهم في درجة واحدة من الفهم والعلم، والحب والعاطفة، وهذه سنة الله في الأرض، ومن هنا فإن أباك لعله من الصنف الذي لا يتحمل مسئوليته، وإلا فإن الأولاد هم ثمرة الدنيا وزينتها، ويدفع الأب الغالي والنفيس من أجلهم، وهو واجب أوجبه الشرع عليه.

لكن كونه لم يقم بهذا الواجب فهو وزر يلحقه بنفسه، ويسأله الله عنه، وأرى أن الله قد عوضك بالنجاح والتخرج والتدين، وهذه نعمة يجب أن تحمدي الله عليها، ولا أجد مبرراً يكون سبباً لقطع الصلة بأبيك، فهو الوالد الذي جعله الله سبباً لحياتك، وأوجب عليك بره والإحسان إليه، وطاعة والدك رغم تقصيره هي في الأصل طاعةٌ لله.

ومن هنا فأرى أنه ليس هناك تعارض بين قيامك بواجبك تجاه أمك، وقيامك بواجبك تجاه أبيك، فأمك معك في بيت واحد تقومين بخدمتها وطاعتها، وتأتمرين بأمرها إلا في معصية الله، وتسهرين على راحتها، ولا ترفعي صوتك عليها، ومن جانبٍ آخر اتصلي على والدك، واسأليه عن أحواله، وإن هيأ الله لك عملاً ودخلاً وكان فقيراً فساعديه، وكونه قصّر في حقك فهذا لا يبرر عدم برك به، فأنت مسئولة أمام الله عن والديك، ولا أرى أن برك بأبيك فيه كسر لقلب أمك، بل عليك أن تُفهمي أمك بأن الله تعالى أوجب عليك بره، كما أوجب عليك برها.

أما إن رزقك الله زوجاً صالحاً -ونسأل الله تعالى أن يعجل لك بالزوج الصالح- فأرى يا ابنتي أن الزوج القادم لن يعجبه حالك بغير أب، وأول سؤال يسأله: أين أبوك؟ ولماذا تنشرين أسراركم للقادمين؟

ابنتي! أرى العكس، فإن جاءك فاجعلي والدك في الصورة تماماً.

ومن الآن اجتهدي في إقناع أمك بحق أبيك عليك، ومن الآن اجتهدي في بر والدك، وتأكدي أنك إن فعلت ذلك فإن الله سيسعدك في الدنيا والآخرة إن شاء الله، ومن أسوأ الذنوب وأكبرها، والتي يعجّل الله بعقوبتها في الدنيا عقوق الوالدين، فاحذري من ذلك.

وفقك الله، ورزقك الزوج الصالح، وهدى أباك إلى الصراط المستقيم، اللهم آمين.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً