الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت أتعاطى المخدرات، فكيف أتخلص من التقلبات المزاجية الحادة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، كنت في عام 2007 أتعاطى الحشيش والمخدرات مثل حبوب الكبتاجن المنشط، التي تنتمي لفصيلة الأمفيتامين، وكنت أغلي الحشيش مع القهوة، وأتعاطى معها حبوبا أخرى لا أذكرها، أعتقد أنها البلتانا، وآخذ معهم حبوباً مهدئة من فصيلة الألبرازولام، اسمها برازين عيار 2mg.

استمررت على هذا الحال لمدة سنة تقريباً، بشكل متقطع، حتى شعرت فجأة باكتئاب شديد جدا، والغريب أن مصدر الاكتئاب من رأس المعدة دون ألم نهائيا، حتى أصبحت أشعر بأن رأس المعدة يتحكم بمشاعري، وتنتابني تقلبات مزاجية عديدة، وكان يأتيني هذا الشعور بشكل مضاعف بعد زوال مفعول الحبوب المنشطة، أو أي شيء منشط حتى لو كان قهوة، عندها تركت التعاطي فوراً.

وما زالت إلى الآن تنتابني هذه الحالة بشكل قوي، فذهبت للعديد من الأطباء أصحاب السمعة الجيدة، منهم من وصف لي: فيفارين وزلوفت لمدة تزيد عن سنة، وشخص حالتي بقلق نفسي، وكنت أشعر بتحسن بنسبة 10%، وكنت أشعر أن المشكلها ما زالت موجودة، وكان هذا شعورا حقيقيا وليس تهيئات، ومنهم من قيم حالتي بتقلب المزاج ثنائي القطب، ومنهم من شخص الحالة على أنها أعراض ذهانية، ووصف لي دواء سركويل xr، ووصلت الجرعة إلى 200mg، استمررت عليه لمدة تزيد عن السنة تقريبا، وشعرت بنسبة تحسن 20%، وكنت أشعر براحة بسيطة.

جربت الكثير من الأدوية منها: السولتك، والأفرانيل، وعملت تخطيطاً للدماغ كانت نتيجته سليمة، وعملت فحوصات للمعدة كانت سليمة أيضاً، واستخدمت العديد من أدوية المعدة ولكن دون جدوى لأنني لا أشعر بألم في المعدة.

أذكر ذات مرة يا دكتور أنني شاهدت حادثة قتل أمامي عند أقربائي، وشعرت بصدمة قوية في وقتها، ثم شعرت بهدوء نفسي واتزان غير طبيعي في اليوم التالي، ولمدة خمسة أيام، ولكن لا زلت أعاني من تقلبات المزاج بشكل قوي، وأنها تأتيني من رأس معدتي، وهذه الأمور ليست تهيئات بل حقيقة، وأكثر الأوقات التي تنتابني فيها بعد تناول أي نوع من المنشطات.

لقد سئمت من الحياة، فما تشخيصكم لحالتي؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غيث حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الأخ الكريم: قد أمنت استعمال عدة مواد:

• الكابتجون، وهو -كما ذكرتَ- من فصيلة الأنفيتامينات، وهي حبوب منشِّطة، ومن آثارها أنها تُحدث في الشخص أعراضا شبيهة بأعراض الفصام، أو الاضطرابات الذهانية، والانسحاب منها يؤدي إلى حالة من الخمول والنوم الشديد.

• والحشيشة أو المروانة المعروفة، يؤدي استعمالها لفترة من الوقت إلى أعراض ذهانية تتمثَّلُ في الشك والظنِّ.

• أما البرازولام/برازين، فهو عبارة عن حبوب مُهدئة من فصيلة (بنزوديازيبينات benzodiazepines)، وإدمانه يؤدي إلى ظهور أعراض انسحابية بعد التوقف، ويؤدي إلى آلام جسدية مختلفة.

فالمهم أنت كنت تستعمل موادا متعددة، كُلٌّ منها لها خصائصها ومشاكلها المختلفة، وطبعًا توقفتَ، وبعد ذلك بدأت هذه الأعراض الاكتئابية، أو -كما ذكرتَ- أن الاكتئاب تحسُّه في فمِّ المعدة أو في جوف معدتك، وأنا أحب أن أؤكد على شيء مهم:

* هذا الذي تشعر به إحساسك أنت، أنت صادق فيما تحسّ به، لا أحد يستطيع أن يقول أن إحساسك غير صادق، ولكن كونك تحس بأن الاكتئاب في المعدة -والمعدة طبعًا جسم عضوي في الجسم- فلا يعني هذا أن المرض عضويًا، إحساسك صادق -يا أخي- ولكن لا يعني هذا مرضا عضويا، وهذا ثبت عند إجراء الفحوصات، فالفحوصات كانت كلها سليمة.

الشيء الآخر: واضح أن استجابتك لمضاد الذهان -وهو السوركويل- أفضل من مضادات الاكتئاب مثل الأنفرانيل، وإن كان الفرق بنسبة 10%، ولكن جرعة مائتي مليجرام من السروكويل ليست الجرعة المناسبة أو الكافية للأعراض الذهانية، السوركويل لعلاج الأعراض الذهانية قد يحتاج الشخص لقرابة ستمائة مليجرام في اليوم.

إذًا -يا أخي الكريم- أنا أرى أنك تحتاج إلى الذهاب إلى طبيب نفسي آخر، وعمل فحص دقيق، وفحص الحالة العقلية مرات ومرات، حتى يتبيَّن هل هذا الإحساس ناتج عن اعتقاد ذُهاني أم لا، أم هو نتيجة اكتئاب نفسي، أم هو نتيجة استعمالك لهذه المواد لفترة طويلة؟ لأنه أحيانًا -في بعض الأحيان- قد تمتدّ الآثار الجانبية لفترة من الوقت حتى بعد التوقف من الاستعمال، ففي هذه الحالة فالعلاج يكون علاجًا تأهيليًا وعلاجًا نفسيًا.

أما إذا نتج هذا العرض عن اكتئابٍ أو اضطراب ذهاني، فالعلاج يكون بالأدوية الطبية والعقاقير المضادة لهذه الحالات، وأهم شيءٍ: يجب أن يُعطى الدواء بالجرعة المناسبة وللوقت المناسب، حتى نحكم للدواء أو عليه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً