الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت هوايتي المفضلة لانشغالي بالدراسة فشعرت بالاكتئاب بعدها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية جزيل الشكر للأساتذة الفضلاء على ما يبذلونه من جهود، وأسأل الله -جل وعلا- أن يجعله في ميزان حسناتهم.

اعذروني -من فضلكم- إن كنت سأطيل الحديث، لكن حالتي مزرية، ولم أجد من يسمعني، فضلا على أنكم تعطونني حلا لمشكلتي.

أنا فتاة عمري 22 سنة غير متزوجة، في بداية دراستي الجامعية، لا أعاني -تقريبا- من أي ضغوطات أو مسؤوليات، مع ذلك أجد حياتي متعبة ومملة وفارغة جدا، لم أعد أشعر بوجودي، ولا أجد لحياتي أي طعم أو لون، وليس عندي أي هدف أو طموح يشجعني، أستيقظ شاعرة بالخمول والفراغ والاكتئاب، أذهب إلى الجامعة مكرهة، فليس لي أي دافع يحفزني، ولا أصدقاء يحمسونني، أجلس هناك لساعات صامتة كالحجر، فلا أحد من زملائي يكلمني، أو يلقي التحية علي، وكل ذلك لاختلاف لساني وجنسيتي عنهم (مع أنهم في النهاية عرب مثلي).

أواظب على أداء صلاتي في وقتها، وقراءة ورد يومي من القرآن، لكنني لا أكاد أنام إلا باكية، حيث أنني أعاني فراغاً فظيعا في روحي وقلبي، كانت عندي هواية بدأتها منذ سنتين وهي كتابة الروايات، كان لدي ألف متابع على الأقل على الإنترنت، يتابعون أعمالي ويشجعونني دوما، كنت سعيدة جداً وفخورة، وازدادت ثقتي بنفسي بعد أن كانت شبه معدومة، لكنني توقفت عن الكتابة قبل عدة أشهر، خشية أن تشغلني عن دراستي الجامعية، ومن هنا بدأت مشاكلي النفسية تظهر وتستفحل، فقد أحسست بفراغ عظيم يلف حياتي، ولم أعد أجد ذلك الاهتمام والحفاوة التي كنت أحظى بهما أثناء الكتابة، وحين استشعرت ضرورة عودتي للكتابة، لقتل هذا الفراغ الذي يدمر نفسيتي لم أستطع ذلك.

أتحمس للكتابة في البداية، ثم ما ألبث أن أشعر بالخمول والاكتئاب، وأغرق في اليأس، ولم أعد أفهم ذاتي، ولا أعرف ما أريد، فهل هذا الاكتئاب ناجم عن ترك هوايتي؟ وإن كان نعم، فلم أنا مشوشة ويائسة، ولا أستطيع المواصلة رغم محاولاتي مرارا، فكيف أجد هدفي وأستعيد حيويتي وإقبالي على الحياة؟

أفيدوني، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Talipat حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع، أعانك الله على الخروج من هذا الحال الذي وصفتيه في رسالتك، ومعذرة على التأخر لأسباب متعددة.

حقيقة من الصعب أن نؤكد أو ننفي وجود الاكتئاب السريري، وبالرغم من أنك ذكرت عددا من الأعراض التي تشترك عادة مع صورة الاكتئاب، وإن كان يغلب على ظني أنها ليست حالة من الاكتئاب، وإنما هي أقرب لأن تكون ردة فعل إنسانية نفسية طبيعية، وخاصة بعد أن هجرتي الهواية التي تحبينها من الكتابة والتأليف، فربما كلنا إذا اضطر الواحد منّا لترك الهواية التي يحبها، فمن الطبيعي أن يشعر ببعض الحزن أو الانزعاج.

كنت أحب أن أسمع منك أكثر عن طبيعة حياتك الأسرية والاجتماعية، فهناك احتمال كبير لعلاقة مشاعرك التي تشعرين بها الآن، أن لها علاقة بتفاصيل حياتك الشخصية والمعيشية، ومنها مثلا أنك تعيشين في مجتمع غير مجتمعك الأم، فهناك الفروق الثقافية والاجتماعية وربما غيرها الكثير، مما يجعلك تشعرين بعدم الراحة في هذا المجتمع، وكذلك كنت أحب أن أسمع منك عن علاقاتك الاجتماعية والصداقات، فهي أيضا يمكن أن تبرر ما تمرّين به من حالة نفسية.

أنصحك بالعودة للنشاط الذي تحبين من الكتابة والتأليف، وبالرغم من ضرورة الدراسة وضغط الوقت، فبعض الأنشطة التي تريح الطالب هي ليست مضيعة للوقت، بل على العكس ستشعرين بالنشاط والحيوية، مما ينعكس إيجابيا على دراستك وتحصيلك العلمي، ولا شك أن نمط الحياة الصحي يمكن أن يعينك كثيرا على استعادة نشاطك وحيويتك في الحياة، ومن هذا مثلا نظام التغذية الصحي، وساعات النوم المناسبة، والأهمية الكبيرة للنشاط الرياضي، والذي هو -على فكرة- من مضادات الاكتئاب، فاحرصي على الرياضة، وإذا لم تتمكني من التغيير المطلوب من نفسك، فيمكنك استشارة الأخصائية في الجامعة، حيث يمكنها أن تجري معك عدد من الجلسات الإرشادية النفسية، مما يساعدك على تحقيق التغيير المطلوب.

أرجو أن يكون في هذا ما يفيد، ووفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً