الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي في الحفظ والدراسة، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، أعاني من قلة المذاكرة والحفظ، فلم يسبق لي أنني ذاكرت كتابا كاملا في مراحل دراستي، فعندما يأتي وقت المذاكرة، كنت أنظر في صفحة أو صفحتين أقلبهما حتى يضيع الوقت.

أندم وأتحسر لعدم مذاكرتي قبل الاختبار، وكان يأتي اليوم التالي وأقول: سأذاكر، ولكنني لا أفعل، فأشعر بالملل والصداع، ويضيع الوقت في أي شيء، فالبرغم من أنني أحب الدراسة، لكنني لا أستطيع الحفظ، فما توجيهكم لحالتي؟

مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا شك أن النفس الإنسانية تحاول دوما التمرد على صاحبها، فما لم تعتد عليه، فإنها تحاول التهرب منه، حتى تعتاد عليه.

وكما ذكرت في رسالتك من أنه لم يسبق لك أن ذاكرت كتابا كاملا في حياتك، مما يجعل نفسك تحاول التمرد على أمنياتك ورغباتك، ليس لضعف فيك، وإنما لأن نفسك لم تعتد بعد على الجلوس مطولا للدراسة والمذاكرة والمراجعة، ولذلك فأنت بعد وقت قليل من الجلوس، تبدئين بالشعور بالملل والضيق والصداع، حتى (تطفشي)، مع أنك تحبين الدراسة.

فإذا عقلك وقلبك يريدان الدراسة والتحصيل، إلا أن نفسك لم تعتد بعد على مثل هذه الجلسات المطوّلة، فما العمل؟

لعلك أدركت أن المطلوب هو أن تنمي عندك عادة الجلوس الطويل للدراسة والمذاكرة، ولكن لا بد من شيء من التدريج في هذه الدراسة، ويمكن أن تبدئي اليوم بالجلوس للدراسة المركّزة لمدة 15 دقيقة فقط، وأنا أريد منك بعد هذه 15 دقيقة، أن تتوقفي عن الدراسة، وتذهبي وتقومي بعمل تحبيه، مهما كانت طبيعة هذا العمل.

وبعد نصف ساعة تقريبا، عودي للدراسة لمدة 15 دقيقة أخرى، وفقط 15 دقيقة، ومن ثم الاستراحة والمتعة مجددا، ويكفي هذا لليوم الأول، وفي اليوم التالي كرري ما سبق لثلاث مرات، وفي اليوم التالي لأربع مرات، وبذلك تكوني قد درست لمدة ساعة كاملة، وإنما هي مقسّمة على أربعة أرباع.

ومن بعدها كرري الأمر ذاته، ولكن هذه المرة لمدة 20 دقيقة، ومن ثم زيدي بالقدر الذي ترتاحين إليه، وأنا أشجع عادة على اتخاذ الخطوات والمبادرات الصغيرة، بدل الخطوات الطويلة، أو الكبيرة التي قد نعجز عن القيام بها دفعة واحدة.

وكما يقول الشاعر: والنفسُ كالطفلِ إن تتركهُ شبَّ على... حُبِّ الرضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم.

وفي الواقع ليس هناك طريقة واحدة للدراسة تناسب كل الطلاب، فظروف كل طالب تختلف عن الآخرين، والأعمال والمسؤوليات مختلفة، والوقت المتاح أيضا مختلف، وما يناسب طالبا ليس بالضرورة يناسب طالبا أخر، وربما هناك بعض الملاحظات العامة والتي تفيد الجميع، ومنها على سبيل المثال:

• لا تستقلي قيمة أي وقت مهما قصرت مدته، فأحيانا في الربع ساعة يمكن أن تحققي ما هو بقيمة ساعة أو ساعتين.

• استفيدي مما يسمى "نوافذ الوقت"، وهي الفترات الصغيرة بين عمل وآخر، فمثلا وقت الفراغ بين نشاط وآخر، فهذه الأوقات القصيرة يصبح مجموعها الوقت الطويل من خلال الزمن.

• إذا كنت من النوع الصباحي، أي أنك أنشط ما تكوني في فترة الصباح، فاستغلي وقت الصباح في الأعمال التي تتطلب جهدا ذهنيا، وكما يقول الرسول الكريم: "بورك لأمتي في بكورها" أي فترة الصباح الباكر، وإذا كنت من النوع المسائي، فأيضا استفيدي من هذه الساعات في المساء بالشكل المناسب.

• حاولي أن تقللي قدر الإمكان من مضيّعات الوقت، كالوقت الذي تقضيه على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي.

• حاولي أن تجمعي بين عملين معا، فيمكنك مثلا أن تراجعي حفظ بعض الآيات القرآنية، أو غيرها مما تريدين حفظه، وأنت تقومين بعمل آخر كارتداء الملابس، أو العمل في إعداد الطعام، أو الذهاب في الباص.

• لا بد أن تعطي فرض الواقع حقه، ففي وقت الصلاة أفضل ما تقومي به هو الصلاة، ووقت الدراسة الاختبار هو الأفضل، وهكذا.

بارك الله فيك، وكلل جهودك بالتوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً